تمكنت ورقة مثيرة تم نشرها في مجلة (Chemical Communications) من القيام بشيء يبدو غيرَ مألوف؛ لقد جعلت عنصر كيميائي صغير يختفي من التاريخ.

ومن المحتمل أنه لم يكن موجودًا على الإطلاق، وهو ما قد يعني أنّ الكثير من دراسات الكيمياء الموجودة ورغم أنها لا تزال صالحة إلى حدٍّ كبير، قد استندت في عملها على افتراض زائف.

هذه الدراسة التي قامت بها جامعة غرب أستراليا وجامعة موردوخ، و قد كانت مصادفة إلى حدٍّ ما.

إذْ كانوا يحققون في فعالية المحاليل الكبريتية في الحد من انبعاثات الزئبق من المصافي التي تنتج الألومينا.

وهذا يبدو اختصاصيًّا بشكل كبير، لكنه لغز صناعي مهم يشمل معالجة المعادن وتلوث البيئة اللذين عملت عليهما العديد من الدراسات على مر السنين.

على أي حال، شمل هذا المشروع تجارب كيميائية محددة بدقة، استُخدمت فيها مركبات مختلفة ومتنوعة من الكبريت.

وخلال تحقيقاتهم كانوا ينظرون أيضًا إلى نوع كيميائي معين، وهو أيّون S2.

على الرغم من أن هذا الأيون موجود بالتأكيد بأشكال مختلفة، إلا أنهم كانوا يحاولون العثور على أدلة تجريبية عليه في محلول مائيّ (المحلول المائيّ هو سائل يعمل فيه الماء باعتباره مادة مذيبة).

باستخدام خليط معقد من الكبريت مع مركبات كيميائية، يُذاب الخليط في محاليل مائية مركزة ويوضع في منظار رامان للطيف.

إذْ يستخدم هذا الجهاز ليزر لإثارة الجزيئات المستهدفة بالطاقة، وباستخدام الضوء المتناثر يستطيع الكاشف وخوارزمية فك الشيفرة معرفة الأنواع الكيميائية الموجودة.

وعلى الرغم من أن هذه لم تكن مجرد طريقة بسيطة للاكتشاف مثل طريقة اكتشاف البكتيريا من خلال المجهر، إلّا أنّ الفريق لم يجد أيّ دليل لوجود العنصر الكيميائي على الإطلاق.

وقال البروفيسور بيتر ماي من جامعة موردوخ لـموقع (IFLScience): «لم يعد هناك أي دليل تجريبي ظاهري على وجود S2- في محلول مائي».

وتشير ورقة الفريق إلى أنه على الرغم من استبعاد وجود كميات كبيرة من S2- في محلول مائي منذ أكثر من 30 عامًا، فإنّ عملهم الجديد يثير شكوك جديّة حول تكوين الأيّونات صعبة الإيجاد أيًّا كانت.

وعلى الرغم من توضيحهم أنّه لا يمكن إثبات عدم وجود نوع كيميائيّ، إلّا أنّه ببساطة لا يوجد دليلٌ موثوقٌ به على وجود أيّون شبحي معين في محلول مائي.

هذه الأنواع ليست مجرد جانبٍ ثانويّ في الكيمياء.

وقد ظهرت في الكتب المدرسية والدراسات وقواعد البيانات، باعتبارها حجر الأساس في الديناميكا الحرارية للكبريتيد (وهو مركب ثنائي من الكبريت مع عنصر أو مجموعة أخرى).

ونتيجة لذلك، يقترح الفريق إزالتها من المؤلفات العلميّة على الفور لوقف أي حسابات خاطئة تنطوي على أنظمة كبريتية أخرى.

وفي الواقع، تُختتم الورقة بملاحظة قويّة نوعًا ما تطالب بحذف هذه المركبات بشكل شامل من قبل المجتمع الكيميائيّ.


  • ترجمة: حبيب بدران.
  • تدقيق: سهى يازجي.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر