يعد الفص الجبهي للدماغ عضوًا حيويًا مهمًا للوعي، بالإضافة إلى الوظائف التي يتفرد بها البشر مثل اللغة المنطوقة. وهو أكبر الفصوص الأربعة المقترنة في القشرة الدماغية، إذ يقع خلف الجبهة مباشرة ويساهم في مجموعة من الأدوار الحيوية، بما في ذلك التحكم بالذاكرة، والفكر المجرد، والإبداع، والانسجام الاجتماعي والمهام الحركية التي تشمل الحركة الإرادية.

من الملاحظ إن أكثر الإصابات الدماغية شيوعًا هي إصابات الفص الجبهي. ويمكن أن يؤدي الضرر إلى مجموعة متنوعة من الأعراض، مثل عدم القدرة على الحركة وصعوبة التحدث والتغيرات في السلوك الاجتماعي. في هذه المقالة، سنتعرف على ماهية الفص الجبهي، والدور الذي يؤديه، وما يمكن توقعه في حالة ظهور مشكلات.

الفص الجبهي:

الفص الجبهي جزء من القشرة الدماغية، يتكون من فصين مقترنين ببعضهما هما القشرة الأمامية اليسرى واليمنى. وكما يوحي اسمه، يقع الفص الجبهي بالقرب من مقدمة الرأس وتحت عظام الجمجمة الأمامية وراء الجبهة.

جميع الثدييات لها فص أمامي، لكن الحجم والتعقيد يختلفان بين الأنواع.

يتحكم نصفا الدماغ إلى حد كبير في العمليات المنجزة من الجانبين المتقابلين من الجسم، وينطبق هذا أيضًا على الفص الجبهي. بناءً على ذلك، يؤثر الفص الجبهي الأيسر على عضلات الجانب الأيمن من الجسم. وبالمثل، يتحكم الفص الجبهي الأيمن في عضلات الجانب الأيسر من الجسم. وهذا يحدد كيف تؤثر إصابة الدماغ على الجسم.

الدماغ عضو معقد، يتكون من مليارات الخلايا التي تعمل معًا وتسمى الخلايا العصبية، وما يزال العلماء يكتشفون آلية عمل الخلايا العصبية. يعمل الفص الجبهي جنبًا إلى جنب مع مناطق الدماغ الأخرى، ويساهم في وظائف الدماغ بشكل عام.

مثلًا، يعتمد تكوين الذاكرة على المدخلات الحسية التي تعتمد على مناطق عدة من الدماغ. على هذا النحو، من الخطأ أن نعزو أي وظيفة محددة للدماغ إلى منطقة واحدة. علاوةً على ذلك، يعيد الدماغ توصيل نفسه بنفسه للتعويض عن الإصابة عند حدوثها.

وظائف الفص الجبهي:

يؤدي الفص الجبهي دورًا رئيسيًا في التخطيط المستقبلي، بما في ذلك الإدارة الذاتية واتخاذ القرار. يجد الأشخاص المصابون بتلف الفص الجبهي صعوبةً في جمع المعلومات وتذكر التجارب السابقة واتخاذ القرارات بناءً على المدخلات. تتضمن بعض الوظائف العديدة الأخرى التي يؤديها الفص الجبهي في الوظائف اليومية ما يلي:

  •  إنتاج الكلام واللغة: تساعد منطقة بروكا -وهي منطقة في الفص الجبهي- على تحويل الأفكار إلى كلمات. لذلك، فإن الضرر الذي يلحق بهذه المنطقة يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في الكلام بطلاقة.
  •  بعض المهارات الحركية: يضم الفص الجبهي القشرة الحركية الأولية، ما يساعد على التحكم في الحركات الإرادية، بما في ذلك المشي والجري.
  •  مقارنة الأشياء: يساعد الفص الجبهي على تصنيف الأشياء وتصنيفها وتمييز عنصر عن آخر.
  •  تكوين الذكريات: تقريبًا، لكل منطقة دماغية دور في تكوين الذاكرة، والفص الجبهي ليس استثناءً لذلك. مع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الفص الجبهي له دور رئيسي في تكوين الذكريات طويلة المدى.
  •  فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها: الفص الجبهي ذو أهمية بالغة عندما نتحدث عن التعاطف.
  •  تشكيل الشخصية: يساعد التفاعل المعقد على التحكم في الانفعالات والذاكرة والمهام الأخرى التي تندرج تحت مسمى تكوين الصفات الرئيسية للفرد. وهذا يقودنا لحتمية تأثير تلف الفص الجبهي على شخصية الفرد.
  •  سلوكيات البحث عن المكافأة والتحفيز: توجد العديد من الخلايا العصبية الحساسة للدوبامين في الدماغ في الفص الجبهي. والدوبامين هو مادة كيميائية في الدماغ تساعد على دعم مشاعر المكافأة والتحفيز.
  •  إدارة الانتباه، بما في ذلك التركيز الانتقائي: عندما لا يستطيع الفص الجبهي إدارة الانتباه بشكل صحيح، قد تتطور حالات مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).

آثار الأضرار في الفص الجبهي:

جاء الفهم المبكر والأبحاث حول وظيفة الفص الجبهي من دراسة عامل السكك الحديدية، فينياس غيج عام 1848.

نجا غيج بعد إصابة جزء من الفص الجبهي عن عمر يناهز 25 عاما. وعلى الرغم من نجاة غيج، لكنه فقد إحدى عينيه وجزءًا كبيرًا من شخصيته. تغيرت شخصية غيج بشكل كبير، إذ تغير العامل الذي كان معتادًا على الالتزام حتى بأبسط الخطط. وأصبح وقحًا في الكلام والسلوك ولم تعد لديه القدرة على التحكم في الانفعالات. مع ذلك، افتُرِض عدم معرفة شخصية غيج قبل حادثه بشكل دقيق، وقد تكون العديد من القصص عنه مبالغًا فيها أو خاطئة.

