تُعرف الرياح التي تُطلقها الثقوب السوداء الفائقة بأنها تدفقات فائقة السرعة UFOs؛ إذ تعد رياحًا فضائية شديدة تطلقها الثقوب السوداء فائقة الكتلة SMBHs في مركز المجرات النشطة AGNs، المعروفة أيضًا بالنجوم الزائفة.

تتحرك هذه الرياح بسرعة تقارب سرعة الضوء، وتنظم سلوك الثقوب السوداء فائقة الكتلة حين تكون في طور نشاطها.

وفقًا للأبحاث فإن الانبعاثات الغازية تسهم في عملية تكوين النجوم، لكنها ليست مفهومة بعد؛ إذ اهتم علماء الفلك بمعرفة مزيد من المعلومات عنها لتحسين فهمنا لما يحكم تطور المجرات. وهذه غاية مشروع SUBWAYS أو مشروع الأشعة السينية لدراسة الثقوب السوداء فائقة الكتلة؛ إذ يعد المشروع بحثًا دوليًا كُرست جهوده لدراسة النجوم الزائفة باستعمال تلسكوب وكالة الفضاء الأوروبية تلسكوب نيوتن الفضائي XMM-Newton.

شارك النتائج الأولية للمشروع مجموعة من العلماء بقيادة جامعة بولونيا، والمعهد الدولي للفيزياء الفلكية في إيطاليا؛ إذ قدم الفريق بيانات طيفية لتوصيف خصائص التدفقات عالية السرعة لـ 22 مجرة مضيئة في الورقة البحثية التي نشرت نتائجهم.

يتألف مشروع SUBWAYS من علماء الفلك والفيزيائيين الفلكيين من المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في إيطاليا، والمعهد الدولي للفيزياء الفلكية، ومركز علوم الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية ESAC، ومعهد مراصد علوم الفضاء STScI، ومركز بيانات علوم الفضاء SSDC، ومركز علم الأحياء الفلكي الإسباني Centro de Astrobiologia، ومركز علم الكونيات وفيزياء الجسيمات الفلكية CCAP، ومركز غودغارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، والمعهد الهولندي لبحوث الفضاء SRON، ومعهد كافلي لعلم الكونيات، ومعهد ماكس بلانك لفيزياء الفضاء، وغيرها من الجامعات والمراصد.

وفقًا لمشروع SUBWAYS نشرت الورقة البحثية تحت عنوان «رياح الثقوب السوداء الفائقة في الأشعة السينية» في المجلة الفيزيائية الفلكية.

استخدم فريق المشروع في بحثهم مرآة ذات أشعة سينية متعددة XMM؛ لتحليل مراكز المجرات النشطة AGN، لمدة جاوزت 1.6 مليون ثانية (ثمانية عشر يومًا).

تطلق المناطق المحيطة بالثقوب السوداء فائقة الكتلة كميات هائلة من الإشعاع على كامل الطيف الكهرومغناطيسي (عندما تكون الثقوب السوداء نشطة) لدرجة أنها تشع أكثر من جميع النجوم الموجودة في قرص المجرة مجتمعة.

تؤدي الحرارة المرتفعة المتولدة قرب الثقوب السوداء فائقة الكتلة -التي تتجاوز مليون درجة مئوية- إلى إطلاق الإشعاعات من المواد المحيطة بها ورفع شدة التأيّن لديها (المواد التي تتحول إلى أيونات بعد ذوبانها في الماء وتدعى المواد الكتروليتية).

تنشأ الرياح القوية عندما يُطلق الغبار والغازات من القرص التراكمي من الثقوب السوداء إلى خارجها، ما يؤدي إلى نقل بعض المواد والطاقة إلى الفضاء وانتشارها بين النجوم؛ إذ أظهرت الأبحاث أن لهذه الآلية تداعيات مهمة لتنظيم عملية تكون النجوم.

للحصول على رؤية أفضل لهذه الرياح، حلل الفريق أطيافًا عالية الطاقة في نطاق الأشعة السينية باستعمال عناصر مثل الحديد؛ إذ شمل بحثهم 17 مركز مجرة نشط تقع على بعد 1.5 إلى 5 مليارات سنة ضوئية، وأضافوا إليه بيانات لخمسة مراكز مجرات نشطة جمعت من عمليات رصد سابقة.

أظهرت النتائج أن نحو 30% من مراكز المجرات النشطة التي درست توجد فيها رياح فضائية تسير بسرعات تتراوح بين 10% إلى 30% من سرعة الضوء.

بحسب بيان البروفيسورة مارسيلا بروسا من جامعة بولونيا، والمساعدة في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في إيطاليا، والمنسقة في مشروع صاب ويز، لمجلة يوني بو: «أتاحت لنا النتائج أن نثبت قطعيًا أن نسبة كبيرة من نوى المجرة النشطة تبعث رياحًا فائقة السرعة تدعى UFOs أو التدفقات فائقة السرعة؛ إذ تمكنا من التأكد من أن كثافة تدفق هذه الغازات كافية لتغيير نظام المجرات على نحو كبير».

توجد علاقة متبادلة بين الثقوب السوداء فائقة الكتلة والمجرة المحيطة بها؛ إذ يؤثر كلاهما في تكون وتطور الآخر. في حين أن الآلية التي تتحكم بهذه العلاقة ما تزال غير مفهومة، يعتقد أن لهذه الرياح دور هام في التأثير فيها.

لخص غابرييل ماتزيو الباحث في جامعة بولونيا، والمساعد في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في إيطاليا نتائج البحث قائلًا: «سمحت لنا الملاحظات بالحصول على دليل مستقل جديد على وجود مادة شديدة التأيّن تنبثق من المناطق الأعمق للنوى المجرية النشطة بسرعات تقارب سرعة الضوء؛ إذ أتاحت لنا النتاج أيضًا معرفة مزيد من المعلومات عن هذه الرياح فائقة السرعة وفهم أفضل لدورها في عملية تطور المجرات».

اقرأ أيضًا:

أقرب صورة على الإطلاق: أحد الثقوب السوداء الهائلة يبتلع نجمًا في الفضاء

أحد أكبر الثقوب السوداء المكتشفة على الإطلاق يبدو أكبر مما توقعنا!

ترجمة: فواز السيد

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر