أخذت ظاهرة الاحتباس الحراري تشغل بال الكثير من العلماء والمهتمين بشؤون البيئة وعلم المناخ والسياسة منذ ستينيات القرن الماضي.

على الرغم من كون تلك الظاهرة طبيعية، فإن مسبباتها ترجع بالأساس الى سياسات الدول الصناعية القائمة على الربح المادي التي تستخدم الوقود الأحفوري في أنشطتها الاقتصادية بكميات كبيرة، ما يسبب تلوثًا كبيرًا في الغلاف الجوي ويزيد من إمكانيات حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري.

‎أشار العلماء في دراسة نشرت في مجلة Tuesday إلى إمكانية ازدياد الاحتباس الحراري بسبب زراعة الأشجار في المناطق الخاطئة، فيما تمكنت خريطة جديدة من تحديد المواقع المثالية لإعادة زراعة الغابات بما يخدم تبريد الأرض.

تؤدي الغابات دورًا هامًا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وتعد إعادة تأهيل الغابات المتدهورة أو زراعة الشتلات لزيادة مساحة الغابات، إحدى الوسائل المهمة لمكافحة التغيير المناخي والاحتباس الحراري.

‎لكن وفقًا لما ورد في دراسة بمجلة Nature Communications، في بعض الحالات فإن تغطية شجرية أكثر لسطح الأرض يعني امتصاص كمية أكبر من الحرارة بسبب انخفاض كمية الأشعة الشمسية المنعكسة عن سطح الأرض.

‎توضح سوزان كوك-باتون، مؤلفة مشاركة في الدراسة، وجود مناطق معينة يمكن أن تؤدي إعادة زراعة الأشجار فيها إلى تأثيرات سلبية على المناخ. أدرك العلماء بأن استصلاح الغابات يمكن أن يغير من معدل العاكسيّة-albedo، وهو مقدار الشعاع الشمسي المنعكس عن سطح الأرض، لكن لم يملكوا الأدوات اللازمة ليحددوا ذلك بالضبط.

‎استخدم الباحثون خرائط جديدة لأول مرة لتقييم تأثير الأشجار على التبريد والاحتباس الحراري الناتج عن انخفاض العاكسية. أظهرت النتائج أن المشاريع التي لم تأخذ بالحسبان العاكسية بالغت بتقدير فوائد الأشجار بنسبة من 20 إلى 80٪؜.

‎وتضيف كوك-باتون إلى كلامها، أن الخرائط الجديدة تقدم أدوات مفيدة لأصحاب القرار لتحديد أفضل الأماكن المحتاجة إلى الموارد المحدودة بما يحقق أقصى تأثير مناخي إيجابي.

تؤكد كوك-باتون وجود العديد من المناطق التي ما يزال استصلاح الأشجار فيها خيارًا ممتازًا لمكافحة التغيير المناخي والاحتباس الحراري، وتهدف الدراسة إلى مساعدة الأفراد في العثور على هذه المناطق.

‎عائدات الاستثمار:

‎تعد العاكسية من أهم عوامل التبريد على سطح الأرض، خصيصًا في المناطق المتجمدة، فيمكن للثلج والجليد النقي عكس 90٪؜ من طاقة الشمس. وتشارك العاكسية كلًا من الأراضي الواسعة والمحيطات التي بدورها تمتص الحرارة الزائدة وانبعاثات الغازات الدفيئة.

‎وعدت كثير من الدول بزراعة مليارات الأشجار جزءًا من جهودها ضد الاحتباس الحراري، إلا أن هذه الدراسة بيّنت أن الجهود لم تؤثر بالقدر نفسه.

‎البيئات الاستوائية الرطبة مثل الأمازون وحوض الكونغو تتمتع بقدرة عالية على تخزين الكربون وتحدث فيها تغيرات منخفضة في العاكسية، ما يجعلها مواقع مثالية لاستصلاح الغابات، والعكس صحيح في الأراضي العشبية المعتدلة والساڤانا.

‎حتى في أفضل المواقع، يُحتمل تقديم المشاريع تبريدًا أقل بنسبة 20٪؜ من المتوقع عندما تؤخذ العاكسيّة بعين الاعتبار.

‎على الرغم من ذلك، تشدد كوك-باتون على أن استصلاح الغابات يقدم فوائد لا يمكن إنكارها للبشر والكوكب، منها دعم النظم البيئية وتوفير الهواء والماء النظيفين، وغيرها الكثير.

تقول كوك-باتون: «لا نرغب في أن يُنظر إلى عملنا على أنه انتقاد للحركة البيئية عمومًا. لكن لا يمكننا زراعة الأشجار في كل مكان، فنحن لا نملك الموارد المالية أو الزمنية أو البشرية أو الشتلات الكافية، ومنه يجب التركيز على تحقيق أقصى استفادة من الاستثمارات المحدودة والحصول على أكبر فائدة مناخية ممكنة لكل هكتار نستثمر فيه».

اقرأ أيضًا:

‎دراسة لجامعة هارفرد تقول بأن مزارع طاقة الرياح من الممكن أن يكون لها تأثير احتباس حراري محلي

‎ما الدور الذي تلعبه السحب في الاحتباس الحراري ؟

‎ترجمة: مريم ميهوب

‎تدقيق: زين حيدر

المصدر