توصل العلم لمعرفةِ سبب لجوء البعض للسلوك العِدائي والوضعّي بعد شُربهم للكحول، حيث نشرت مجلة (Cognitive, Affective &Behavioral Neuroscience) المتخصصة بعلوم الأعصاب ورقةً بحثيّةً في شهر فبراير من العام 2018 تعرض من خلالها صور رنينٍ مغناطيسي لأدمِغة متطوعين يُقسمون لفريقٍ ثملٍ و آخر غير ثملٍ، وتبينت الآثار المترتبة على القشرة الدماغية الأمامية (القشرة الأمامية الجبهية)، وهو الجزء الذي يُعتقد أنّه مسؤولٌ عن ضبط سلوكيات الإنسان الاجتماعية والعدوانية ومجموعة أخرى من المهام.

في الدراسة الجديدة، اختار باحثون من (جامعة نيو ساوث ويلز –New South Wales ) في استراليا خمسين شخصًا تتراوح اعمارهم ( 18-30) سنةً للمشاركة بلعبةٍمحفزةٍ للسلوك العِدائي والعنيف من بعد انتهاء الفريق الأول من شرب الكحول، إذ إنّها لعبةٌ تنافسيةٌ تعتمد على سرعة ردة الفعل لكل مشاركٍ والتنافس فيما بينهم،حيث كان كل ذلك يحصل داخل غرفة التصوير المغناطيسي والخطوات هي أن يضغط المتنافس زرًا كلما رأى مربع وفي حال سبقه منافسه يُعاقب من خلال إصدار أصواتٍ مزعجةٍ بدرجاتٍ تتراوح قوتها (1-4) من خلال هذه الارقام يعرف المتطوع درجة عدوانية خصمه، وكذلك يتُبع هذا الأسلوب عندما يلعبُ المتطوع مع جهازٍ مدار بالذكاء الاصطناعي.

أظهر مسح التصوير المغناطيسي أثناء قيام المشاركين بالسلوكيات العدوانية أنّ المتطوعين الذين هم تحت تأثير الكحول لديهم انخفضًا حادًا في نشاط المخ وبالأخص في القشرة الدماغية الأمامية وانخفاض مستوى النشاط لمناطقٍ عدة في الدماغ مرتبطةٌ بالذاكرة اللحظية والمناطق التي تُصدرأوامر الكبح والنهي من الدماغ، بالمقارنة مع المتطوعين الذين هم ليسوا تحت تأثير الكحول، وأضاف الباحثون للنتيجة: «يعتقد أنّ السلوكَ العدواني يحدث لأن الكحول تجعل الشخص يصبُ تركيزه على الأحداث المزعجة المستفزة ويبعده عن الأحداث والعوامل المُعززة للإشارات الكابحة للسلوك العدواني والمحفزة على الالتزام بالأعراف السلوكية والاجتماعية المقبولة».

وذلك يعني اعتقاد الباحثين بأنّ آثار الثمالة على القشرة الدماغية تجعل الشخص أكثر قابليةً للتفاعل مع الأحداث المستفزة للإنسان أو المزعجة غير المرغوبة مع التغاضي عن الموانع أو الآداب الاجتماعية مما ينتج عنه سلوكًا عدوانيًا، إضافة لأن الشخص الثمل تكون لديه نسبة أقل من وعي الذات في حينها.

الصورة قد اتضحت حول مصدر السلوك العنيف تحت تأثير الكحول، لكن بالتأكيد هناك حاجةٌ للمزيد من الاختبارات والدراسات التي تمتلك نفس الطابع لما سبق من الدراسات لزيادة حجم العينات والنتائج.

باستثناء كل ما سبق من نتائج، أضف لها حصول سقاة الحانات على جملةٍ جديدةٍ لحث الزبائن المتحمسين على الاكتفاء بما شربوا كأن ينصحه بالتوقف عن المزيد فيقول: « إنّ القشرة الامامية لدماغك قد وصلت حد سعتها!».


  • ترجمة: وسام الزيادات.
  • تدقيق: رَنْد عصام.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر