قد يختار العديد من الناس اتباع نظام غذائي غني بالبروتين لفقدان الوزن وبناء كتلة عضلية. لكن أوضحت دراسة جديدة أُجريت على الفئران أن مثل هذا النظام الغذائي قد يُعرِّض صحة القلب والأوعية الدموية للخطر.

يقول الدكتور باباك رزاني Babak Razani الأستاذ في كلية الطب بجامعة واشنطن: «تقلل الوجبات الغذائية الغنية بالبروتين الوزن بالفعل وزادت شعبيتها في السنوات الأخيرة، لكن الدراسات على الحيوانات وبعض دراسات الأوبئة أفادت بوجود رابط بين ارتفاع تناول البروتين الغذائي ومشاكل القلب والأوعية الدموية».

لذلك قرر الدكتور رزاني وزملاؤه تحري ارتباط الوجبات الغذائية الغنية بالبروتين بتراكم اللويحات داخل الشرايين، ما يؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية.

يقول رزاني: «قررنا بحث مسألة وجود علاقة سببية بين ارتفاع البروتين الغذائي وضعف صحة القلب والأوعية الدموية». أجرى رزاني وفريقه دراستهم على الفئران ونُشرَت النتائج في مجلة Nature Metabolism.

هل يزيد النظام الغذائي عالي البروتين خطر النوبات القلبية؟ - اتباع نظام غذائي غني بالبروتين لفقدان الوزن وبناء كتلة عضلية - اللويحات الشريانية

زيادة تراكم اللويحات

قسم الباحثون الفئران إلى مجموعتين، وتغذت كلها على نظام غذائي مرتفع الدهون، لكن تلقت إحدى المجموعتين نظامًا غذائيًّا عالي البروتين، والأخرى نظامًا غذائيًّا منخفض البروتين (مع ثبات محتوى الدهون في الحالتين)، لدراسة الاختلافات بين النظامين.

إن إضافة مكيالين من مسحوق البروتين إلى اللبن المخفوق أو العصير يضيف نحو 40 غرامًا من البروتين، وهو ما يعادل تقريبًا الحصة اليومية المُوصى بها. لبحث تأثير البروتين على صحة القلب والأوعية الدموية، أضاف الباحثون -في المجموعة الأولى- ثلاثة أضعاف هذه الكمية من البروتين، ما رفع السعرات الحرارية التي تتلقاها الفئران في هذه المجموعة من 15٪ إلى 46٪.

وجد الفريق أن الفئران التي تغذَّت على نظام غذائي غني بالبروتين والدهون أُصيبت بتصلب الشرايين -وهي حالة تتميز بتراكم اللويحات الشريانية- وكان أسوأ كثيرًا من الفئران التي تناولت حميةً غذائيةً مرتفعة الدهون منخفضة البروتين.

لم تكتسب الفئران التي تلقت النظام الغذائي الغني بالدهون والبروتين أي وزن رغم تناول الكثير من الدهون، ومع ذلك تراكمت اللويحات الشريانية بأكثر من 30٪ مقارنةً بالفئران التي اتَّبعت النظام الغذائي مرتفع الدهون منخفض البروتين. إضافةً إلى أن اللويحات المتراكمة في شرايين هذه الفئران كانت من النوع المسمى لويحة غير مستقرة “unstable” plaque، وهي لويحة رفيعة قد تؤدي إلى تمزق جدار الشريان بسهولة، فيزداد خطر حدوث الانسداد أو النوبة القلبية.

ليست هذه هي الدراسة الأولى التي تُظهر زيادة تراكم اللويحات عند اتباع نظام غذائي غني بالبروتين، لكنها تقدم فهمًا أعمق لتأثير البروتين المرتفع وتحليل اللويحات تفصيليًّا، أي أنها توضح كيف ولماذا يؤدي البروتين الغذائي إلى تراكم لويحات غير مستقرة.

وصفة لنوبة قلبية

أوضح الباحثون أن أجسام الثدييات لديها بالفعل خط دفاع أولي ضد اللويحات الشريانية، إذ تلتقط الخلايا البلعمية macrophages (أحد أنواع خلايا الدم البيضاء) هذه التراكمات وتتخلص منها. لكن أحيانًا تعجز الخلايا البلعمية عن أداء هذه المهمة، ما يسمح للويحات الشريانية بمواصلة النمو.

قال الدكتور رزاني: «تحولت اللويحات الشريانية إلى مقبرة للخلايا البلعمية في الفئران التي تلقت النظام الغذائي الغني بالبروتين. إن كثرة الخلايا الميتة داخل اللويحة تجعلها غير مستقرة وعُرضة للتمزق. ويمثل تدفق الدم عبر اللويحة -خاصةً لدى مرضى ضغط الدم المرتفع- الكثير من الضغط على اللويحة، ما يزيد من خطر النوبة القلبية».

درس الباحثون الآلية التي تُمكِّن البروتين الغذائي من تكوين لويحة شريانية غير مستقرة. فتابعوا ما يحدث بعد هضم البروتين الغذائي، أي تكسيره إلى الأحماض الأمينية المُكوِّنة له. وجد الفريق أن الأحماض الأمينية العديدة في النظام الغذائي الغني بالبروتين تُنشط بروتينًا آخر، هو الهدف الثديي للراباميسين mammalian target of rapamycin، اختصارًا mTOR، الموجود في الخلايا البلعمية.

يؤدي تنشيط هذا البروتين إلى إرسال إشارات إلى الخلايا البلعمية للتركيز على النمو بدلًا من تحديد تراكم اللويحات وإزالتها. وتؤدي عملية النمو غير الطبيعية هذه إلى موت الخلايا البلعمية في النهاية.

مسار الأبحاث المستقبلية

العامل الرئيسي المتسبب في فقدان الخلايا البلعمية لوظائفها هو وجود نوعين من الأحماض الأمينية، هما ليوسين leucine وأرجينين arginine، يقودنا ذلك إلى معرفة الأطعمة التي يجب علينا تجنبها، فمثلًا اللحوم الحمراء غنية بالليوسين مقارنةً بالأسماك أو مصادر البروتين النباتية.

ويقودنا ذلك إلى إجراء المزيد من الأبحاث حول النظام الغذائي وصحة القلب والأوعية الدموية. يقول الدكتور رزاني: «قد تبحث دراسات مستقبلية للحميات الغذائية مرتفعة البروتين الأنواع المختلفة من الأحماض الأمينية، لمعرفة أثرها في زيادة تراكم اللويحات».

إن موت الخلايا هو السمة الرئيسية لعدم استقرار اللويحات. فإذا تمكنا من منع ذلك، قد نتمكن من تقليل عدم استقرار اللويحات، وإن لم نقلل من حجمها. يشير الباحثون أيضًا إلى أن بحث هذه الآليات بدقة قد يؤدي إلى تطوير علاجات أفضل لمشاكل القلب والأوعية الدموية.

واختتم الدكتور رزاني حديثه قائلًا: «لا تحدد هذه الدراسة مسار المخاطر القلبية الوعائية للبروتين الغذائي فحسب، لكنها تُرسي أيضًا أسس استهداف هذه المسارات في علاج أمراض القلب».

اقرأ أيضًا:

ما هي البروتينات ؟ نظرة عامة على البروتين

البروتين مع بكتيريا الأمعاء لمنع البدانة.. كيف يحدث ذلك؟

ترجمة: منار سعيد

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر