إن كنت تتبع حميةً غذائية ما، فإن تناول وجبات الغش خارج أوقات الحمية قد يؤثر في طريقة عمل الدماغ!

معظمنا يتفق أن تناول الطعام الصحي والمفيد مهمٌ لصحتنا. ولكن قد نرغب في تدليل أنفسنا بوجبة غير صحية أو اثنتين في بعض الأوقات.

في دراسة أجراها باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، اقتُرِحَ أنّ اتباع حمية غذائية صحية تتخللها وجبات الغش لن تسبب زيادة الوزن فقط، بل ستؤثر على وظائف الدماغ وصحة الأمعاء عند القوارض.

فقد ظهر لدى الفئران التي اتبعت حمية ما ولكنها في نفس الوقت كانت تتغذى على الأطعمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة ضعفٌ إدراكي كبير، خاصةً في اختبارات الذاكرة المكانية، وتغيرات سيئة في ميكروبيوم الأمعاء (النبيت البكتيري المفيد في الأمعاء).

يُعتقد أن هذه النتائج في غاية الأهمية لجعلنا نفكر كيف نحافظ على صحة أدمغتنا عندما نصل إلى سن الشيخوخة. وذلك بحسب عالمة الأعصاب مارغريت موريس من جامعة نيو ساوث ويلز.

توسعت الدراسة في البحث السابق الذي أجراه أعضاء الفريق الذي وجد ارتباطًا بين سوء التغذية من جهة وضعف الذاكرة المكانية طويلة المدى من جهة أخرى، ما قد يوفر لنا معلوماتٍ جديدة حول تأثيرات اتباع الحمية أو عدم الالتزام بها.

يُنظر إلي وجبات الغش أحيانًا على أنها خيار وسط بين الإفراط في اتباع الحمية الصحية أو تناول الطعام غير الصحي، لكن سيكون لهذا التقلب في التغذية ثمنه.

أُجريَت ثلاث تجارب مختلفة، في كل منها مجموعة مكونة من 12 فأرًا، اتبعت كل مجموعة حمية على غذاء الفئران الطبيعي. مقارنةً مع ثلاث مجموعات تجريبية مكونة من 12 فأرًا كانت في بعض الأحيان تتناول الأغذية المُصنّعة عالية الدهون والسكريات.

أمضت المجموعات التجريبية نفس العدد الإجمالي للأيام تتغذى على طعام غير صحي، إما على التوالي أو موزعة عبر دورات زمنية مختلفة الطول.

قبل إجراء التجربة واتباع الفئران للحمية، اختبر الباحثون ذاكرة الفئران قصيرة المدى وتحروا عن البكتيريا في برازهم، سجّل الباحثون أيضًا أوزانهم قبل الحمية وبعدها وتتبعوا مقدار كل نوع من أنواع الأطعمة التي سوف تستهلكها الفئران.

وجدت النتائج عند الفئران التي تناولت طعام غير صحي أن البكتيريا المعوية أصبحت أقل تنوعًا، وتزايدت البكتيريا المرتبطة بالسمنة بينما قلت تلك المرتبطة بالتحكم في الوزن. ومع استمرار الحمية غير الصحية، ساءت هذه التغييرات أكثر فأكثر.

إذ أصبح الضعف الإدراكي أكثر حدة بمرور الوقت، فالفئران التي اتبعت الحمية غير الصحية كانت الأسوأ أداءً في اختبارات الذاكرة.

وأضاف مايك كنديج، عالم في جامعة نيو ساوث ويلز: «أشارات التحليلات إلى أن مستويات البكتيريا أيضًا مرتبطة بمدى ضعف الذاكرة، الذي يشير إلى وجود تأثيرات للحمية على الإدراك والميكروبيوم أيضًا».

من جهة أخرى، اكتسبت الفئران التي اتبعت الحمية عالية الدهون والسكريات لفترة طويلة وزنًا أكثر من الفئران في مجموعة الحمية الصحية العادية وذلك ليس بالغريب. لكن يبدو أن طول فترة الحمية غير الصحية لا تؤثر على زيادة الوزن بشكل مباشر.

قد لا تكون التأثيرات على صحة الأمعاء والذاكرة مرتبطةً بزيادة الوزن التي تحدث عادة بسبب اتباع حمية غير صحية.

وتقول موريس: «عند البشر، نعلم أن الحمية غير الصحية التي تسبب الالتهاب في الدماغ تؤثر سلبًا على وظائفه. وقد أظهرت التجارب في الفئران أن هذه العيوب المعرفية ترتبط في الواقع بحدوث التهاب في الدماغ».

تُضيف هذه النتائج دليلًا جديدًا إلى مجموعة الأدلة التي تربط صحة الأمعاء واتباع حمية صحية بصحة الدماغ.

وُجِد أيضًا أن القناة الهضمية مرتبطة جدًا بأدمغتنا، وإن التغييرات في الميكروبيوم استجابة للحمية قد تؤثر في الدماغ والسلوك.

في حين أن هذه النتائج قد لا تكون ما نريد سماعه، إذ يؤكد الباحثون أن اتباع الحمية الصحية وتناول الطعام الصحي لفترة أطول من الوقت يحافظ على صحة الأمعاء والدماغ.

في الختام، تشير الكثير من الدراسات الأخرى إلى أن التغذية الجيدة تقلل من خطر الإصابة بالأمراض وقد تضيف سنوات إلى حياتنا، لذلك يجب استبدال الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات بخيارات أخرى أكثر صحية.

وإذا استطعنا الحفاظ على الحمية الصحية مع تنويع مصادر الأغذية من الفواكه والخضراوات والدهون منخفضة الإشباع والبروتينات الجيدة سيكون لدينا فرصة أكبر للحفاظ على إدراكنا وصحة أدمغتنا كلما تقدمنا في العمر.

اقرأ أيضًا:

11 شيئا يظن الناس أنه مدمر للحمية الغذائية، لكنهم مخطئون!

لماذا نعود لاكتساب ما خسرناه من وزن حالما نتوقف عن الحمية الغذائية؟

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر