تُعد الدهون الغذائية مثار جدل إلى حد كبير، فالنقاشات على أشُدّها حول الدهون الحيوانية وزيوت البذور وكل ما بينهما. ومع ذلك يتفق معظم الناس على أن زيت الزيتون البكر الممتاز صحي للغاية.

لقد كان هذا الزيت التقليدي جزءًا من حمية البحر الأبيض المتوسط وعنصرًا غذائيًا أساسيًا لبعض سكان العالم الذين ينعمون بأكبر قدر من الصحة. تُظهر الدراسات أن الأحماض الدهنية ومضادات الأكسدة في زيت الزيتون تقدّم بعض الفوائد الفعّالة بما في ذلك تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

يستعرض هذا المقال لماذا يعتبر زيت الزيتون البكر الممتاز من أكثر الدهون صحية.

ما زيت الزيتون؟ وكيف يُستخرج ؟

زيت الزيتون هو الزيت الذي يُستخرج من ثمار شجرة الزيتون.

تعد عملية الإنتاج بسيطة للغاية، فيمكن عصر الزيتون لاستخراج الزيت، ولكن الأساليب الحديثة تتضمن سحق الزيتون وخلطه معًا ثم فصل الزيت عن اللب في جهاز طرد مركزي (مِنبذة).

تبقى كميات صغيرة من الزيت في الثفل بعد عملية الفصل، و يمكن استخلاص الزيت المتبقي باستخدام مذيبات كيميائية ويعرف باسم زيت ثفل الزيتون، الذي يعد أرخص بشكل عام من زيت الزيتون العادي ولكنه ذو سمعة سيئة.

شراء النوع المناسب من زيت الزيتون أمر بالغ الأهمية، إذ توجد ثلاث درجات رئيسية لزيت الزيتون : المكرر والبكر والبكر الممتاز، هذا ويعد الأخير أقل الأنواع معالجةً أوتكريرًا، وأفضلها من الناحية الصحية، فهو يُستخرج باستخدام طرق طبيعية ومراعية للنقاء وبعض المزايا الحسية كالطعم والرائحة.

زيت الزيتون البكر الممتاز له طعم مميز وغني بمضادات الأكسدة الفينولية التي تعد السبب الرئيسي لفائدته.

لا يمكن من الناحية القانونية تخفيف الزيوت النباتية المصنفة على أنها زيت زيتون بأنواع أخرى من الزيوت، ومع ذلك فإنه من الضروري فحص الملصق بعناية والشراء من بائع حسن السمعة.

التركيب الغذائي لزيت الزيتون البكر الممتاز

يعد زيت الزيتون البكر الممتاز مغذيًا تمامًا، فهو يحتوي على كميات بسيطة من الفيتامينات E و K والكثير من الأحماض الدهنية المفيدة.

تحتوي ملعقة طعام واحدة (13.5 جرام) على:

  •  14% دهون مشبعة.
  •  73% دهون أحادية غير مشبعة ( في معظمها حمض الأوليك).
  •  13% من القيمة اليومية لفيتامين E.
  •  7% من القيمة اليومية لفيتامين K.

من الجدير بالذكر أيضًا أن زيت الزيتون يتميز بمحتواه من مضادات الأكسدة، الفعالة على المستوى الحيوي، ويمكن أن يساهم بعضها في مكافحة الأمراض الخطيرة.

تتضمن مضادات الأكسدة الرئيسية في الزيت: الأوليوكانثال المضاد للالتهاب، بالإضافة إلى الأوليوروبين وهي مادة تحمي LDL (الكوليسترول الضار) من التأكسد.

لقد انتقد البعض زيت الزيتون نظرًا إلى أن نسبة أوميغا 6 إلى أوميغا 3 فيه مرتفعة (أكثر من 1:10)، ومع ذلك تبقى إجمالي كمية الدهون العديدة غير المشبعة فيها منخفض نسبية، لذلك لا ينبغي أن يكون ذلك مدعاة للقلق.

يحتوي زيت الزيتون البكر الممتاز على مواد مضادة للالتهاب

يُعتقد أن الالتهاب المزمن من العوامل الرئيسية للعديد من الأمراض بما في ذلك أمراض القلب والسرطان والمتلازمة الاستقلابية والسكري والتهاب المفاصل.

يفترض البعض أن قدرة زيت الزيتون على مقاومة الالتهابات هي وراء فوائده الصحية العديدة. فقد اكتُشف تأثير حمض الأوليك -وهو من الأحماض الدهنية الأبرز في زيت الزيتون- في تقليل الواسمات الالتهابية مثل بروتين C التفاعلي.

ومع ذلك، يبدو أن التأثيرات الرئيسية المضادة للالتهابات للزيت ترجع إلى مضادات الأكسدة وخاصة الأوليوكانثال، التي ثبت أنها تعمل مثل الإيبوبروفين (العقار الشهير المضاد للالتهاب). يقدّر الباحثون أن كمية الأوليوكانثال في 50 مل (حوالي 3.4 ملعقة طعام) من زيت الزيتون البكر الممتاز لها تأثيرات مشابهة لتلك الخاصة بـ 10 ٪ من جرعة إيبوبروفين للبالغين لتخفيف الآلام.

وأظهرت دراسة أيضًا أن المواد الموجودة في زيت الزيتون يمكنها تقليل تعبير الجينات والبروتينات التي تتواسط الالتهابات.

ضع في اعتبارك أن الالتهاب المزمن منخفض المستوى عادة ما يكون خفيفًا إلى حد ما، ويستغرق الأمر سنوات أو عقودًا حتى يحدث ضررًا.
قد يساعد استخدام زيت الزيتون البكر الممتاز في الوقاية من حدوث ذلك، إذ يؤدي إلى تقليل خطر الأمراض الالتهابية المختلفة.

زيت الزيتون البكر الممتاز والأمراض القلبية الوعائية

تعد أمراض القلب والأوعية الدموية مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية من أكثر أسباب الوفاة شيوعًا في العالم.

تُظهر العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة أن الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض منخفضة في مناطق معينة من العالم وخاصة في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.

أثارت هذه الملاحظة مبدئيًا الاهتمام بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، الذي من المفترض أن يحاكي الطريقة التي يأكل بها الناس في تلك البلدان.

فأظهرت الدراسات التي أجريت على حمية البحر الأبيض المتوسط أنه يمكن أن يساعد زيت الزيتون على الوقاية من أمراض القلب، ففي إحدى الدراسات البارزة قلل من النوبات القلبية والسكتات الدماغية والموت بنسبة 30٪.

يحمي زيت الزيتون البكر الممتاز من أمراض القلب بآليات عديدة:

  1.  تقليل الالتهاب: يقي زيت الزيتون من الالتهابات التي تعد السبب الرئيسي لأمراض القلب.
  2.  تقليل أكسدة الكوليسترول الضارLDL: يقي الزيت جزيئات LDL من الأكسدة، وهو عامل رئيسي في الإصابة بأمراض القلب.
  3.  يحسن صحة الأوعية الدموية: إذ يحسن زيت الزيتون وظيفة بطانة الأوعية الدموية.
  4.  يساعد في تدبير تخثر الدم: تشير بعض الدراسات إلى أن زيت الزيتون يمكن أن يساعد في منع تخثر الدم غير المرغوب فيه، الذي يعد سمة أساسية للنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
  5.  يخفض ضغط الدم: فقد كشفت إحدى الدراسات التي أجريت على المرضى الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم أن زيت الزيتون ينقص ضغط الدم بشكل كبير ويقلل الحاجة إلى أدوية ضغط الدم بنسبة 48٪.

بالنظر إلى التأثيرات الحيوية لزيت الزيتون، فإنه من غير المستغرب أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة منه يكونون أقل عرضة بكثير للوفاة من النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

أظهرت العشرات من الدراسات التي أجريت على الحيوانات والبشر أن زيت الزيتون له فوائد كبيرة للقلب.

في الواقع إن الأدلة قوية بما يكفي لتوصية الذين لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب بأن يُدرجوا الكثير من زيت الزيتون البكر الممتاز في وجباتهم الغذائية.

فوائد صحية أخرى لزيت الزيتون البكر الممتاز

على الرغم من أن زيت الزيتون قد تمت دراسته غالبًا بسبب آثاره على صحة القلب، فقد ارتبط استهلاكه أيضًا بعدد من الفوائد الصحية الأخرى.

 زيت الزيتون والسرطان:

يعد السرطان سببًا شائعًا للوفاة، وأظهرت الدراسات أن سكان دول حوض البحر الأبيض المتوسط لديهم مخاطر منخفضة نسبيًا للإصابة بالسرطان، وافترض البعض أن زيت الزيتون له علاقة بهذا.

تُعتبر الأذية التأكسدية عاملًا مساهمًا في الإصابة بالسرطان الناجمة عن الجزيئات الضارة التي تسمى الجذور الحرة. ومع ذلك فإن زيت الزيتون البكر الممتاز يحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة التي تقلل الأذية التأكسدية، إذ يعد حمض الأوليك الموجود في زيت الزيتون مقاوم بشدة للأكسدة وقد ثبت أن له آثارًا مفيدة على الجينات المرتبطة بالسرطان.

كشفت العديد من الدراسات التجريبية أن المركبات الموجودة في زيت الزيتون يمكن أن تساعد على مقاومة السرطان على المستوى الجزيئي. ومع ذلك فإن التجارب المجراة على البشر لم تحدد بعد ما إذا كان زيت الزيتون يساعد في الوقاية من السرطان أم لا.

 زيت الزيتون وألزهايمر:

يعد مرض ألزهايمر أكثر أمراض التنكس العصبي شيوعًا في العالم وسببًا رئيسيًا للخرف. تتمثل إحدى ميزات مرض ألزهايمر في تراكم عقيدات بروتينية تسمى لويحات بيتا أميلويد في بعض الخلايا العصبية في الدماغ.

كشفت دراسة أجريت على الفئران أن مادة في زيت الزيتون يمكن أن تساعد على إزالة هذه اللويحات. وأظهرت دراسة أجريت على البشر أن اتباع نظام غذائي متوسطي غني بزيت الزيتون يحسن وظائف المخ ويقلل من خطر قصور الوظيفة المعرفية.

هل يمكن الطهو بزيت الزيتون؟

يمكن أن تتأكسد الأحماض الدهنية أثناء الطهو ما يعني أنها تتفاعل مع الأكسجين وتتلف، والروابط الثنائية في جزيئات الأحماض الدهنية هي المسؤولة في الغالب عن ذلك. لذا فإن الدهون المشبعة التي ليس لها روابط ثنائية تقاوم الحرارة العالية، وفي الوقت نفسه فإن الدهون المتعددة غير المشبعة التي لها العديد من الروابط الثنائية حساسة وتتلف.

يحتوي زيت الزيتون في الغالب على أحماض دهنية أحادية غير مشبعة لها رابطة ثنائية واحدة فقط، وهي مقاومة إلى حد ما للحرارة العالية. فقد سخّن الباحثون زيت الزيتون البكر الممتاز -في إحدى الدراسات- إلى 180 درجة مئوية لمدة 36 ساعة، وكان الزيت شديد المقاومة للتلف.

استخدمت دراسة أخرى زيت الزيتون في القلي العميق، وقد استغرق الأمر 24-27 ساعة حتى يصل إلى مستويات التلف التي اعتُبرت ضارة.

فيبدو أن زيت الزيتون عمومًا آمن جدًا حتى عند الطهي على درجة حرارة عالية نسبيًا.

الخلاصة

  • يُعد زيت الزيتون صحيًا جدًا.
  • بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض القلب أو لديهم خطورة عالية للإصابة بها، فإن زيت الزيتون بكل تأكيد غذاء مفيد.
  • تُعد فوائد هذه الدهون الرائعة من بين الأشياء القليلة التي يتفق عليها معظم المتخصصين في مجال التغذية.

اقرأ أيضًا:

زيت الزيتون: أنواعه وفوائده الصحية

خرافات عن زيت الزيتون

ترجمة: هلا حبيب مسلم

تدقيق: نايا بطّاح

المصدر