عندما تنظُر إلى نجمٍ ما يصل ضوءه بعد السفر تجاهك لمئة عام، فأنت تنظُر إلى نجم يبعُد عنك مئة سنة ضوئية، بمعلومية أنّ سرعة الضوء محدودة.

لكن عندما تنظُر بعيدًا إلى مجرة يصل ضوءها بعد رحلة استغرقت مئة مليون عام إليك، فأنت لا تنظُر إلى مجرة تبعُد عنك مائة مليون سنة ضوئية، وإنما ترى مجرة أبعد كثيرًا من ذلك.

السبب هو أنّ الكون يتمدد في إطار النطاقات الواسعة، أي تِلك غير المُندمجة معًا بواسطة الجاذبية إلى مجرات أو مجموعات أو عناقيد كونية.

وكُلّما كانت رحلة الفوتون القادم إليك من مجرة بعيدة أطول، كُلّما كانت المجرة، ليس فقط بعيدة، بل أبعد من زمن سفر الضوء.

عندما تنظُر إلى نجمٍ ما يصل ضوءه بعد السفر تجاهك لمئة عام، فأنت تنظُر إلى نجم يبعُد عنك مئة سنة ضوئية، بمعلومية أنّ سرعة الضوء محدودة.

لكن عندما تنظُر بعيدًا إلى مجرة يصل ضوءها بعد رحلة استغرقت مئة مليون عام إليك، فأنت لا تنظُر إلى مجرة تبعُد عنك مائة مليون سنة ضوئية، وإنما ترى مجرة أبعد كثيرًا من ذلك.

السبب هو أنّ الكون يتمدد في إطار النطاقات الواسعة، أي تِلك غير المُندمجة معًا بواسطة الجاذبية إلى مجرات أو مجموعات أو عناقيد كونية.

وكُلّما كانت رحلة الفوتون القادم إليك من مجرة بعيدة أطول، كُلّما كانت المجرة، ليس فقط بعيدة، بل أبعد من زمن سفر الضوء.

يُعرف ذلك باسم (Cosmic Redshift- زيادة الطول الموجي للضوء عندما يتجه بعيدًا).

فعندما ينبعث ضوء بطاقة مُحددة، وبطول موجي مُعيّن، فإننا بالتالي نتوقّع أنّه سيصل إلى وِجهته بطول بموجي مُعيّن.

فإذا لم يكن نسيج الكون في توسُّع أو تقلُّص وإنما ثابت، فإنّ ذلك الطول الموجي سيكون هو نفسه.

لكن إذا كان الكون يتوسّع، فإنّ نسيج المكان يتمدد، وبالتالي فإنّ الطول الموجي لذلك الضوء سيُصبح أطول.

وبذلك تُمثّل لنا كميّة التغيّر في الطول الموجي لمصدر ضوئي كوني بعيد، نافذة على مدى توسُّع الكون مُنذ أن بدأ رحلته من المصدر مُتّجهًا إلينا.

وبناء على ذلك يُمكننا إعادة بناء تاريخ توسُّع الكون كاملًا عن طريق قياس تلك المصادر على مجموعة كاملة من المسافات، واكتشاف مدى التغيُّر في الطول الموجي لها، ثم قياس الفرق بين نقائها وحجمها الظاهر، أو بين نقائها وسطوعها الظاهر.

بالإضافة إلى ذلك، بما أنّ توسُّع الكون يُحدَّد بواسطة الأنواع المُختلفة للمادة والطاقة المُصاحبة له، يُمكننا معرفة مما الكون مصنوع:

  • 68% طاقة مُظلمة، ما يُعادل ثابت كوني
  • 27% مادة مُعتِمة
  • 4.9% مادة اعتيادية (بروتونات، نيوترونات، وإلكترونات)
  • 0.1% نيوترينوات ومضادات نيوترينو⦁ 0.008% فوتونات
  • ولا شيء آخر بالتأكيد، لا انحناءات، ولا أوتار كونيّة، ولا حدود نطاق، ولا أنسجة كونيّة، إلخ…

لكن بمجرد معرفتنا مما صُنع الكون بتلك الدرجة من الدقة، يُمكننا حينها تطبيق ذلك على قوانين الجاذبية (المُعطاة من نسبية أينشتاين العامة)، وتحديد ما هو مصير كوننا.

وكان ما اكتشفناه عندما طبّقنا ذلك لأول مرة على اكتشاف الكون المُستَعمَر بالطاقة المُظلمة، مُفزِعًا.

بدايةً، كان ذلك يعني أنّ كل المجرات غير المُحيطة بنا بفعل الجاذبية ستختفي عن الأنظار في النهاية.

إذ أنها ستُسرِع في الابتعاد عنّا بمُعدّل مُتناهي في الزيادة، بينما يستمر الكون في التمَدُد أكثر فأكثر، مُهمِلًا قوة الجاذبية أو أي قوة أُخرى.

ومع مرور الوقت، تُصبِح مجرة ما أبعد أكثر، ذلك يعني أنّه كان يوجد قدر مُتزايد من الفراغ بين تِلك المجرة وبيننا.

وبينما يستمر ذلك الفراغ في التوسُّع بمُعدَّل محدود غير مُتناقص، تبدو المجرة بأنّها تُسرع نتيجة لتوسُّع الفراغ.

لكن في الحقيقة، لا نحن ولا تِلك المجرة نتحرك بسرعة شديدة على الإطلاق، بل يستمر الفراغ بيننا في التوسُّع حاجبًا إياها عن الرؤية.

هُناك استنتاج آخر لا مفر منه يقود إليه هذا الأمر، وهو مُفزِع أكثر من السابق.

فعلى بُعد مسافة مُعيّنة منّا، يصل تمدد نسيج المكان ذاته إلى درجة أنّ فوتونًا يُغادر مجرة بعيدة مُتّجهًا ناحية مجرتنا، أو العكس، لن يصل إلينا أبدًا.

إنّ مُعدّل تمدد الكون هائل لدرجة أنّ المجرات البعيدة تصبح لا يمكن الوصول إليها من مجرتنا، حتى وإن كُنّا نتحرّك بسرعة الضوء!

تبلُغ هذه المسافة في الوقت الحاضر 15 مليار سنة ضوئية فقط.

وبالتالي إذا اعتبرت أنّ نصف قُطر الكون المُلاحظ يبلُغ 46 مليار سنة ضوئية، وأن كُل المناطق في الفضاء تحتوي على عدد المجرات نفسه- على النطاقات المُتوسّطة والكبيرة- فهذا يعني أنّ 3% فقط من مجموع أعداد المجرات في كوننا بالإمكان الوصول إليه، إن سافرنا اليوم وبسرعة الضوء.

ويعني هذا أيضًا أنَه في المتوسّط، يتحوّل عشرون ألف نجم في الثانية من إمكانية الوصول إليهم إلى عدم إمكانية الوصول إليهم.

فالضوء المُنبعِث منهم مُنذ ثانية واحدة سوف يصل إلينا، أمّا الضوء الذي ينبعث منهم في هذه الثانية الحالية، لن يصل إلينا أبدًا.

إنّه أمرٌ مُربِك ومُثير للفِكر، لكن هُناك طريقة أُخرى أكثر تفاؤلًا لاستعراض الأمر:إنه الكون يُذكِّرنا بأهمية كُل ثانية.

إنّه الكون يُخبرنا بأنّه إذا أردنا السفر فيما بعد مجموعتنا المحليّة- وراء مجموعة الجُسيمات المُتلازِمة بفِعل الجاذبية المُكوَّنة بواسطة أندروميدا، ودرب التبّانة، وحوالي 50 مجرة مدارية صغيرة (تدور حول مجرة أكبر بفِعل الجاذبية)- فإنّ كل لحظة نؤجلها، هي فُرصة أُخرى ضائعة.

97% من المجرات في كوننا المُلاحظ هي بالفعل في غير مُتناولنا، لكن الـ 3% المُتاحة تترك لنا مليارات الاختيارات.

يعود الأمر إلينا للقيام بأمرٍ عمّا قريب، عوضًا عن فيما بعد، إن كُنّا نأمل في اكتشافها.


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح
  • تدقيق: هدى جمال عبد الناصر
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر