يشير مصطلح إخفاق السوق إلى التوزيع غير الملائم للسلع والخدمات في السوق الحرة، ففي السوق النموذجي الحر تتحدد أسعار السلع والخدمات بواسطة قوة العرض والطلب، ويؤدي أي تغير على إحدى تلك القوى إلى تغير في السعر وتغير مماثل في القوة الأخرى، إلى أن تقود التغيرات إلى توازن السعر، فلماذا تفشل السوق إذن؟

يحدث فشل السوق عندما توجد حالة من عدم التوازن نتيجة خلل في السوق، ويكون ذلك حين لا تتساوى كمية البضائع والخدمات المطروحة مع كمية البضائع والخدمات المطلوبة. وتعد قوة الاحتكار وحدود الأسعار ومستلزمات الحد الأدنى للأجور والتشريعات الحكومية بعضًا من الاضطرابات التي تؤثر على السوق الحرة.

مسببات إخفاق السوق

قد ينتج إخفاق السوق من أسباب متعددة، وتشمل:

1- التأثير الخارجي:

يشير مصطلح التأثير الخارجي إلى التكلفة أو المنفعة الناتجة من صفقة ما حين تؤثر في طرف ثالث لم يقرر الارتباط بالمنفعة أو التكلفة. وقد يكون التأثير الخارجي إيجابيًا أو سلبيًا، فمثلًا، ينفع توفير تعليم عام جيد الطلابَ عمومًا، لكن فوائده ستعم على كامل المجتمع، وبهذا يكون التأثير الخارجي إيجابيًا في الطرف الثالث.

من جهة أخرى، يُعرف التأثير الخارجي السلبي بإنه تأثير سلبي ناتج عن استهلاك منتج ما، وذلك يؤثر بدوره سلبيًا في الطرف الثالث. فمثلًا، مع أن تدخين السجائر ضار بالمدخن بشكل أساسي، فإنه يسبب أيضًا تأثيرًا سلبيًا في صحة الأشخاص المحيطين بالمدخن.

2- السلع العامة:

السلع العامة هي بضائع يستهلكها عدد كبير من السكان، وتكلفتها لا تزداد بازدياد عدد مستهلكيها، وتعد السلع العامة غير منافسة ولا يمكن استبعادها. ويُقصد بالاستهلاك غير المتنافس بأن البضائع تتخصص بكفاءة لجميع السكان إذا توفرت دون تكلفة، بينما يُقصد بالاستهلاك غير القابل للاستبعاد أنه لا يمكن استثناء غير الدافعين من استهلاكها.

قد تخلق السلع العامة عجز السوق إذا فشل قسم من السكان الذين يستهلكون السلع في الدفع لكنهم استمروا في استخدام السلعة وكأنهم دافعون فعليون. ومثال ذلك خدمة الشرطة، إذ تعد منفعة عامة يحق لكل مواطن التمتع بها سواء كان من دافعي الضرائب للدولة أم لا.

3- الرقابة السوقية:

تحدث الرقابة السوقية عندما يمتلك المشتري والبائع القدرة على تحديد سعر السلع والخدمات في السوق، وتمنع هذه القدرة القوى الطبيعية للعرض والطلب من تحديد الأسعار للسلع والخدمات في السوق.

على جانب العرض، بوسع البائع أن يتحكم بأسعار البضائع والخدمات إذا وُجد عدد محدود من البائعين المهيمنين أو بائع وحيد كبير، فيمكن للبائعين عندها أن يتآمروا لتحديد أسعار عالية لزيادة عائداتهم. وقد يتحكم البائعون أيضًا بكمية السلع المنتجة في السوق، وقد يتآمروا لخلق نقص بضائع في السوق وذلك بهدف رفع أسعار البضائع.

على جانب الطلب، بوسع المشتري التحكم في أسعار السلع في السوق عندما يوجد في السوق مشترٍ كبير واحد أو عدد محدود من المشترين المسيطرين، فقد يمارس المشترون هيمنتهم بالتواطؤ لتحديد السعر على المنتجات الراغبين بشرائها من المنتجين، وتمنع هذه الممارسة السوق من مقارنة عرض السلع والخدمات إلى الحاجة لها.

4- معلومات غير كاملة عن السوق:

قد ينتج عجز السوق عن نقص المعلومات الملائمة بين البائعين والمشترين، ما يعني أن السعر على العرض والطلب لا يعكس كل الفوائد أو تكاليف الفرصة البديلة للسلعة. قد يعني نقص المعلومات من طرف المشتري إنه قد يكون راغبًا في دفع سعر مرتفع أو منخفض للمنتج وذلك لعدم معرفته فوائده الفعلية.

في الجهة المقابلة، قد تعني المعلومات غير الكافية من جهة البائع أنه على استعداد لقبول سعر أعلى أو أخفض للمنتج من تكلفة الفرصة البديلة الفعلية لإنتاجه.

حلول إخفاقات السوق

يمكن تطبيق عدد من الإصلاحات من أجل التغلب على إخفاقات السوق، وتشمل:

1- استخدام التشريعات:

قد تتمكن الحكومات من إدارة عجز الأسواق بتطبيق التشريع الذي يغير السلوك، فمثلًا، بوسع الحكومة أن تمنع السيارات من الحركة في مراكز المدن، أو فرض مخالفات مرتفعة للشركات التي تبيع الكحول لمن هم تحت السن القانوني، لأن التدابير تتحكم بالسلوكيات غير المرغوب فيها.

2- آلية الأسعار:

وُجدت آليات الأسعار لتغيير سلوك المستهلكين والمنتجين. فتستطيع الحكومة إعاقة استهلاك المنتجات التي تسبب أذىً للمستهلكين بواسطة زيادة الضرائب عليها، فمثلًا، تزداد الضرائب على السجائر والكحول دوريًا لإعاقة استهلاكها وتقليل تأثيرها الضار في أطراف ثالثة غير مرتبطة مباشرةً بها.

اقرأ أيضًا:

ما هي القيمة السوقية؟

لماذا لا تنخفض الأسعار في فترة الركود؟

ترجمة: يوسف حمد

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر