اكتُشف حديثًا أن أدوية علاج الاكتئاب عند البشر أوقفت كليًا نمو سرطان البنكرياس والقولون في الفئران، وكذلك قضت على الأورام تمامًا في ثلث حالات الدراسة عند استخدامها بالتزامن مع العلاجات المناعية، وهو ما يزيد فرصة إيجاد علاجات أكثر فاعلية في السيطرة على بعض أصعب السرطانات استجابةً للعلاج.

نشرت مجلة Science Translational Medicine مقالًا تصف فيه جهود فريق من الباحثين لتحديد دور الناقل العصبي (سيروتونين) في تطور الخلايا السرطانية، إذ أشارت دراسات سابقة إلى أن السيروتونين المحيطي في الدم يمكن أن يحدّ من قدرة الجهاز المناعي على اكتشاف الخلايا السرطانية، إلا أن آلية التأثير هذه ما تزال مجهولة حتى الأن.

لذلك بدأ الباحثون في تحفيز سرطان البنكرياس والقولون لدى الفئران المعدلة وراثيًا ليكون لديها نقص في السيروتونين المحيطي في الدم، ووجدوا أن هذه القوارض لديها فرصة أفضل للبقاء مقارنةً بالفئران العادية -غير المعدلة وراثيًا- المصابة بنفس النوع من السرطان، وكشف تحليل أكثر تفصيلًا أن أورام الفئران التي تعاني نقص السيروتونين تحتوي على تركيزات أعلى من الخلايا المناعية التي تسمى الخلايا التائية القاتلة المسؤولة عن تدمير هذه الأورام.

إضافةً إلى ما سبق، احتوت أورام الفئران المعدلة وراثيًا على مستويات أقل من الأجسام المناعية (PD-L1) المعروفة بأنها تمنع الخلايا التائية القاتلة من اكتشاف وجود الخلايا السرطانية؛ وهذا ما يعطينا السبب وراء توجه علاجات السرطان المناعية إلى التركيز على تثبيط PD-L1، وهو ما يحقق نسب نجاح متفاوتة.

وبناءً على ملاحظاتهم، توصلوا كذلك إلى أن السيروتونين المحيطي يعزز توافر الأجسام المناعية PD-L1 في الخلايا السرطانية؛ ما يؤدي إلى إضعاف وظيفة الجهاز المناعي ويساعد الأورام على النمو، وأن الأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) تعمل على زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ ولكنها في نفس الوقت تُخفض تركيز السيروتونين المحيطي في الصفائح الدموية، مُتوقعين أن تساعد هذه الأدوية في خفض معدلات PD-L1 في الخلايا السرطانية.

لذلك، عالجوا الفئران المُسرطَنة باستخدام أحد هذه الأدوية ويسمى (فلوكسيتين) ووجدوا أنه يحد من انتشار الخلايا السرطانية ويزيد من فرص النجاة. كذلك لاحظوا زيادة كبيرة في تركيزات الخلايا التائية القاتلة داخل الأورام «وهو ما ساعد في القضاء الأورام الكبيرة في 20٪ من فئران الاختبار» عند استخدامهم هذا الدواء للعلاج بالتزامن مع مضادات الأجسام المناعية (PD-L1).

أعاد الباحثون التجربة بعد ذلك باستخدام مضاد آخر للاكتئاب يسمى تيلوتريستات Telotristat، الذي يعطل الإنزيمات المسؤولة عن تصنيع السيروتونين المحيطي، ليجدوا أن استخدام هذا الدواء مع العلاج المناعي قضى على الأورام في 33٪ من فئران الاختبار.

صرح الباحث بيير آلان كلافيان قائلًا: «هذه الفئة من مضادات الاكتئاب وغيرها من مثبطات السيروتونين تساعد الخلايا المناعية في التعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها بكفاءة؛ وهذا سبب انخفاض نمو خلايا سرطان القولون والبنكرياس في الفئران. نتائجنا هذه تعطي الأمل لمرضى السرطان تمامًا مثل الأدوية الموافق عليها للاستخدام السريري، إن التجارب السريرية لهذه الأدوية على مرضى السرطان يمكن أن تتزايد كثيرًا؛ كونها معروفة بفاعليتها وأمان استخدامها».

اقرأ أيضًا:

ما هو السيروتونين ؟

مضادات الاكتئاب والمعلومات المضللة على الإنترنت

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: علي حسين الطريفي

المصدر