سابقًا من عام 2023؛ أُعلن عن نتائج إيجابية للمرحلة الثالثة من التجربة السريرية لعقار دونانيماب لعلاج مرض ألزهايمر. كانت نتائج البيان مقنعة، إذ أوضح بالتفصيل أن نصف المشاركين في التجربة تقريبًا لم يتفاقم مرضهم منذ بدء العلاج من سنة مضت. ومع ذلك، قال الخبراء بوجوب توخي الحذر حتى تُنشر بيانات التجربة الكاملة. وفي منتصف شهر يوليو، أُصدرت هذه البيانات في دراسة خضعت لمراجعة الأقران.

شارك في التجربة 1736 شخصًا كانوا يعانون الأعراض المبكرة لمرض ألزهايمر. تلقى نصف المجموعة دفعات شهرية من الدواء لمدة 72 أسبوعًا، بينما تلقى النصف الآخر علاجًا وهميًا. أظهرت المتابعة السريرية في الأسبوع 76 أن العلاج أدى إلى إبطاء تطور المرض بصورة ملحوظة.

كان التأثير الإيجابي للدواء أكثر في المرضى الذين لديهم مستويات منخفضة من بروتين تاو المرضي؛ المعروف بأنه السمة المميزة لمرض ألزهايمر الذي يتراكم بمرور الوقت. وعند مقارنة هذه المجموعة مع مجموعة أوسع من المرضى الذين لديهم مستويات عالية ومتقدمة من بروتين تاو، وُجد أن نتائجهم الإجمالية ذات مستويات ثابتة، أي لم يكن لديهم تحسن كبير. هذا ليس مفاجئًا، إذ كان يُعتقد دائمًا أن هذه الأنواع من الأدوية من المرجح أن تعمل بصورة أفضل إذا أُعطيت في أقرب وقت ممكن في مسار المرض.

قال «جيل رابينوفيتشي»، مدير مركز أبحاث مرض ألزهايمر في جامعة كاليفورنيا، وزميله «رينو لا جوي» في مقال افتتاحي نُشر مع نتائج التجربة: «حقيقة أن الدونانيماب، إضافةً إلى الأدوية المماثلة وليكانيماب -التي حصلت على موافقة كاملة من إدارة الغذاء والدواء (FDA) في شهر يوليو- ذات فائدة محدودة لمن هم في مراحل متقدمة من المرض».

قالوا أن هذه الأنواع من العلاجات -فئة من الأدوية تُسمى الأجسام المضادة وحيدة النسيلة- قد تكون «مجرد الفصل الافتتاحي في عصر جديد من العلاجات الجزيئية» لمرضى ألزهايمر، وحذروا من أن تطوير علاجات أكثر تأثيرًا وأمانًا ما تزال مطلوبة.

في الواقع، حتى مع طرح هذه الأدوية في السوق، يستمر البحث لإيجاد طرق أخرى للوقاية من مرض ألزهايمر وعلاجه. بدءًا من العلاج الجيني، وإجراء تعديلات في نمط الحياة، إلى اللقاحات.

ولكن في حين أنه من غير المحتمل أن يكون أي علاج منفرد مناسبًا لجميع المرضى، فإن التأكيد على أن الدونانيماب يبطئ تقدم المرض في البعض ما يزال موضع ترحيب باعتباره تقدمًا كبيرًا.

أوضح الدكتور ريتشارد أوكلي، المدير المساعد للأبحاث في جمعية ألزهايمر الخيرية، في بيان: «تدعم النتائج الكاملة اليوم ما سمعناه عن دونانيماب في مايو، وهو أن الدواء قادر على إبطاء تطور مرض ألزهايمر بأكثر من 20٪. وتضيف هذه الدراسة إلى الأدلة المتزايدة على أن علاج الأشخاص في وقت مبكر قد يكون ذا فائدة أكبر، إذ إن تأثيرات دونانيماب ظهرت بصورة أكبر عند الذين كانوا في مرحلة مبكرة من المرض».

لحسن الحظ، يوجد تقدم كبير في مجال التشخيص المبكر لمرض ألزهايمر، إذ تُشير إرشادات التشخيص الجديدة إلى استخدام المؤشرات الحيوية في الدم كأداة لتشخيص المرض لدى الذين يعانون أعراضًا معرفية مبكرة.

لا يوجد علاج طبي بلا مخاطر. ففي تجربة دونانيماب؛ توفي ثلاثة مشاركين شُخصوا بحالة تسمى شذوذ التصوير المرتبط بالأميلويد (ARIA)، وهو خطر معروف مرتبط مع هذه الأنواع من العلاجات.

بينما كانت حالات الوفاة والآثار الضارة الخطيرة نادرة الحدوث، كانت الآثار الجانبية الخفيفة أكثر شيوعًا.

نظرًا إلى أن خطر الإصابة بـ ARIA يبدو أعلى في المرضى الذين يعانون طفرات جينية معينة؛ يقترح «رابينوفيتشي» و«لا جوي» أن الاختبارات الجينية قد تكون خطوة مفيدة قبل بدء هذه العلاجات.

وهناك بند آخر يجب أخذه بالحسبان وهو أن غالبية المشاركين كانوا من البيض. وأشار الدكتور أوكلي إلى أهمية التنوع العرقي في التجارب المستقبلية لإثبات أن العلاجات الدوائية الجديدة لها تأثيرات مماثلة لكل المرضى المصابين بمرض ألزهايمر.

إذا استمر دونانيماب في الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء، فسيكون هذا الدواء الثالث فقط من هذا النوع المتاح للاستخدام على نطاق أوسع. أحد هذه الأدوية؛ وهو أدوكانوماب، رُفض من قبل السلطات الأوروبية بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والفاعلية، ولكن مهما حدث بعد ذلك، فلا أحد ينكر أن نشر هذه النتائج يمثل لحظة مهمة في مكافحة هذا المرض.

صرحت الدكتورة سوزان كولهاس، المديرة التنفيذية للأبحاث والشراكات في Alzheimer’s Research UK، في بيان لها: «إن هذه النتائج تؤكد أن النظرة العامة لمرض ألزهايمر وتأثيره في الناس والمجتمع تتغير أخيرًا».

اقرأ أيضًا:

ما مدى قربنا من لقاح لمرض ألزهايمر؟

فوائد الموسيقا للمصابين بمرض ألزهايمر

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر