أجرى الباحثون دراسة شملت بيانات لنصف مليون مريضة في الدانمارك، ولم يجدوا أي دليل على أن الإجهاض يزيد من خطر الانتحار بالرغم من إخبار الكثير من النساء عكس ذلك، وتوصلوا إلى أن المعدلات المرتفعة من الانتحار ليست بسبب الإجهاض، بل هي ناجمة عن المشاكل الصحية الموجودة مسبقًا كالأمراض النفسية أو تناول مضادات الاكتئاب.

تقول عالمة الصحة الإنجابية جوليا ستينبيرغ في جامعة مايرلاند: اسُتخدِمت فكرة أن الإجهاض يؤدي إلى أفكار انتحارية (متمثلة بخطط انتحارية أو تطبيق الانتحار) لوضع قوانين سياسات الإجهاض في بعض مناطق العالم، لا سيما القوانين التي تتطلب إخبار النساء اللواتي يسعين وراء الإجهاض، ولكن نتائج دراستنا لا تدعم هذه الفكرة.

مع ذلك يُجبر الأطباء في الكثير من الأماكن على إخبار المراجعات بمعلومات غير موثوقة حول آثار الإجهاض النفسية والعاطفية السلبية، التي من الممكن أن تتضمن فكرة خطر زيادة التفكير بالانتحار.

هل يسبب الإجهاض زيادة خطر الانتحار عند النساء - الإجهاض يزيد من خطر الانتحار بالرغم من إخبار الكثير من النساء عكس ذلك - الأمراض النفسية

تستند هذه التحذيرات على دراسات مملوءة بالقيود والعيوب، وقد حاول عدد من الباحثين استخراج هذه النتائج بجهد أكبر خلال السنوات الأخيرة.

فبدلًا من النظر ببساطة إلى الحالة العقلية بعد الإجهاض، قارنت الدراسات الجديدة بين الحالة العقلية قبل الإجهاض وبعده، مع مراعاة سوابق الأمراض النفسية وغيرها من العوامل المحيرة.

في العام الماضي، وجد تحليل شمل 1000 امرأة في غضون 5 سنوات أن مستويات التفكير في الانتحار كانت متقاربة بين النساء اللواتي خضعن للإجهاض واللواتي رفضنه.

كشف التحليل أن النساء اللواتي يخضعن للإجهاض في عمر حمل متأخر لَسن أكثر عرضة لخطر الأفكار الانتحارية. بل يمكن التنبؤ أكثر بخطر هذه الأفكار من خلال سوابق الأمراض العقلية وعنف الشريك العاطفي.

أنهت الدراسة بأن: «هذه السياسات التي تتطلب تحذير النساء من زيادة خطر الانتحار في حال خضوعهن للإجهاض ليست مسندة بالدليل».

وجدت مراجعات أخرى لسلامة الإجهاض وفاعليته أنه لا يزيد من الاكتئاب أو القلق أو اضطراب الضغط اللاحق للصدمة.

شملت أحدث الدراسات الدنيماركية مجموعة كبيرة من بيانات المراجعات خلال فترة 17 عامًا، واتفقت مع الدراسة السابقة، وذلك باستخدام بيانات المراجعات القومية وإحصاء محاولات الانتحار غير المميتة وإيذاء النفس بين النساء اللواتي خضعن لإجهاض لأول مرة في الثلث الأول من الحمل.

تمكنت الدراسة الجديدة من أن تضع في حسبانها حالات الصحة العقلية السابقة والجوانب السلبية للإبلاغ الذاتي عن الإجهاض والانتحار من خلال متابعة المشاركين من السنة السابقة للإجهاض إلى السنة التي تليها، وهذا ما عجزت عن تحقيقه الدراسة السابقة.

ختم الفريق بعد ضبط عدد من العوامل مثل العمر والسنة والتاريخ والصحة العقلية والجسدية والحالة الاجتماعية الاقتصادية بأنه: «لا يمكن للإجهاض أن يزيد محاولات الانتحار، فعند دراسة معدلات الحدوث الشهرية لمحاولات الانتحار في العام السابق والتالي للإجهاض لدى كل النساء المُجهِضات، بين النساء اللواتي راجعن ولم يراجعن طبيبًا نفسيًّا في السابق، استنتجنا أنه لا توجد أي تغيرات في معدلات الحدوث بين العام السابق والتالي للإجهاض لكل من المجموعات الثلاثة.

وحتى نكون موضوعيين، لم تنظر الدراسة على تأثير الإجهاض المتأخر أو الإجهاضات المتعددة على الصحة العقلية، ولكن تقترح النتائج على الأقل أن الإجهاض المبكر لا يزيد من خطر الانتحار».

يعارض الباحثون أي سياسة معتمدة على هذه الفكرة ويعتبرونها مضللة.

قال عالم الاجتماع والسلوك جينيك فان ديتزهيوجزين من جامعة أمستردام في هولاندا «إن زيادة خطر محاولات الانتحار غير المميتة لدى النساء اللواتي خضعن لإجهاض قد تكون متعلقة بعوامل خطرة تحدث ضمن وقت قريب من الحمل غير المرغوب والإجهاض، مثل عنف الشريك العاطفي أو العلاقات غير المستقرة أو الأحداث الحياتية السلبية الأخرى التي لم يتمكن ستينبيرغ وزملاؤه من جمعها، فإن هذا لا يعني أن الإجهاض إشارة إلى أن النساء يمررن بوقت صعب، أو أن أعراض الاضطراب النفسي منسوبة إلى الإجهاض ، بل بالأحرى هناك نساء معرضات لخطر مرتفع للانتحار بسبب الصعوبات المتعددة التي تشمل الحمل غير المرغوب والإجهاض». لم يشارك جينيك في الدراسة ولكنه كتب منشورًا مؤيدًا لها.

اقرأ أيضًا:

الحمل والإجهاض: كل ما يجب أن تعلميه

هل يسبب التنمر الانتحار

الانتحار بين الأطباء يصل أرقامًا قياسية

ترجمة: أحمد رجب

تدقيق: عون حداد

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر