لعبت شخصيات عديدة أدوارًا رئيسةً في الأزمة المالية عام 2008 وانهيار الأسواق الذي تلاها. دعونا نتعرف على ما فعلته تلك الشخصيات حين استسلمت الأسواق المالية للفوضى، وكيف تابعوا حياتهم في السنوات المقبلة، وأين هم الآن بعد مرور قرابة 13 سنةً على الأزمة.

هنري بولسون: وزير الخزانة

تمتع هنري هانك بولسون بنفوذ كبير في السياسة المالية في أثناء السنة الأخيرة من حكم الرئيس بوش، إذ كان رئيس غولدمان ساكس التنفيذي قبل تولي منصبه في وزارة الخزانة عام 2006.

قرر الوزير بولسون أحد قراراته الشهيرة التي تجلت في ترك مصرف ليمان براذرز لينهار، ما عجل في انهيار البورصة بنحو 5%، لكنه حاول جاهدًا عدم تكرار ذلك الخطأ عندما ساعد في إنقاذ البنك بواسطة الكونغرس.

أسس هنري معهد بولسون في عام 2011، وهو مركز يهتم بالسياسات الاقتصادية والبيئية في الولايات المتحدة والصين، يرأس بولسون المركز الواقع في جامعة شيكاغو، ويشارك أيضًا في رئاسة «مشروع ريسكي بيزنس» الذي يستكشف آثار التغير المناخي الاقتصادية.

بن برنانكي: رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي

يعد برنانكي الممسك بزمام أهم كيان يصنع سياسات الولايات المتحدة المالية، وقد روّج لسياسة التيسير الكمي التي تضمنت خفض معدلات الفائدة وضخ مزيد من الأموال في الاقتصاد بهدف تشجيع المصارف على الإقراض والمستهلكين على الإنفاق. في حين أبدى كثير من علماء الاقتصاد والسياسيين قلقهم من التيسير الكمي وما قد يسببه من تضخم وفقاعات أصول جديدة، أثنى آخرون على جهود برنانكي، مثل بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، وأصروا أيضًا على أنه ساعد على كبح جماح الأزمة ومنع كارثة مالية أكبر.

يعد برنانكي اليوم زميلًا بارزًا في معهد بروكينجز، وكثيرًا ما يُدوّن ويُحلل ويُعلق بشأن السياسة الاقتصادية.

تيموثي غايتنر: رئيس فرع الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك

كان غايتنر رئيسًا لأقوى فروع الاحتياطي الفيدرالي عندما انهار مصرف ليمان، وبعدها بأشهر قليلة أصبح وزيرًا للخزانة في عهد الرئيس أوباما. تعرض للانتقاد من وول ستريت، ووُصِف بأنه بالغ في تقييد الأسواق، أما النشطاء التقدميون فنظروا إليه بوصفه أداةً في يد المصارف.

في أثناء توليه وزارة الخزانة، تورط في قضية جدلية أخرى تمثلت في التخلف عن الإفصاح ودفْع ضريبة الدخل بين عامي 2001 و2004، اعتذر غايتنر عن هذا الخطأ، ودفع مستحقاته إلى مكتب ضريبة الدخل.

يعمل غايتنر الآن رئيسًا لشركة وربرغ بينكاس، وهي شركة مساهمة خاصة تدير مارينر للتمويل التي تعطي قروضًا قصيرة الأجل ومرتفعة الفائدة.

ريتشارد فولد: الرئيس التنفيذي في مصرف ليمان براذرز

يُعد ريتشارد ديك فولد آخر رئيس تنفيذي في مصرف ليمان براذرز. أصبح اسم فولد مرادفًا للأزمة المالية، إذ أدار عملية دخول ليمان في سوق الرهون العقارية عالية المخاطر، وجعل من المصرف الاستثماري واحدًا من رواد إعادة إصدار الديون في هيئة سندات تُباع إلى المستثمرين، وفي حين تلقت مصارف أخرى مساعدات حكومية، تُرك ليمان لينهار رغم التماسه مساعدة صُناع القرار.

ينكر فولد تلقيه تعويضًا ضخمًا عند نهاية خدمته في ليمان، لكنه جمع ثروةً تزيد عن 466 مليون دولار في فترة توليه منصبه. لا يملك فولد اليوم مكانةً عامةً كبيرة، لكنه يرأس مجموعة ماتريكس، وهي شركة إدارة ثروات رفيعة المستوى ساهم في تأسيسها عام 2016.

جون ماك: الرئيس التنفيذي في مصرف مورغان ستانلي

خشي ماك أن يَلقى مصرف مورغان ستانلي ذات مصير مصرف ليمان، لذلك اشتبك مع بولسون وبرنانكي وغايتنر في سبيل تأمين حزمة مساعدات، بالتزامن مع سعيه للحصول على تمويل مستثمرين يابانيين وصينيين. في النهاية انبرى لصناع القرار الذين سمحوا بتحول مورغان ستانلي إلى شركة مصرفية قابضة، ما أفسح المجال لتدفق السيولة وأعطى المصرف فرصةً ليكون جزءًا من حزمة المساعدات.

تنحى ماك من الرئاسة عام 2010، وتنازل عن منصب رئيس مجلس الإدارة في عام 2012. شارك حديثًا في عضوية مجالس إدارة شركات تكنو-مالية كثيرة منها ليندينغ كلوب، ولينتيرن كريديت التي يرأس مجلس إدارتها.

لويد بلانكفاين: الرئيس التنفيذي في مصرف غولدمان ساكس

شارك مصرف غولدمان ساكس الاستثماري في عملية تحويل الرهن العقاري عالي المخاطر إلى أوراق مالية. سُمح للمصرف بأن يتحول إلى شركة مصرفية قابضة تحت قيادة لويد بلانكفاين، وتلقى تمويلًا حكوميًا بقيمة 10 مليارات دولار سددها المصرف في نهاية المطاف. في عام 2009، أبدى بلانكفاين أسفه على الدور الذي أداه غولدمان ساكس في الانهيار المالي.

يعد بلانكفاين واحدًا من قلة احتفظوا بمناصبهم بعد الأزمة، رغم تأديتهم دورًا رئيسًا فيها، إذ بقي رئيسًا تنفيذيًا لغولدمان ساكس إلى أن تقاعد عام 2018 لصالح ديفيد سولومن.

جايمي ديمون: الرئيس التنفيذي في جاي بي مورغان تشايز

تحت قيادة جايمي، اشترت جي بي مورغان كل من بير ستيرن وصندوق واشنطن الاستثماري، في محاولة لكبح جماح موجة الاضطراب التي ضربت الاقتصاد. وتلقت ملايين الدولارات عبر برنامج الاحتياطي الفيدرالي لإغاثة الأصول المتعثرة، مع إصرار ديمون في سنوات لاحقة على أن شركته لم تكن تحتاج إلى تلك المساعدة، وأنها أُجبرت على المضي قدمًا تحت ضغط من صناع القرار.

مثل بلانكفاين، نجح ديمون في البقاء متربعًا على رأس الشركة وإدارتها التنفيذية. في واقع الأمر، بعد تعامل جي بي مورغان مع عقبات قانونية برزت عقب عمليات الشراء في أثناء الأزمة، أبلت الشركة بلاءً جيدًا، وفي عام 2018 وقّع ديمون عقدًا يمتد معها خمس سنوات أخرى.

كين لويس: الرئيس التنفيذي في بانك أوف أميركا

قاد لويس عمليات استحواذ على كاونتري وايد فاينانشال وميريل لينش في أثناء الأزمة، رغم تصريحه قبل فترة قصيرة من ذلك بعدم اهتمام بانك أوف أميركا بهذا النوع من عمليات الاستحواذ الكبرى. وفي غضون أشهر تلت، تحول لويس من منقذ من الأزمة -حتى أنه تلقى جائزة مصرفي العام في 2008- إلى أحد أشرارها؛ إذ كادت الخسائر التي مني المصرف بها جرّاء الاستحواذات أن تقضي عليه، وخضع لويس للاستجواب حول الأساليب التي اتبعها في الحصول على الموافقات اللازمة لإجراء صفقة ميريل لينش.

ابتعد لويس اليوم عن الحياة العامة، وقبل دفع 10 ملايين دولار لتسوية التحقيق في ولاية نيويورك، حتى اضطر إلى بيع أحد منازله المقدرة بملايين الدولارات، لكنه ما زال يملك ما يكفي ليَمنح مقعدًا في مكان دراسته في جامعة ولاية جورجيا.

كاثلين كوربيت: رئيسة ستاندارد أند بورز

كانت كوربيت أرفع شخصية في ستاندرد أند بورز في الفترة التي تبنت وكالات التصنيف الأخرى ممارسات شبيهة بها وأدت في النهاية إلى الأزمة

صنفتها مجلة تايم واحدةً من أهم 25 شخصيةً تسببت بحدوث الأزمة المالية عام 2008 ، وادعى منتقدوها أن ستاندرد أند بورز تلقت أموالًا من شركات مقابل تصنيف خطورة منتجاتها المالية، وعليه فقد تضاربت مصالحها.

مع خروجها المخزي من ستاندر أند بورز، واضطرار الشركة إلى دفع غرامة 1.5 مليارات دولار إلى حكومة الولايات المتحدة، تابعت كوربيت العمل في مجالس إدارة شركات عدة، وهي الآن مديرة في الشركة التي أسستها عام 2008 كروس ريدج كابيتال، إضافةً إلى استلامها إدارة صندوق ماس ميوتشوال، وهي مستشارة في القطاع التكنو-مالي.

الرئيس جورج دبليو. بوش

إن مقدار تأثير الرئيس بوش في الاقتصاد والأسواق أمر مختلف، لكن ما يجعل منه شخصيةً مهمةً هو كونه رئيسًا في الفترة التي انتهت بالأزمة المالية والكساد العظيم.

لم تساعد تخفيضات الضرائب ولا الإنفاق الممول بالعجز في أثناء إدارته على تحسين أوضاع البلاد، لكن -إنصافًا للحقيقة- بدأت مشكلات اقتصادية كثيرة قادت إلى الأزمة المالية عام 2008 والكساد الكبير بعهد إدارات سابقة، منها قرار سحب قانون غلاس-ستيغال الذي اتخذه الرئيس الأسبق بيل كلينتون، الذي فرق بين المصارف التجارية والاستثمارية.

يعد بوش اليوم منفيًا سياسيًا إلى درجة كبيرة، لكنه يعاود الظهور في المناسبات الكبرى، مثل جنازة السيناتور مكين، ويقضي كثيرًا من وقته في منزله في تكساس متدربًا على تحسين مهاراته في الرسم.

اقرأ أيضًا:

اقتصاد السوق السوداء وأثره: كيف يؤثر اقتصاد الظل فيك؟

نموذج التدفق الدائري

ترجمة: مالك عوكان

تدقيق: راما الهريسي

المصدر