كشف تحليل نيزك قديم أن الكواكب الصخرية، سواءً القريبة أو البعيدة عن الشمس، ربما تكونت في الوقت ذاته، ما يشكل تحديًا للنماذج الحالية المطروحة لتطور المجموعة الشمسية.

كشفت أدلة جديدة مُستخرجة من عينة نيزك يُعرف باسم «شمال غرب أفريقيا 12264» -قطعة من صخرة فضائية تزن نحو 50 غرامًا يُعتقد أنها تشكلت في أطراف النظام الشمسي- أن الكواكب الصخرية مثل كوكب الأرض والأجسام الثلجية البعيدة عن الشمس ربما تكونت في الوقت ذاته.

يشكل هذا الاكتشاف تحديًا للاعتقاد السائد منذ زمن طويل، الذي يفترض أن الكواكب الأقرب إلى الشمس قد تشكلت أولًا، قبل تلك الواقعة في أطراف النظام الشمسي خلف حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري.

تتشكل الكواكب داخل أقراص دوارة من الغاز والغبار تُحيط بالنجوم اليافعة، إذ تصطدم الجسيمات ببعضها وتلتصق في عملية تُعرف بالتراكم. ومع ارتفاع حرارة الكواكب الصخرية في أثناء نموها، تبدأ بالتمايز، مكونةً طبقات داخلية منفصلة تُعرف بالنواة والوشاح والقشرة.

كان يُعتقد سابقًا أن الكواكب الصخرية الداخلية في مجموعتنا الشمسية –عطارد والزهرة والأرض والمريخ- قد تشكلت أولًا، قبل نحو 4.566 مليار سنة.

أما العمالقة الغازية، مثل المشتري وزحل، والأجسام الجليدية البعيدة الواقعة في أطراف النظام الشمسي، فيُعتقد أنها قد تكونت بعد ذلك بفترة قصيرة، تُقدر بنحو 3 ملايين سنة، أي قبل نحو 4.563 مليار سنة.

يُعزى هذا الفارق الزمني، حسب النماذج التقليدية، إلى انخفاض درجات الحرارة كلما ابتعدنا عن الشمس، ما من شأنه أن يُبطئ وتيرة تكوُّن الكواكب في المناطق الخارجية.

افترض العلماء سابقًا أن الكواكب الصخرية الواقعة في المناطق البعيدة نسبيًا عن الشمس استغرقت وقتًا أطول للتشكل، لاحتوائها على نسب أعلى من الماء والثلج مقارنةً بالكواكب الأقرب. فهذه المكونات كانت لتؤخر ارتفاع درجة حرارة الكوكب من الداخل، وتؤجل عملية التمايز الطبقي التي تؤدي إلى تكون نواة داخلية صلبة، ووشاح وقشرة خارجية.

لكن هذا التصور التقليدي قد يتغير اليوم، بعد أن كشف تحليل علمي دقيق عن معطيات جديدة مثيرة للاهتمام، انطلقت من دراسة النيزك «شمال غرب أفريقيا 12264»، وهو نيزك اشتُريَ من تاجر في المغرب عام 2018، ويبلغ وزنه نحو 50 غرامًا.

أظهر التحليل الكيميائي لهذا النيزك -خاصةً نسب نظائر الكروميوم والأكسجين- احتمال أن يكون قد نشأ في المنطقة الخارجية من النظام الشمسي، أي في المناطق الأبعد من الشمس.

اعتمادًا على تقنيات التأريخ النظائري عالية الدقة، توصل الباحثون إلى أن هذه الصخرة الفضائية قد تشكلت قبل نحو 4.564 مليار سنة، أي بفارق زمني بسيط لا يتجاوز مليونين إلى ثلاثة ملايين سنة بعد ظهور أقدم المواد الصلبة المعروفة في النظام الشمسي.

يُعد هذا الفارق الزمني طفيفًا للغاية من منظور التطور الكوني، ما يُشير إلى أن الكواكب الصخرية في المناطق البعيدة ربما تكونت بالتزامن تقريبًا مع نظيراتها القريبة من الشمس، ما يتناقض جوهريًا مع الفرضيات السائدة حتى الآن.

وفقًا لبيان أُعلن مع الدراسة الجديدة، كان يُعتقد حتى وقت قريب أن هذا النوع من التشكل المبكر يقتصر فقط على الأجسام التي نشأت في الجزء الداخلي من النظام الشمسي.

قال الباحثون إن الأدلة التي تشير إلى أن الكواكب الصخرية الواقعة خلف كوكب المشتري قد تكونت بسرعة، وفي التوقيت ذاته تقريبًا الذي تشكلت فيه الكواكب الداخلية، من شأنها أن تُحدث تحولًا جوهريًا في فهمنا لآلية تشكل الكواكب. ليس في نظامنا الشمسي فحسب، بل على مستوى الأنظمة الكوكبية المنتشرة في أرجاء الكون.

اقرأ أيضًا:

نيزك عملاق ارتطم بالأرض ربما أطلق شرارة الحياة عليها

دراسة على نيزك سقط في الصحراء المصرية بهدف إيجاد علاقته بانفجار سوبرنوفا

ترجمة: محمد إسماعيل

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر