العلاقة بين قصور الغدة الدرقية والرجفان الأذيني معقدة وغير مفهومة تمامًا. تشير بعض الدراسات إلى وجود ارتباط، في حين تشير أخرى إلى وجود تأثير وقائي محتمل.

تؤثر هرمونات الغدة الدرقية كثيرًا على وظيفة القلب والجهاز الوعائي.

أمراض الغدة الدرقية، لا سيما قصور الدرقية، من عوامل الخطر المعروفة للرجفان الأذيني، وهو اضطراب في معدل ضربات القلب (غير منتظم وسريع). وله أن يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والفشل القلبي.

مع ذلك، كيفية تأثير قصور الدرق -وهو حالة مرضية يصبح فيها إنتاج الهرمونات غير كافٍ- على الرجفان الأذيني ليست واضحة. على الرغم من أن قصور الغدة الدرقية قد يؤدي إلى عوامل خطر أخرى مرتبطة بالرجفان الأذيني، فإن الارتباط المباشر بين قصور الغدة الدرقية والرجفان الأذيني يبقى غير واضحًا.

هل الرجفان الأذيني شائع مع قصور الغدة الدرقية؟

يمكن أن يرتبط الرجفان الأذيني بقصور الغدة الدرقية وفرط نشاطها، على الرغم من أن علاقته مع فرط النشاط هي الأكثر شيوعًا.

تشير بعض الدراسات إلى أن قصور الغدة الدرقية شائع بشكل ملحوظ في الرجفان الأذيني، وقد يتجاوز حتى الحالات المرافقة لفرط نشاطها.

على سبيل المثال، في دراسة أجريت عام 2022 على 2000 شخص يعانون من الرجفان الأذيني، وجد الباحثون أن 10.5% منهم يعانون أمراض الغدة الدرقية، و 90% منهم يعانون قصور الغدة الدرقية، و6.1% يعانون فرط نشاط الغدة الدرقية، و3.3% لديهم وظيفة الدرق طبيعية.

في السياق الأوسع، قصور الغدة الدرقية أكثر انتشارًا من فرط نشاط الدرقية. على سبيل المثال، عند النساء، تحدث هذه الحالات بنسب تبلغ 5.9% و2% على التوالي.

هل يمكن أن يسبب قصور الغدة الدرقية الرجفان الأذيني؟

أمراض الغدة الدرقية هي عامل خطر معروف للرجفان الأذيني.

وبشكل خاص، الرابط بين الرجفان الأذيني وفرط نشاط الغدة الدرقية موثوق تمامًا. وهذا منطقي لأن فرط نشاط الغدة الدرقية نفسه يمكن أن يزيد من معدل ضربات القلب ويسبب اضطرابات غير اعتيادية في ضربات القلب والنظم.

ومع ذلك، لم يُدرس الارتباط بين الرجفان الأذيني وقصور الغدة الدرقية جيدًا، ونتائج الأبحاث الحالية متنوعة، بل تشير بعض الدراسات إلى أن قصور الغدة الدرقية له تأثير وقائي ضد الرجفان الأذيني.

على سبيل المثال، أظهرت دراسة كبيرة أجريت في الدنمارك عام 2012 ونُشرت في سجل كبير أن قصور الغدة الدرقية كان مرتبطًا مع الرجفان الأذيني بمعدلات أقل بالنسبة للأشخاص الذين لديهم وظيفة درقية طبيعية.

وأظهرت دراسة في عام 2017 عدم وجود ارتباط ملحوظ بين قصور الغدة الدرقية الخفيف وخطر الرجفان الأذيني، ومع ذلك، يبدو أن فرط نشاط الغدة الدرقية -وهي الحد الأعلى من مستويات هرمونات الدرقية ضمن المجال الطبيعي- يرتبط بزيادة خطر الرجفان الأذيني.

بعكس ذلك، استنتجت دراسة في عام 2013 على الفئران أن كلاً من قصور الغدة الدرقية وفرط نشاطها يزيد من عرضة الفئران للإصابة بالرجفان الأذيني. مع ذلك، لا تترجم النتائج الموجودة في دراسات الحيوانات دائمًا إلى البشر.

يتطلب توضيح هذا الارتباط أكثر مزيدًا من البحث.

ما هو مستوى الهرمون المحرض للغدة الدرقية (TSH) الذي يمكن أن يسبب الرجفان الأذيني؟

العلاقة بين مستويات الهرمون المحرض للغدة الدرقية (TSH) وخطر الرجفان الأذيني معقدة، فإنها ليست بمعنى ارتفاع مستوى TSH محدّد يسبب الرجفان الأذيني.

في دراسة أجريت عام 2017 شملت 30085 مشاركًا، لم تؤثر مستويات TSH الأولية كثيرًا على خطر الرجفان الأذيني في الأشخاص الذين لديهم وظيفة درقية طبيعية أو قصور درقية خفيف. بينما أظهرت مستويات الثيروكسين الحرة الأعلى ضمن النطاق المتوقع ارتباطًا بزيادة خطر الرجفان الأذيني.

أشارت دراسة عام 2014 إلى وجود اتجاه لانخفاض خطر الرجفان الأذيني عند الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من TSH، التي تحدث في حالة قصور الغدة الدرقية. ومع ذلك، لم يكن هذا الاتجاه ذا دلالة إحصائية بسبب العدد المحدود من حالات الرجفان الأذيني في هذه المجموعة.

وجدت دراسة في عام 2008 أن تراجع مستويات TSH ضمن النطاق المتوقع (0.4-4.0 وحدة ميلي في اللتر) وزيادة مستويات الثيروكسين الحرة ضمن النطاق المتوقع (0.86-1.94 نانوغرام في الديسيلتر) ترتبط بزيادة خطر الرجفان الأذيني عند كبار السن.

مع ذلك، لا تذكر هذه الدراسة مستوى محدد لهرمون TSH يسبب الرجفان الأذيني. إنها تشير إلى أن المستويات ضمن المجال الطبيعي قد تؤثر على خطر الإصابة بالرجفان الأذيني.

ما العلاقة بين قصور الدرق ومشكلات القلب؟

يرتبط قصور الغدة الدرقية بعدة عوامل خطر قلبية لها أن تساهم بطريقة غير مباشرة في زيادة خطر حدوث الرجفان الأذيني، تشمل عوامل الخطر هذه السمنة وارتفاع ضغط الدم والسكري والالتهاب.

إضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أن قصور الغدة الدرقية يمكن أن يؤثر على نظم القلب وكيفية ضخ القلب وكيفية استجابة الأوعية الدموية. تسهم هذه العوامل مجتمعة في الارتباط غير المباشر بين قصور الغدة الدرقية والرجفان الأذيني.

كيف يعالج الرجفان الأذيني في حالة قصور الغدة الدرقية؟

غالبًا ما يكون علاج الرجفان الأذيني عند الأشخاص المصابين بقصور الغدة الدرقية هو معالجة كلا الحالتين.

يُعالج الرجفان الأذيني بطريقتين رئيسيتين: ضبط معدل القلب الذي يهدف إلى الحفاظ على معدل ضربات القلب داخل نطاق معين، والتحكم في نظم القلب الذي يهدف إلى استعادة والحفاظ على نظم القلب الطبيعي.

تتعلق استراتيجيات ضبط معدل القلب ونظم القلب بنوع الأدوية الموصوفة، إذ يركز ضبط معدل القلب على تنظيم معدل ضربات القلب، بينما يركز التحكم في نظم القلب على ضمان استمرارية نبضات القلب.

من المهم أن نلاحظ أن الليفوثيروكسين -الدواء الذي يستخدم عادة لعلاج قصور الغدة الدرقية- يمكن أن يؤدي إلى سوء حالة الرجفان الأذيني في بعض الأحيان.

على الرغم من أن الليفوثيروكسين يعالج بفاعلية كبيرة مستويات هرمونات الغدة الدرقية عند الذين يعانون قصور الغدة الدرقية، إلا أنه ينصح بتوخي الحذر لتجنب جرعات مفرطة قد تزيد من تفاقم الرجفان الأذيني.

على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت في عام 2021 أن جرعات أعلى من الليفوثيروكسين (أكثر من 0.075 ملغ في اليوم) ارتبطت بخطر أعلى للرجفان الأذيني عند الأشخاص المسنين المصابين بأمراض الغدة الدرقية.

اقرأ أيضًا:

ما هو الرجفان الأذيني ؟

ما هو الرجفان الاذيني و ما هي مسبباته ؟

ترجمة: زينب منذر رزوق

تدقيق: المايا محمد علي

المصدر