نسَّق الفيزيائيون في جامعة ريغنسبورغ تحول مستوى طاقة إلكتروني كمي مع تذبذبات ذرية بسرعة تفوق تريليون جزء من الثانية.

عند رمي كرة في الهواء، يُمكن نقل طاقة اعتباطية إلى الكرة بحيث تحلق إما إلى الأعلى أو الأدنى. واحدة من غرائب الفيزياء الكمية هي أن الجسيمات مثل الإلكترونات غالبًا ما تتخذ قيم طاقة مُكَمّاة كما لو كانت الكرة تقفز بين ارتفاعات محددة، مثل خطوات السلم، بدلاً من التحليق بشكل مستمر.

تُستخدم الكيوبيتات والحواسيب الكمية بالإضافة إلى نقاط الكمية المنبعثة للضوء هذا المبدأ. ومع ذلك يمكن تحويل مستويات الطاقة الإلكترونية بواسطة التصادم مع الإلكترونات أو الذرات الأخرى. تحدث عادةً عمليات العالم الكمي على مقاييس ذرية وهي أيضًا سريعة بشكل لا يصدق.

نجح فريق من ريغنسبورغ الآن باستخدام نوع جديد من المجاهر فائق السرعة في رؤية مباشرة بدقة ذرية على مقاييس زمنية فائقة السرعة كيفية تعديل طاقة إلكترون واحد من خلال اهتزازات الذرات المحيطة. ومن الملفت للنظر أنهم نجحوا أيضًا في التحكم بشكل محدد في هذه العملية. قد تكون مثل هذه الاكتشافات حاسمة لتطوير التقنيات الكمية فائقة السرعة.

استخدم الفيزيائيون مادة رقيقة ذات سُمك ذري لدراسة كيفية تغير مستوى الطاقة المنفصل عندما تتحرك هذه الطبقة الذرية إلى أعلى وإلى أسفل مثل غشاء الطبل. لاحظوا ذلك في الخلاء، وهو الفراغ الذي تتركه الذرة الفردية عندما تُزال.

تُعرَف البلورات ثنائية الأبعاد الرقيقة الذرية بخصائصها الإلكترونية المتعددة القابلة للتخصيص، وهي مثيرة للاهتمام خصوصًا لتطبيقات الإلكترونيات النانوية في المستقبل. قد يُستفاد من الأماكن الفارغة في البلورة في الكيوبيتات، وهي الحاملات الأولية للمعلومات في الحواسيب الكمية، إذ تتوفر فيها مستويات طاقة إلكترونية منفصلة تمامًا مثل الذرات.

اكتشف الباحثون إمكانية تغيير مستوى الطاقة المنفصلة للاختلال بواسطة تحفيز اهتزاز شبيه بغشاء الطبل للغشاء الذري الرقيق: تتحرك حركة الذرات المحيطة وبالتالي تتحكم في مستوى طاقة الخلاء. نُشِرَت هذه النتائج في مجلة نيتشر فوتونيكس.

كان على الباحثين التغلب على عدة عقبات لجعل هذا الاكتشاف ثوريًا، إذ يتطلب الحصول على دقة ذرية قدرها 1 أنغستروم لمراقبة مستويات الطاقة الموضعية بشكل ذري وديناميكي. بالإضافة إلى ذلك، الحركة في المستوى النانوي تكون بسرعة هائلة.

يوضح الكاتب الأول كارمن رولك: «لتتبع كيفية تغيير مستوى الطاقة، من الضروري التقاط لقطات ستروبسكوبية لمستوى الطاقة، حيث تُسَجَّل كل لقطة في أقل من تريليون جزء من الثانية، أي أسرع من البيكوثانية».

تمكن فريق العمل الذي يضم كارمن رولك ولوكاس كاستنر وياروسلاف جيراسيمينكو من التغلب على كل هذه التحديات بطريقة متقنة تستفيد من دقة الطاقة والمسافة للمجهر النفقي الماسح الذي يمكنه التحليل بدقة عالية للهياكل على المستوى الذري. في الوقت نفسه، يتيح استخدام نبضات ليزر فائقة القصر والمصممة حسب الطلب تسجيل الديناميكيات السريعة للعمليات ببطء فائق.

أسفرت الخبرة المشتركة في مجموعات جاشا ريب وروبرت هوبر عن تحقيق تآزر حاسم لأطياف الذرات على مقياس الذرة بسرعة فائقة.

يقول ياروسلاف جيراسيمينكو: «مع نهجنا الجديد، نحن قادرون على فك شفرة الحركة الهيكلية للغشاء الذري وتغيير مستوى الطاقة المحلي بحركة بطيئة».

توضح تفسيرات النظريات الأولية التي وضعها ماكسيميليان جرامل كيفية حركة الذرات في الطبقة الرقيقة على المستوى الذري خلال الاهتزاز وإمكانية تأثير هذا على مستويات الطاقة المنفصلة.

يُعد عمل فريق ريغنسبورغ مفتاحًا لبداية عصر جديد في دراسة ديناميات مستويات الطاقة الموجودة على المستوى الذري وتفاعلها مع البيئة. قد يؤدي هذا الاكتشاف إلى التحكم الموضعي في مستويات الطاقة المنفصلة بالطريقة الأكثر مباشرة. على سبيل المثال، قد تغير حركة الذرات الفردية هيكل الطاقة للمادة وبالتالي خلق وظائف جديدة أو تغيير الخصائص بشكل محدد للمواد الشبه موصلة والجزيئات المنبعثة للضوء.

قد نصل إلى فهم أعمق للعمليات الأساسية مثل التفاعل الموضعي للإلكترونات مع اهتزازات الشبكة بناءً على التوازن غير المسبوق بين الدقة المتناهية في الفضاء والزمن والطاقة. علاوة على ذلك، ربما يساعد هذا النهج في كشف أسرار العمليات الرئيسية وراء التحولات الطورية مثل التوصيل الفائق لدرجات الحرارة التي لم تُفهَم بعد.

اقرأ أيضًا:

كيف يمكن التحكم بالالكترونات في الزمان و المكان ؟

انجاز علمي ضخم: مهندسون يصممون رقاقات الكترونية تتصرف مثل خلايا الدماغ

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: ريم الجردي

المصدر