لأول مرة على الإطلاق، اكتشف العلماء كيفية تسريع الإلكترونات باستخدام بروتونات يتم تمريرها باستخدام البلازما.

هذا شيء مهم جدًا، لأنه قد يؤدي إلى اختراع مسرعات جسيمات أصغر وأرخص بكثير من تلك التي نعتمد عليها حاليًا.

في الوقت الحالي، إذا كنت ترغب في تركيب مصادم هيدرونات كبير (LHC) في حديقتك الخلفية، فإنك ستحتاج إلى نفق كونكريتي بطول 27 كيلومترًا (حوالي 17 ميلًا)، و 5 مليارات دولار من أجل قطع الغيار الاحتياطية.

لكن هذه التجربة الجديدة تستخدم ما يعرف باسم تسارع ويكفيلد (Wakefields) للبلازما – وتشغل حيزًا يصل إلى 10 أمتار من الفضاء.

لقد عمل الفريق الذي يقف وراء التجربة المتطورة لتسريع البلازما باستعمال البروتونات ويكفيلد (AWAKE) في CERN في جنيف لمدة خمس سنوات للحصول على نتيجة كهذه، وعلى الرغم من أنها لا تزال في مراحل مبكرة من التطوير، فإنها فقد تؤدي في النهاية إلى إحداث تحسن كبير في طريقة دراسة الفيزياء الأساسية في العالم.

يقول الباحثون: «إن النتائج الموضحة هنا هي خطوة هامة نحو تطوير مسرعات جسيمات عالية الطاقة للمستقبل».

ما يحدث في مسرعات الجسيمات الموجودة، مثل LHC، هو أن الحقول الكهربائية المتذبذبة تعمل داخل الفراغات المحتجزة التي تسمى بالتجاويف، ما يخلق منطقتين بشحنتين مختلفتين تعملان على تحفيز الحزم الجسيمية وصولًا إلى مستويات عالية من الطاقة.

بعد ذلك يمكن سحق هذه الجسيمات معًا وفهمها بالتفصيل لدراسة الجسيمات على المستوى دون الذري.

لتحقيق هذا، نحتاج إلى سلسلة طويلة من التجاويف، ومن هنا تمتد مسافة الـ 27 كيلومترًا (17 ميل) التي تشكل مصادم الهادرون الكبير.

في التقنية الجديدة، يتم إطلاق شعاع من البروتونات من خلال بلازما فائقة السخونة تشبه إلى حدٍ ما زورقًا يشق الأمواج – هذه الفقاعات من المجالات الكهربائية الكثيفة التي يتم إنشاؤها هي ما يسمى بـ ويكفيلد.

إذا تم إرسال حزمة من الإلكترونات عبر نفس المساحة المحتجزة، وتوقيتها للتزامن مع الحقول الكهربائية بشكل مثالي، يمكن للإلكترونات ركوب هذه الأمواج مثل راكبي الأمواج المحترفين، وتحقيق سرعات عالية في مسافة قصيرة.

يمكنك رؤية مديرة مشروع AWAKE العالمة إيدا غشويندتنر (Edda Gschwendtner) تشرح العملية في الفيديو أدناه:

يقول أحد أعضاء الفريق الفيزيائي ماثيو وينج من جامعة كوليدج في لندن في المملكة المتحدة والمتحدث باسم أوكاي في جيزمودو: «أعتقد أننا نستطيع أن نصنع قريبًا شعاع الإلكترون الأعلى طاقةً على الأطلاق».

لم تكن ويكفيلد (Wakefields) فكرة جديدة وكانت موضوعًا للبحث منذ السبعينيات، ولكن هذه هي أول تجربة عملية لاستخدام البروتونات بنجاح في “حزمة إشعاع” أولية، بدلًا من الليزر أو الإلكترونات التي يتم استخدامها عادةً.

لكي يعمل كل هذا، يجب الحصول على البروتونات من مزامن البروتونات الخارق Super Proton Synchrotron (SPS) في سيرن CERN – وهو أنبوب يبلغ طوله 7 كيلومترات (4.3 ميل) والذي يزود أيضًا المصادم الكبير للهيدرونات LHC بالبروتونات.

مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، نحن لسنا بعد في المرحلة التي يمكننا فيها وضع مسرع جسيمات ضخم في دولاب منزلي – لكن العلامات مبشرة بالخير.

في هذه الحالة، على مسافة 10 أمتار (33 قدمًا)، تمكن العلماء من تسريع الإلكترونات إلى 2 GeV جيجا إلكترون فولت (giga-electron volts).

هذا أقل بكثير من مسرعات الإلكترونات الموجودة، والتي يمكن أن تنتج 6 GeV أو أكثر من ذلك – الرقم القياسي الحالي هو 13 TeV، أو 13,000 GeV، و يحتفظ بهذا اللقب مصادم الهادرون الكبير LHC.

ومع ذلك، فإن المرافق الأخرى للمصادم يبلغ طولها على الأقل عدة كيلومترات (وأطول بكثير في حالة LHC).

يعتقد الباحثون أن نموذجهم الأولي سوف ينجح بشكل جيد.

والآن بعد أن ثبت أن نموذج ويكفيلد لتسريع البلازما يعمل بشكل جيد، فإن الخطوات التالية تكمن في تحسين العمليات المعنية لجعلها أكثر كفاءة، وقادرة على العمل عند مستويات طاقة أعلى بكثير.

قد يستغرق ذلك من 5 إلى 10 سنوات، لكننا في الطريق لتحقيق ذلك.

تقول العالمة غشويندتنر: «إننا نتطلع إلى الحصول على المزيد من النتائج في تجربتنا لإثبات نطاق حقول البلازما ويكفيلد كأساس لإنشاء مسرعات جسيمات مستقبلية».


  • ترجمة: ليث اديب صليوه.
  • تدقيق: م. قيس شعبية.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر