لقد تسبب ستيفين هوكينج للأسف في موجة من القلق انتشرت في الوسط العام بعد أن كشف أنه يؤمن بقدوم فقاعة موت كونية ستمحي الكون نتيجةً للتغيرات التي تحدث لمجال “جسيم الإله”.

ولزيادة الأمور سوءًا، كَتَبَ هوكينج في مقدمة كتابه الجديد أن ذلك قد يحدث في أي وقت، وبدون تحذير مسبق.

يعتقد هوكينج، مع العديد من الخبراء الآخرين، أنه في يومٍ ما سيتسبب تغير في حالة الطاقة بالكون في أن يتعرض للكون لـ”تحلل فراغي كارثي“، مما يعني أن تغيرات الطاقة ستتسبب في تكوين فقاعة فراغ تتمدد بسرعة الضوء لتقوم بحرث الفضاء كله، مدمرةً كل شيءٍ في طريقها.

ولكن لا تخف وتبدأ في تجهيز قائمة بالأشياء التي عليك فعلها قبل الموت منذ الآن، حيث أنه حتى لو حدث شيءٌ كهذا، فإنه لن يحدث قبل مليارات السنين من الآن.

عباقرة الفيزياء: ستيفن هوكينج (اليمين) مع بيتر هيجز (اليسار) في متحف العلم بلندن، نوفمبر 2013. يُذكر أن هوكينج لطالما اعتقد أنّ بوزون هيجز لن يتمّ اكتشافها لا في مصادم LEP وقتما راهن على ذلك أو في أي مصادم آخر، وذلك بناءًا على بحث له عام 1995 حيث توقع أن “ثقوب سوداء إفتراضية” قد تجعل من المستحيل ملاحظة مثل هذا الجسيم. حينما علم بيتر هيجز برهان هوكينج، قال أن هوكينج قد جمع بين فيزياء الجسيمات والجاذبية بطريقة “لن يصدقها أي عالم فيزياء جسيمات نظرية”. هذا الجدال بين هوكينج وهيجز انفجر لاحقًا للعامة. في عشاء بإدنبرة (حيث يعمل هيجز)، أشار هيجز إلى أنه من المستحيل أن تدخل في نقاش مع هوكينج، وأنّ الأخير لم يتمّ تحديه من قبل على الملء أبدًا كما تمّ تحدي باقي علماء الفيزياء، مضيفًا: “إنه يفلت من البيانات الرسمية بطريقة لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها. شهرته تعطيه صلاحية فورية لا يمكلها الآخرون.” حين سمع هوكينج بهذا ردّ سريعًا: “أنا متفاجئ بعمق المشاعر في ملاحظات هيجز. أنا أتمنى أن نستطيع مناقشة الأمور العلمية بدون ملاحظات شخصيّة.” تمّ اكتشاف بوزون هيجز في عام 2012 في مصادم LHC، وحصل بيتر هيجز على نوبل في العام التالي. [المصدر]

بوزون هيجز هو جسيم أساسي ظهرت التوقعات بشأن وجوده لأول مرة في عام 1964 بواسطة مجموعة من الفيزيائيين، كان من ضمنهم بيتير هيجز.

يُصاحب بوزون هيجز مجالٌ غيرُ مرئيٍ من الطاقة يُسمى “مجال هيجز” وهو المتسبب في وجود كتلة لكل شيء يشارك بوزون هيجز فيه.

كان هذا الاكتشاف هامًا لأنه قام بسد فجوة كبيرة في النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات الذي يشرح ثلاثة من الأربعة قوى الأساسية في الكون: القوة الكهرومغناطيسية، القوة القوية، والقوة الضعيفة.

القوة الرابعة هي قوة الجاذبية، ولا تُعتبر تلك القوة جزءًا من النموذج المعياري.

باستخدام بيانات قامت سيرن بجمعها من مصادم الهادرونات الكبير (LHC)، تمكن علماء الفيزياء من قياس كتلة بوزون هيجز، ووجدوا أنها حوالي 125 جيجا إلكترون فولت GeV أو 125 مليار إلكترون فولت.

هذه الكتلة بالتحديد هي الكتلة المناسبة للحفاظ على الكون على حافة عدم الاستقرار، أو ما يُسمى بالحالة متبدلة الاستقرار.

ولكن إذا إنهارت تلك الحالة، فسيصبح الكون غير مستقرٍ وسيؤدي ذلك إلى حدث كارثي.

إذا ما الذي سيجلب يوم قيامة هيجز؟

يعتقد الفيزيائيون أن حالة الطاقة في حقل هيجز تتغير ببطء على مدار الزمن.

حاليًا، توجد تلك الطاقة في أقل حالة ممكنة لها، ولن تتغير إلى حالة أخرى إلا بوجود قدر هائل من الطاقة.

ولكن قد يؤدي هذا التغير في الطاقة إلى مايُسمى بـ”النفق الكمي” والذي سيقوم مبدئيًا بتوفير طريقِ مختصر لحالة أقل من الطاقة.

هذه النقلة تُعرف بإسم “التحلل الفراغي”.

ولو حدثت فستتمدد هذه الفقاعة المتكونة من هذا الفراغ الجديد عبر الفضاء بسرعة الضوء، ماحيةً كل شيء في طريقها.

ومما يثير الاهتمام أنه، وفقًا لعالم الفيزياء جوزيف ليكين Joseph Lykken، نحن حاليًا نجلس على الحافة بين الكون المستقر والكون الغير مستقر.

حيث قال ليكين في محاضرةٍ قريبةٍ له “نحن على مايُشابه الحافة التي قد يبقى الكون عليها لفترة طويلة من الزمن، ولكنه في النهاية سينتهي.

لايوجد مبدأ نعلمه حاليًا قد يجعلنا نبقى للأبد على تلك الحافة”.

يبدو الأمر كما لو أن كل علماء الفيزياء يتفقون على أننا لن ننتقل إلى حالة أقل من الطاقة في المستقبل القريب.

وفقًا لعالِمة الفلك كاتي ماك Katie Mack، فلو حدث شيءٌ كهذا “فإنه كان من المُفترض أن يكون حدث في الكون المبكر جدًا، حيث كان ذلك الزمن ملئ بالطاقة”.

ولكنه من الممكن أيضًا أن تكون حساباتنا خاطئة، والكون أكثر استقرارًا مما نعتقده.

تقول ماك في مقالتها

“كل شيء يقوله هوكينج صحيح: قوة هيجز هي ماتحكم حالة الفراغ التي نوجد فيها، ويمكننا أن ننتقل من تلك الحالة. ولكنه شيء من المستبعد جدًا أن يحدث.

أنا أحاول في الحين أن أدافع عن بوزون هيجز المسكين، فهو لايسعى لأذيتنا بعد كل شيء”.