متلازمة بانتي هي اضطراب في الطحال، يتميز بتدمير الطحال خلايا الدم الحمراء بمعدل أسرع من الطبيعي. تُشخَّص هذه المتلازمة بحدوث ضخامة الطحال (حجم طحال غير طبيعي) ناجمة عن انسداد تدفق الدم في بعض الأوردة، وارتفاع ضغط الدم في الأوردة الكبدية والبوابية للكبد والأوردة الطحالية في الطحال.

وصف جويدو بانتي (أستاذ التشريح المرضي في فلورنسا، إيطاليا) متلازمة بانتي في عام 1894 بأنها ضخامة احتقانية للطحال دون أي انسداد داخل الكبد أو خارجه، فهي مرض يتطور ببطء، لكنه يؤدي حتمًا إلى الموت.

الأسباب والأعراض

قد تحدث متلازمة بانتي بسبب مجموعة متنوعة من الحالات التي تسبب الانسداد الوعائي، وارتفاع ضغط الدم داخل الأوردة الطحالية أو الأوردة الكبدية أو البوابية. تشمل الأسباب أيضًا التشوهات الخلقية لهذه الأوردة، والجلطات الدموية، وغيرها من الأمراض الكامنة التي تسبب التهاب الأوردة في الكبد وانسدادها مثل تشمُّع الكبد. في بعض الحالات، يسبب تناول الزرنيخ بكثرة هذه الحالة، وقد ظهرت حالات أيضًا لدى المرضى الذين يتناولون الآزاثيوبرين على المدى الطويل، خصوصًا بعد إجراء عملية زراعة الكلية.

تشمل أعراض متلازمة بانتي في المراحل المبكرة الضعف، وفقر الدم، والتضخم غير الطبيعي للطحال. مع تقدم المتلازمة، يميل فقر الدم إلى أن يصبح أكثر حدة. قد يتفاقم هذا بسبب نزيف المريء الذي ينتج عنه إقياء دموي، وخروج البراز بلون داكن زفتيّ بسبب احتوائه على الدم المهضوم. في حالات معينة، يتضخم الكبد نفسه ويزداد النسيج الليفي فيه ليقسمه إلى أجزاء فرعية، وهي الحالة المُسماة بتشمُّع الكبد.

في متلازمة بانتي، تُعد ضخامة الطحال العرض الرئيسي. يُصاب مرضى متلازمة بانتي بالكدمات بسهولة أكبر، وهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الجرثومية، وتدوم الحمى لديهم مدة أطول.

من الأعراض المحتملة الأخرى تراكم السوائل في تجويف البطن (الحبن)، وانخفاض مستويات الخضاب الدموي (فقر الدم)، وكذلك انخفاض تعداد خلايا الدم البيضاء والصفيحات الدموية، ونوبات نزف الجهاز الهضمي.

الوبائيات

يتساوى معدل الإصابة لدى الذكور والإناث في متلازمة بانتي. وهو شائعٌ في مناطق الهند وباكستان واليابان، لكنه غير شائع في الدول الغربية. بحسب إحدى الدراسات، سادت إصابة الذكور في الهند، في حين كانت الغلبة لإصابة الإناث في الغرب واليابان. يُعد صغار السن عرضة للإصابة بالمرض أكثر من غيرهم، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 25 – 35 عامًا.

ساهمت زيادة مستويات الزرنيخ في مياه الشرب في العديد من الدول في حدوث التفاوتات الإقليمية في معدلات الإصابة بالمتلازمة.

التشخيص والعلاج

يستخدم الطبيب التقييم السريري الشامل ومجموعة متنوعة من الاختبارات المتخصصة، تتضمن تقنيات التصوير المتقدمة مثل تصوير الأوردة الطحالية والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI؛ لتأكيد تشخيص متلازمة بانتي. يُستخدم المجال المغناطيسي والموجات الراديوية في التصوير بالرنين المغناطيسي للحصول على صور مقطعية لمناطق معينة من الجسم.

يعتمد مسار العلاج في متلازمة بانتي على المسبب؛ فإذا اكتُشِف مكون مساهم مثل الزرنيخ أو الآزاثيوبرين، فيجب إيقاف التعرض. المشكلة السريرية الرئيسية هي النزيف من الأوعية الدموية المتضخمة في المريء أو المعدة (الدوالي).

يُعالج النزيف الفعال باستخدام أدوية مضيقة للأوعية أو غيرها من علاجات ارتفاع ضغط الدم البابي. قد يتطلب النزيف المتكرر وضع تحويلة جراحية لإعادة توجيه تدفق الدم. يُعطى المرضى الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم البابي حاصرات بيتا إجراء وقائيًا. وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في عام 1988 على الإيثانولامين بوصفه دواء وحيدًا مُعترفًا به لعلاج نزيف دوالي المريء.

التدبير والإنذار

يُعد علاج نزيف الجهاز الهضمي الناجم عن ارتفاع ضغط الدم البابي وعلاج فرط نشاط الطحال من الركائز الأساسية لتدبير متلازمة بانتي. تبيّن أن ربط الدوالي والعلاج بالتصليب بالمنظار فعّالان بالقدر نفسه لدى 95% من المرضى الذين يعانون نزفًا حادًا في الجهاز الهضمي، مع معدل نكس يبلغ نحو 20%، ومعدل 3% لحدوث نزيف متكرر. قد يحتاج بعض المرضى أيضًا إلى إجراءات التحويلة بوصفها حلًا أخيرًا.

ينبغي التفكير في التدبير الجراحي لدى المرضى الذين يعانون فرط الطحال العرضي، أو فقر الدم الشديد الذي يحتاج إلى عمليات نقل دم متكررة، أو احتشاء الطحال المتكرر، وتتوفر حاليًا إجراءات استئصال الطحال المفتوحة والتنظيرية. في الجراحة المفتوحة، يُنقل الطحال إلى خط الوسط عن طريق قطع ملحقات القطب الجانبي والعلوي أو يُجرى شقٌّ تحت ضلعيّ أيسر أو على خط الوسط.

لمتلازمة بانتي عمومًا إنذار جيد؛ إذ يصل معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 أعوام إلى 100% بعد نجاح عملية ربط الدوالي. أظهر أحد تقارير الحالات المنشورة في المجلة الدولية لتقارير الحالات السريرية الجراحية، أن التعافي بعد العملية الجراحية كان ممتازًا لدى المريض. كان فقر الدم الشديد -الذي يتطلب عمليات نقل دم متكررة، وتضخم الطحال الكبير الذي يشكل خطر التمزُّق المؤلم في هذه الحالة- سبب خيار عملية استئصال الطحال. خلال المتابعة، كان التعافي جيدًا، مع زيادة سريعة في مستوى الصفيحات الدموية وارتفاع مطرد في مستوى الخضاب.

متلازمة بانتي وفيروس كوفيد-19

لم يكن هناك أي دليل على أن فيروس كورونا يسبب متلازمة بانتي في الأدبيات الطبية السابقة. أبلغ منشور بحثي حديث عن حالة رجل يبلغ من العمر 32 عامًا أصيب بإقياء دموي، وكشفت المتابعة اللاحقة أن المريض كان يعاني حبنًا وضخامة طحال ونزيفًا في الدوالي، ما شكَّل صورة سريرية كاملة لمتلازمة بانتي.

لذا، ينبغي أخذ متلازمة بانتي في الحسبان عند مرضى الإقياء الدموي المترافق مع ضخامة الطحال مع أنه مرض نادر نسبيًا. لقد عانى المريض أعراضًا تشبه أعراض الإنفلونزا لمدة ثلاثة أسابيع. لم يحتج إلى أي رعاية طبية، وقد كانت اختباراته المصلية لكوفيد-19 إيجابية.

من المعروف أن كوفيد-19 يسبب فرط تخثر الدم، لكن الآلية الدقيقة التي يتسبب فيها بمتلازمة بانتي غير معروفة. قد يكون سببه فرط خُثار الدم في الدوران البابي أو انصمامه. ما زال هناك الكثير من الأبحاث التي يتعين القيام بها لمعرفة علاقة متلازمة بانتي بالإصابة بفيروس بكوفيد-19.

اقرأ أيضًا:

فرط ضغط الدم الانبساطي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ما أسوأ معرفتنا بأجسامنا!

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: تسنيم المنجد

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر