تعد اللحوم من المواد الغذائية المثيرة للجدل، إذ تشكل عنصرًا أساسيًا في العديد من الأنظمة الغذائية، ومصدرًا كبيرًا للبروتين والمغذيات الهامة، إلا أن العديد من الناس يظنون أن تناولها ليس أخلاقيًا أو صحيًا أو ضروريًا.

تلقي هذه المقالة نظرةً تفصيليةً على الفوائد الصحية والمخاطر المحتملة لتناول اللحوم.

ما اللحوم؟

تشكل اللحوم أعضاء الحيوانات التي يحضرها البشر ويستهلكونها مصدرًا غذائيًا. ويشير هذا المصطلح في العديد من البلدان متضمنةً الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأنسجة العضلية للثدييات والطيور، التي تُستهلك عادةً على شكل شرائح أو أضلاع الحيوان مشوية أو مهروسة.

شاع في الماضي استهلاك الأحشاء متضمنةً الكبد والكلى والأدمغة والأمعاء عند بعض الثقافات، إلا أن معظم الأنظمة الغذائية الغربية تستبعد استهلاكها حاليًا، ومع ذلك، ما تزال الأحشاء تُستهلك في بعض مناطق العالم لا سيما في المجتمعات التقليدية، إذ تعتمد عليها العديد من الأطباق الشهية.

الأنماط المختلفة للحوم

تُصنف الأنماط المختلفة من اللحوم حسب مصدرها الحيواني وكيفية تحضيرها إلى:

اللحوم الحمراء

تندرج تحتها لحوم الثدييات، وتحمل في أنسجتها كميات عاليةً من بروتين الميوغلوبين الغني بالحديد مقارنةً مع اللحوم البيضاء، مثل:

  •  الأبقار.
  •  لحم الخنزير.
  •  لحم الضأن.
  •  لحم العجل.
  •  لحم الماعز.
  •  الطرائد مثل البيسون والأيائل والغزلان.

اللحوم البيضاء

يكون لون اللحوم البيضاء أفتح من اللحوم الحمراء عمومًا، وتندرج تحتها لحوم الطيور والطرائد الصغيرة مثل:

  •  الدجاج.
  •  الديك الرومي.
  •  البط.
  •  الإوز.
  •  الطيور البرية مثل السمان والدراج.

اللحوم المصنعة أو المعالجة

تُعدّل اللحوم المعالجة بالتمليح أو المعالجة أو التدخين أو التجفيف أو أي عمليات أخرى للحفاظ عليها وتعزيز نكهتها، مثل:

  •  النقانق.
  •  السجق.
  •  لحم الخنزير المقدد.
  •  لحوم اللانشون مثل المرتديلا أو السجق الإيطالي والسلامي والبسطرمة.
  •  لحم البقر المقدد.

باختصار، نحصل على اللحوم من مجموعة متنوعة من الحيوانات وتُصنف حسب مصدرها لحومًا حمراء أو بيضاء، وتُعدّل اللحوم المعالجة لتعزيز نكهتها.

العناصر الغذائية في اللحوم

تُعد اللحوم الخالية من الدهون مصدرًا ممتازًا للبروتين. إذ تحتوي بعد الطهي على البروتين بنسبة تعادل 25-30%.

يحوي 100 غرام من صدر الدجاج المطبوخ نحو 31 غرامًا من البروتين، وتحتوي نفس الكمية من اللحم البقري نحو 27 غرامًا. يُعد البروتين الحيواني بروتينًا تامًا ما يعني أنه يوفر جميع الأحماض الأمينية التسعة الأساسية.

تحوي 100 غرام من اللحم البقري الصافي على:

  •  205 سعرة حرارية.
  •  27 غرامًا من البروتين.
  •  فيتامين ب 2: 15% من الحاجة اليومية.
  •  فيتامين ب 3: 24% من الحاجة اليومية.
  •  فيتامين ب 6: 19% من الحاجة اليومية.
  •  فيتامين ب 12: 158% من الحاجة اليومية.
  •  الفوسفور: 19% من الحاجة اليومية.
  •  الزنك: 68% من الحاجة اليومية.
  •  السيلينيوم: 36% من الحاجة اليومية.

