دراسة أجرتها جامعة ستوني بروك في نيويورك، اقترحت أن معدل السرطانات الخارجة عن إرادتنا تتراوح بين 10% إلى 30%. بينما 70-90% من السرطانات هي ناتجة عن عوامل بيئية أو سلوكية باختيارنا.

ولغاية البحث الذي نشر في مجلة نيتشر Nature، استخدمت جامعة ستوني بروك نماذج حاسوبية، وبيانات سكانية، ومقاربات وراثية بهدف التوصل إلى فهم أدق لنشأة السرطان.

وبناءً على ذلك، وجد الفريق بعض الحالات التي اضطر فيها أصحابها إلى الانتقال من بيئة صحية أقل خطورة إلى بيئة صحية أكثر خطورة.

وبالرغم من أن الطفرات المسرطنة تحدث أثناء الانقسام الخلوي -والذي يعزو إليه السبب الأساسي لتطور الحالة السرطانية- باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، إلا أن العلماء لاحظوا أنه نادرًا ما تتطور هذه الطفرات إلى مستوى إحداث السرطان دون تعزيز من عوامل خارجية، مستنتجين أن معظم مسببات السرطانات هي معززات محيطة بنا من سموم وإشعاعات يمكن تجنبها.

أتت نتائج هذا البحث مناوئة لنتائج بحث نظير له نُشر في مطلع العام الجاري، والذي توصل إلى أن ثُلثي السرطانات تنشأ عن طفرات عشوائية لا دخل لها بالعوامل الوراثية، البيئية، أو السلوكية.

وبحسب ما ذكره الباحث جونز هوبكينز من كلية الطب في جامعة بالتيمور لوكالة رويترز أن الطفرات السرطانية «تحدث لسبب عشوائي غير معين».

يقول الباحث المشارك في الدراسة د.بيرت فوغلستين: «إن السبب الرئيسي وراء إصابة أحدهم بالسرطان ليس بسبب سلوكياته غير الصحية أو تعرضه لمؤثرات بيئية سيئة، بل هو مجرد شخص غير محظوظ».

بينما يوضح المشرف على الدراسة الجديدة د.يوسف حنون للبي بي سي أنه في حين قد تكون نظرية “الحظ السيء” لها شكل من الصحة، يجب علينا ألا نستهين بالدور الذي تلعبه المؤثرات البيئية في خطر إصابتنا بالسرطان، مشبهًا خطر الاصابة بلعبة الروليت الروسية، فسواء كانت العوامل الداخلية، الحظ، أو العوامل الخارجية هي المسبب للسرطان، ما هي إلا عبارة عن طلقة واحدة في بندقية موجهة نحو رؤوسنا.

يقول حنون: «ما يفعله المدخنون في الحقيقة هو أنهم يزودون البندقية بطلقتين أو ثلاث، ويسحبون الزناد»، ويضيف: «نعم، قد يكون من شأن الحظ أن يقف بصف بعض المدخنين الذين لم يصابوا بالسرطان، ولكنهم بعادتهم تلك يقلبون الموازين ضدهم».

ما الذي نفهمه ولا نفهمه عن السرطان

ينشأ السرطان بداية من انقسام غير منظّم لخلايا معيبة. وبعد أن تنقسم بكمية كافية تكوّن مع الوقت ورمًا، والذي يشرع أحيانًا بالانتشار وغزو أنسجة أخرى في الجسم فيكون نذيرًا للموت.

ولكن على أية حال فإن الخلاف بين الأطباء المختصين حول السبب الذي يدفع هذه الخلايا المنقسمة أحيانًا لأن تكوّن سرطانًا، إن دل على شيء فهو أن فهمنا لمسببات السرطان ضحل جدًا.

إن اللغز المحير هو تحديد حجم الدور الذي تلعبه كل من البيئة الخارجية، والجينات، والحظ في رفع أو خفض خطر إصابتنا بالسرطان، فلماذا مثلا تكون نسبة إصابتنا نحن البشر بالسرطان حوالي 40% بينما عند الحيتان والفيلة تكاد لا تصل للـ 5%.

وعلى الرغم من ضحالة فهمنا لتلك العوامل، إلا أن العلماء يتفقون تمامًا أنه من الممكن جدًا الحد من فرص الإصابة بالسرطان على المستوى الفردي عن طريق تقليل استهلاك اللحوم، الحفاظ على وزن صحي و الابتعاد عن التدخين وشرب الكحول.