منذ ذلك الحين، قدم التصوير العصبي والأبحاث التي تركز على الأشخاص المصابين بتلف الفص الجبهي معلومات شاملة حول كيفية عمل الفص الجبهي.

تتضمن هذه المعلومات أسباب حدوث الضرر ما يلي:

  •  الخرف
  •  الإصابة الرضحية
  •  تصلب المتعدد
  •  ورم في المخ
  •  سكتة دماغية

كل ما يمكن تأكيده هو أنه لا يمكن التنبؤ بدقة بنتيجة أي إصابة معينة في الفص الجبهي، إذ تتطور الإصابات المتماثلة بشكل مختلف تمامًا عند كل شخص.

إذا كان الضرر يؤثر على الفص الجبهي بسبب ضربة في الرأس أو سكتة دماغية أو ورم أو خرف أو أمراض أخرى، فقد تظهر الأعراض التالية:

  •  مشاكل النطق واللغة.
  •  تغيرات في الشخصية.
  •  فقدان التنسيق.
  •  صعوبة التركيز.
  •  صعوبات في التحكم في الانفعالات.
  •  مشكلة في التخطيط أو الالتزام بجدول زمني.
  •  شلل في أجزاء معينة من الجسم.
  •  صعوبة في التخطيط لخطوات المهمة أو التفكير بمرونة.
  •  فقدان العفوية في التفاعلات مع الآخرين.
  •  فقدان النظرة الثاقبة للمشكلات وصعوبة في حلها.
  •  التغيرات في السلوك الاجتماعي وتقلبات الشخصية والمزاج.
  •  انخفاض الدافع.

الإصابة الدماغية المؤذية، وكيف يمكن أن تؤثر على الشخص؟

يجب علاج تلف الفص الجبهي لعلاج الأعراض الناتجة عنه، إذ يعالج الطبيب السبب الأساسي والأعراض.
قد يقوم الطبيب بالإجراءات التالية:

  •  وصف دواء لعلاج العدوى.
  •  إجراء عملية جراحية لإزالة النمو.
  •  إعطاء دواء لإذابة الجلطة الدموية.
  •  في حالة السكتة الدماغية، يوصى بإجراء تغييرات في النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة لتقليل خطر الإصابة بسكتة دماغية ثانية.
  •  وضع خطة علاج للرعاية طويلة الأمد.
  •  إذا كان الشخص مصابًا بالخرف، يُقترح إعادة التأهيل لمساعدة الشخص على استعادة أكبر قدر ممكن من الوظائف.

قد يحتاج الشخص رعايةً مستمرة، ويجب أن يعيد الأطباء تقييم استراتيجية العلاج باستمرار. قد يشمل الفريق معالجي النطق والمهنيين والأطباء والمعالجين النفسيين وأطباء الأعصاب واختصاصيي التصوير وغيرهم من المهنيين.

يحاول الدماغ في بعض الأحيان أن يتعلم الالتفاف حول الإصابة، إذ تعوض مناطق أخرى عن الضرر لمحاولة العودة للعمل. يساعد العلاج المهني وتصحيح النطق والعلاج الطبيعي في ذلك. وتفيد هذه العلاجات في المراحل المبكرة من الشفاء، أي عندما يبدأ الدماغ في الشفاء.

يؤثر تلف الفص الجبهي على الشخصية والعاطفة والسلوك، وتساعد الاستشارات الفردية والزوجية والعائلية في التعامل مع هذه التغييرات.

تفيد الأدوية التي تعالج مشكلات التحكم في الانفعالات في ذلك أيضًا، خاصةً للأشخاص الذين يواجهون صعوبةً بالاهتمام والتحفيز.

غالبًا ما يتنوع علاج تلف الفص الجبهي، ويكون التعافي من الإصابة عمليةً طويلة. قد يظهر التقدم فيها فجأةً أو غير متكرر. أو بكلماتٍ أخرى، يستحيل التنبؤ بطريقة التعافي الكامل، إذ يرتبط التعافي ارتباطًا وثيقًا بالرعاية الداعمة والتحديات المعرفية المنتظمة ونمط الحياة الذي يدعم الصحة الجيدة.

الأسئلة الشائعة:

فيما يلي بعض الإجابات على الأسئلة التي غالبًا ما يطرحها الأشخاص حول تلف الفص الجبهي.

 ما الذي يسبب مشاكل الفص الجبهي؟

ينتج تلف الفص الجبهي عن الخرف والإصابة الرضية، والتصلب المتعدد وورم المخ والسكتة الدماغية وأسباب أخرى.

 ما أعراض تلف الفص الجبهي؟

يمكن أن يؤثر تلف الفص الجبهي على الكلام واللغة والذاكرة والانتباه والحكم والإبداع والحركة والعاطفة والسلوك والوظائف الرئيسية الأخرى.

 هل هو قابل للعلاج؟

يعتمد العلاج على سبب الضرر. يمكن أن تساعد الأدوية في بعض أنواع الخرف، وقد يكون علاج النطق والعلاج الطبيعي مفيدًا لبعض الأشخاص.

اقرأ أيضًا:

ربما وجدنا الجزء من الدماغ حيث تعيش التجربة الواعية

كيف يحافظ الدماغ على تركيزه رغم كثرة الملهيات من حوله؟

ترجمة: سلاف الغزالي

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر