تخيل لو أن 100 مليار نجم في مجرة درب التبانة بركة مياه ساكنة، ثم سقط حجر بحجم 400 مليون شمس فيها، ماذا سيحدث؟ ستتشكل أمواج ذات طاقة كبيرة وتنتشر عبر سطح المجرة بصورة فوضوية ستستغرق دهورًا لتهدأ.

يظن علماء الفلك أن ذلك قد حدث ليس مرة واحدة فقط بل عدة مرات على مدار مليارات السنين الماضية.

شرح الباحثون في ورقة بحثية جديدة نُشرت في سبتمبر في النشرات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية كيفية تحطم مجرة صغيرة قريبة (مجرة القوس القزمة) عبر مجرة درب التبانة مرتين على الأقل؛ ما تسبب في تذبذب النجوم في جميع أنحاء المجرة بسرعات مختلفة.

قارن الباحثون باستخدام بيانات من مرصد غايا الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية حركات أكثر من 20 مليون نجم موجودة في جميع أنحاء مجرة درب التبانة مع التركيز على المناطق الخارجية لقرص المجرة، كشفت البيانات عن تموج أو اهتزاز تتدافع فيه النجوم في جميع أنحاء المجرة.

قال مؤلف الدراسة بول ماكميلان عالم الفلك في جامعة لوند السويدية في بيان: «قد نرى أن هذه النجوم تتذبذب وتتحرك لأعلى ولأسفل بسرعات مختلفة».

صمم فريق من الباحثين نمطًا موجيًا عبر عملية أجروها باستخدام علم الزلازل المجري، قد تفسر تأثير التموج الغريب الذي يجعل نجوم مجرة درب التبانة غير متوازنة، واستنتجوا أنه من المحتمل أن تكون التموجات قد تشكلت منذ ملايين السنين عندما مرت مجرة القوس القزمة عبر مجرتنا آخر مرة.
يقول ماكميلان: «يشبه سقوط حجر في بركة، وقد يكون تصادمًا ثانيًا قبل ذلك بين المجرتين».

اقترحت الدراسات السابقة أن تصادمًا قديمًا مع مجرة القوس ربما تسبب في حدوث تموجات في مركز مجرة درب التبانة، لكن البحث الجديد يظهر أن تلك التموجات امتدت على طول المسار إلى حافة قرص المجرة، قال الباحثون إن هذا البحث يجب أن يساعد في تجميع التاريخ الطويل والعنيف لمجرتنا وجارتها الأصغر.

تقدر كتلة مجرة القوس القزمة اليوم نحو 400 ضعف كتلة شمسنا، وهذا رقم صغير مقارنة بكتلة مجرة درب التبانة المقدرة بنحو 1.5 تريليون شمس.

يشكك العلماء في أن مجرة القوس كانت أكبر بكثير يومًا ما لكنها فقدت حوالي 20٪ من كتلتها بعد الاصطدامات المتكررة على مدار مليارات السنين الماضية.

اقترحت دراسة أجريت عام 2011 أن الذراع الحلزونية لمجرة درب التبانة هي نتيجة اصطدامين بمجرة القوس القزمة، ومن المحتمل أن هذه الاصطدامات غيرت شكل وحجم مجرتنا أيضًا.

أشارت دراسة أخرى لبيانات غايا نُشِرت في عام 2020 أن الاصطدامات الكونية بين مجرتنا والقوس تسببت في طفرة بالنجوم الجديدة في مجرة درب التبانة في كل مرة تلتقي فيها المجرتان.

اقرأ أيضًا:

تكشف التموجات في حلقات زحل عن قلب عملاق غامض مخفي تحت السطح

موجات الجاذبية (الثقالية) تفتح لنا شبّاكًا على الماضي، لكن هل سنتمكن من التقاط تموجات الانفجار العظيم؟

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: تسبيح علي

المصدر