هل اللحوم مفيدة أم مضرة - المواد الغذائية المثيرة للجدل - أعضاء الحيوانات التي يحضرها البشر ويستهلكونها - المخاطر المحتملة لتناول اللّحوم - تناول اللحوم

يتشابه الوصف الغذائي بين لحوم العضلات الأخرى، مع أنها تحوي كميةً أقل من الزنك، ومن المثير للاهتمام أن لحم الخنزير خصوصًا يحوي كميةً كبيرةً من فيتامين الثيامين، إذ يوفر تناول 157 غرامًا من شرائح لحم الخنزير 78% من الحاجة اليومية إلى الثيامين.

يحتوي الكبد والأعضاء الأخرى أيضًا على نسبة عالية من فيتامين أ وفيتامين ب 12 والحديد والسيلينيوم، وتشكل أيضًا مصدرًا ممتازًا للكولين، وهو عنصر غذائي مهم لصحة الدماغ والعضلات والكبد.

باختصار، تُعد اللحوم مصدر ممتازًا للبروتين والعديد من الفيتامينات والمعادن متضمنةً فيتامين ب 12 وفيتامين ب 3 والسيلينيوم.

طرق الطبخ وتأثيره في المواد المسرطنة

قد يؤثر الطبخ وإعداد اللحوم بطرق معينة سلبًا على صحتك.

عندما تُشوَى اللحوم أو تُدخّن في درجات حرارة عالية، تطلق دهونًا تتقاطر على أسطح الطهي الساخنة، فينتج عن ذلك مركبات سامة تسمى الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، التي قد تزداد وتتسرب إلى اللحم.

قد تسبب الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات السرطان. ومع ذلك، يمكن لتقليل الدخان ومسح السوائل بسرعة أن يقلل من تكوين الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات بنسبة تصل إلى 89%.

تتشكل الأمينات العطرية غير المتجانسة عندما تُسخّن اللحوم إلى درجات حرارة عالية، فتتشكل قشرة داكنة على سطحها، وقد أثبتت دراسات أُجريت على الحيوانات على المدى الطويل أن معظم الأمينات العطرية غير المتجانسة مسرطنة.

لوحظ ارتفاع مستويات الأمينات العطرية غير المتجانسة خلال فترات الطهي الممتدة وعند تخزين اللحوم في الثلاجة.

قد يؤدي طهي الطعام في درجات حرارة عالية أو فترات طويلة إلى زيادة إنتاج المنتجات الثانوية السامة المتسببة في السرطان.

اللحوم والسرطان

يدّعي الكثيرون أن تناول اللحوم يزيد خطر الإصابة بالسرطان، ومع ذلك، قد يتعلق الأمر بنوعية اللحوم المتناولة وكيفية طهيها.

هل تُعد اللحوم الحمراء مضرة؟

تربط بعض الدراسات القائمة على الملاحظة تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء بعدة أنواع من السرطان، منها سرطان الجهاز الهضمي والبروستاتا والكلى والثدي.

يُعد سرطان القولون الأكثر ارتباطًا مع تناول اللحوم الحمراء، إذ أشارت عشرات الدراسات إلى وجود صلة بينهما.

قد يتزايد خطر الإصابة بالسرطان غالبًا مع تناول كميات أكبر من اللحوم المعالجة، بصرف النظر عن بعض الدراسات التي لم تميز الصلة بين السرطان من جهة وطريقة الطهي واللحوم المعالجة وغير المعالجة من جهة أخرى.

أجرى الباحثون تحليلًا عام 2011 شمل 25 دراسة، فلم يجدوا أدلةً كافيةً تدعم الصلة بين اللحوم الحمراء وسرطان القولون.

اللحوم وأمراض القلب

وجدت العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة التي تتحرى الصلة بين تناول اللحوم وأمراض القلب، أن تزايد خطر الإصابة بأمراض القلب يرتبط مع تناول المنتجات المصنعة أو المعالجة، لكن وجدت دراسة واحدة فقط أن اللحوم الحمراء ترتبط بالإصابة بأمراض القلب.

أجرى الباحثون في عام 2010 مراجعةً مكثفةً شملت 20 دراسة ضمت أكثر من 1.2 مليون شخص، فوجدوا أن تناول اللحوم المعالجة -وليس اللحوم الحمراء- قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 42%. ومع ذلك، لم تُثبِت هذه الدراسات أن تناول كميات كبيرة من اللحوم المعالجة قد يسبب أمراض القلب، بل اكتفت بالإشارة إلى وجود صلة بين الأمرين.

وجدت بعض الدراسات الخاضعة للرقابة أن الاستهلاك المتكرر للحوم متضمنةً أنواع اللحوم عالية الدهون له تأثير محايد أو إيجابي في عوامل خطر الإصابة بأمراض قلبية.

باختصار، تشير بعض الدراسات إلى ارتباط تناول اللحوم المصنعة بأمراض القلب، في حين أظهرت الدراسات الخاضعة للرقابة أن اللحوم المتنوعة قد تؤثر تأثيرًا محايدًا أو إيجابيًا.

اللحوم وداء السكري من النمط الثاني

تظهر بعض الدراسات القائمة على الملاحظة وجود صلة بين تناول اللحوم الحمراء والمعالجة وزيادة خطر الإصابة بداء السكري. ومع ذلك، قد يعتمد الأمر أيضًا على عوامل غذائية أخرى.

فوائد تناول اللحوم

لتناول اللحوم فوائد صحية عديدة:

  •  قلة الشهية وزيادة التمثيل الغذائي: أظهرت عدة دراسات أن الأنظمة الغذائية عالية البروتين التي تشمل اللحوم تزيد معدل التمثيل الغذائي وتقلل الجوع وتعزز الإحساس بالامتلاء.
  •  الحفاظ على الكتلة العضلية: يرتبط تناول البروتين الحيواني باستمرار مع زيادة الكتلة العضلية، فقد أدى تناول لحم البقر في إحدى الدراسات التي أجريت على النساء المسنات إلى زيادة الكتلة العضلية وتقليل علامات الالتهاب.
  •  تقوية العظام: قد يحسن البروتين الحيواني كثافة العظام ويقويها. وفقًا لإحدى الدراسات ينخفض خطر الإصابة بكسور الورك بنسبة 69% عند النساء المسنات اللائي تناولن كميات كبيرةً من البروتين الحيواني.
  •  زيادة امتصاص الحديد: تحتوي اللحوم على حديد الهيم، الذي يمتصه الجسم امتصاصًا أفضل من الحديد الموجود في النباتات.

المنظورات الأخلاقية والبيئية

يختار بعض الناس عدم تناول اللحوم لأنهم لا يؤمنون بقتل الحيوانات من أجل تناولها مع وجود طرق أخرى تلبي احتياجاتهم الغذائية، ويعترض آخرون على تربية الحيوانات في مجمعات صناعية كبيرة يشار إليها أحيانًا بمزارع المصانع، تكون هذه المزارع مزدحمة، وتمنع الحيوانات غالبًا من التحرك الكافي ولا تسمح لهم بالحصول على ضوء الشمس أو مساحة للتنقل. تُعطى الماشية مضادات حيوية غالبًا لمنع العدوى بينها، ما يؤدي إلى مقاومتها للمضادات الحيوية على المدى الطويل.

تُعطى العديد من الحيوانات هرمونات الستيرويد مثل هرمون الإستروجين والبروجسترون والتستوستيرون لتسريع نموها، ما يثير مخاوف صحية وأخلاقية.

تُنتقَد الآثار البيئية للزراعة في المصانع، ولا سيما النفايات الناتجة عن تربية المواشي وذبحها، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة إنتاج اللحوم القائمة على الحبوب (اللحوم المُستنبَتة).

لحسن الحظ هناك بدائل، إذ يمكنك دعم المزارع الصغيرة التي تربي الحيوانات تربيةً جيدة، ولا تستخدم المضادات الحيوية أو الهرمونات، وتوفر للحيوانات أنظمة غذائية طبيعية.

باختصار، يعترض البعض على قتل الحيوانات من أجل الغذاء أو الظروف السيئة في المزارع الصناعية أو الآثار البيئية لتربية الماشية.

كيفية زيادة الفوائد وتقليل الآثار السلبية

يمكن اختيار اللحوم غير المعالجة بهدف زيادة الفوائد وتقليل المخاطر إلى الحد الأدنى، بالإضافة إلى تجنب الطهي بدرجات الحرارة العالية، وإدراج الأطعمة النباتية في النظام الغذائي واختيار لحوم الحيوانات العاشبة أو المعلوفة عضويًا قدر المستطاع.

اقرأ أيضًا:

الحمية الغذائية المناسبة لمرضى الربو

هل يزيد النظام الغذائي عالي البروتين خطر النوبات القلبية؟

ترجمة: مريم عيسى

تدقيق: راما الهريسي

المصدر