تهدفُ علاجات السرطان إلى قتل الخلايا السرطانية، ويكون جهاز المناعة مسؤولًا عن التخلّص من حُطامِ الخلايا وأشلائها المتبقية من هذه العملية.

تقتل علاجات السرطان -مثل العلاج الكيميائي- الخلايا السرطانية بطرق عدة. على سبيل المثال، بدفعها إلى التدمير الذاتي والموت البطيء في عملية تسمى الموت الخلوي المبرمج، أو بصورة أقل شيوعًا بتحفيز الشكل الأكثر انفجارًا من موت الخلايا السرطانية يسمى النخر الخلوي.

لكن ماذا يحدث لتلك الخلايا السرطانية بعد قتلها؟

عندما تُدمر الخلايا السرطانية، عادةً تصبح الأغشية الخلوية معرضة للخطر، تمامًا مثلما يحدث في آلية موت الخلايا المبرمج، وهو شكل من أشكال موت الخلايا الذي يزيل الخلايا غير الضرورية أو التالفة من الجسم.

حالما تُفعّل سلسلة التفاعلات الجزيئية التي سوف تقود في النهاية إلى موت الخلية المبرمج، تنكمش الخلية المحتضرة وتنفصل أجزاء من غشائها الخلوي على شكل “فقاعات”. يسبب هذا تسرب المكوّنات الداخلية للخليّة إلى خارجها وجذب خلايا البالعات، أو الخلايا المناعية المسؤولة عن هضم هذا الحطام الخلوي.

تبتلع الخلايا البالعة المستدعية إلى المكان أشلاء الخلايا السرطانية الميتة، ثم تقسّمها إلى مكونات أصغر، مثل السكريات والأحماض النووية، وهي جزيئات تشبه السلسلة الموجودة في الحمض النووي.

وبهذه العملية، تستقلب الخلايا السرطانية الميتة إلى مكونات يُعاد استخدامها بواسطة خلايا أخرى في الجسم.

في حالة موت الخلايا المبرمجة، وهو من أنواع موت الخلايا التي تصممها العلاجات السرطانية من أجل حثه وتفعيله باستقلاب المكونات الخلوية للخلايا المستهدفة بهذه الطريقة بدلاً من إفرازها وطرحها من قبل الجسم.

قد تؤدي علاجات السرطان أيضًا في بعض الأحيان إلى أنواع أخرى من موت الخلايا السرطانية، مثل نخر الخلايا، أي تنتفخ الخلايا وتنفجر دون أن تتقلص، فتلتهم الخلايا البلعمية بكفاءة هذا النوع من الخلايا الميتة.

مع ذلك، فإن الخلايا السرطانية المحتضرة لا تموت دائمًا ببطء وهدوء، وتشير الدراسات إلى أنه بإطلاق الحطام الخلوي تحدث استجابة التهابية، وأن الخلايا السرطانية الميتة قد تحفّز أحيانًا نمو الخلايا السرطانية الباقية.

تُطلق البلاعم، وهي نوع من الخلايا البالعات، هذه الجزيئات في محاولة لمحاربة السرطان، وقد وجدت دراسة أجرتها مجموعة مختلفة في عام 2023 أن نوى الخلايا السرطانية المحتضرة قد تنتفخ وتنفجر أحيانًا، ما يؤدي إلى إطلاق الحمض النووي والجزيئات الأخرى في محيطها.

في الفئران، يمكن لهذه الجزيئات المنتشرة (النقائل) تسريع انتشار الخلايا السرطانية إلى ما هو أبعد من مكان وجود الورم الأصلي.

تسلّط هذه الدراسات الضوء على دور موت الخلايا السرطانية في تطور السرطان وانتكاسه، ومع ذلك، ما يزال البحث في مراحل مبكرة نسبيًا، ولم يفهم العلماء بعد النتائج الكاملة لإشارة موت الخلايا السرطانية في السرطان البشري. ويهدف الباحثون إلى فهم الآليات البيولوجية الكامنة وراء السرطان بصورة أفضل وما يتبعه من تطوير علاجات أكثر فعالية.

على سبيل المثال، سلطت دراسة عام 2018 الضوء على طريقة لمواجهة نمو الورم الناتج عن حطام الخلايا السرطانية الميتة: وهي resolvins المذيبات أو الإنزيمات الحالة، وهي جزيئات مشتقة من أوميجا 3 قد تساعد على تقليل الالتهاب وتأثيرات السيتوكينات مع تحفيز إزالة حطام الخلايا.

قال الباحث ديباك بانيغرافي: «المشكلة في السرطان هي أنه لا توجد علاجات تحفّز حلّ الالتهاب، وتقلل إفراز السيتوكينات وتُزيل الحطام».

تشير الدراسة إلى أن المذيبات قد تكون إحدى طرق المعالجة الفاعلة، بالإضافة إلى ذلك، حددت دراسة Nature لعام 2023 كيفية تعرف الخلايا السرطانية الحية على الإشارات التي ترسلها مثيلاتها من الخلايا السرطانية التي تحتضر وكيف تستجيب لها.

تفيد الدراسة أن حجب إشارات الخلايا الميتة قد يساعد في منع ظهور السرطان مرة أخرى بعد العلاج.

اقرأ أيضًا:

لقاح يقتل الخلايا السرطانية في الدماغ ويمنعها من النمو

انتشار الخلايا السرطانية من الرئة إلى العظام: كيف يحدث؟ وما أسبابه؟

ترجمة: زينب عبد الكريم

تدقق: غفران التميمي

المصدر