البكتيريا تمتلك ذاكرة تورّثها إلى أجيالها اللاحقة. يساعد اكتشاف هذه الميكروبات التي تمتلك ذاكرة في علاج الالتهابات البكتيرية وفي الوقاية منها، وقد يساعد على مكافحة مقاومة الصادات الحيوية.

أظهرت أبحاث جديدة أن البكتيريا -رغم افتقار وجود الخلايا العصبية والمشابك العصبية والجهاز العصبي لديها- قادرةٌ على تكوين شيء ما يشبه الذكريات. وعلاوة على ذلك، يمكنها نقل هذه الذكريات إلى السلالات الجديدة منها إلى أربعة أجيال على الأقل.

لا يعني القول أن البكتيريا تقوم برحلة في عالم الذاكرة، أو حتى تذكر الوقت الذي استخرجت فيه العناصر النادرة أفضل مما فعل البشر أو الشعور بالحنين، ولكنها قادرة على ذلك بتشكيل نوع من الذاكرة بناءً على مستويات الحديد الخلوي المتوفرة لديها.

قال مؤلف الدراسة الرئيسي سوفيك بهاتاشاريا في بيان له: «ليس للبكتيريا أدمغة، لكنها تستطيع جمع المعلومات من بيئتها، وإذا واجهت تلك البيئة مرارًا وتكرارًا، فيمكنها تخزين تلك المعلومات والوصول إليها بسرعة لاحقًا بما يخدم أهدافها».

للتأكد من هذا الأمر، درس بهاتاشاريا وزملاؤه الكائن الحي النموذجي وهو الإشريكية الكولونية، ووجدوا أن هذه البكتيريا تستخدم مستويات الحديد لتذكّر سلوكيات معينة، التي يمكن بعد ذلك تنشيطها استجابة لنفس المحفزات.

تحتوي البكتيريا على مستويات مختلفة من الحديد، وهو أمر مهم جدًا لعملية التمثيل الغذائي الخلوي. وجد الباحثون أن تلك البكتيريا التي لديها مستويات منخفضة من الحديد، كانت أكثر قدرةً على التكاثر وهذا يعني أنها كانت أفضل في التجمع على سطح واحد والتحرك ككتلة واحدة. وفي الوقت نفسه، لوحظ أن البكتيريا التي لديها مستويات عالية من الحديد في خلاياها تبقى في أماكنها، وتشكل الأغشية الحيوية.

لذلك يبدو أنه عند تعرض البكتيريا للاحتشاد الأولي، تمكنت البكتيريا المعرضة لمستوى منخفض من الحديد من الاحتشاد أفضل، كما لو أنها تذكرت كيف!

كتب مؤلفو البحث: «لوحظ أن تجربة الاحتشاد السابقة تُتَذَكَّر عندما تواجه الإشريكية القولونية سطحًا جديدًا، ما يحسن كفاءة الاحتشاد في المستقبل».

استمرت هذه الذكريات المرتبطة بالحديد مدة أربعة أجيال، لكنها فُقدت طبيعيًا تقريبًا في الجيل السابع. ومع ذلك، وجد الباحثون أن التلاعب المصطنع بمستويات الحديد سمح لهم بالاستمرار حتى فترة أطول.

يكمل الباحثون أن هذه الذكريات الجرثومية ربما تطورت، فعندما تكون مستويات الحديد منخفضة، يُحفّز سلوك الاحتشاد، ما يسمح للبكتيريا بالبحث عن الحديد في محيطها. ومن ناحية أخرى عندما تكون مستويات الحديد مرتفعة، يمكنها البقاء في مكان واحد.

يشير الباحثون: «قد توفر الذاكرة المعتمدة على الحديد ميزة توفير مركز يربط بين استجابات الجهد المختلفة مثل بقاء المضادات الحيوية والأغشية الحيوية. وبذلك تمثل طريقًا جديدًا يستحق اكتشافه في محاولات الوقاية من الالتهابات البكتيرية ومقاومة المضادات الحيوية».

قال بهاتاشاريا: «تعد مستويات الحديد بالتأكيد هدفًا للعلاجات لأن الحديد يعد عاملًا مهمًا جدًا في الفوعة الجرثومية».

وفي النهاية كلما عرفنا المزيد عن سلوكيات البكتيريا، أصبح من الأسهل القضاء عليها.

اقرأ أيضًا:

اختراع جديد لاستخدام البكتريا في تنقية المياه

كيف تصمد البكتريا الملوية البوابية المسببة لعدوى و قرحة المعدة في بيئة المعدة الحامضية ؟

ترجمة: زينب عبد الكريم

تدقيق: زين حيدر

المصدر