تُعد الأرض المرجعية الوحيدة التي نقيس بها صلاحية الكواكب الخارجية لاستضافة الحياة ، إذ تطورت الحياة حصرًا على هذه النقطة الزرقاء الباهتة، التي تدور حول نجم يقبع في منتصف ذراع حلزوني لمجرة عادية.

مع ذلك؛ فإن معظم النجوم في مجرة درب التبانة ليست شموسًا، بل نجوم تتسكع بمفردها في الفضاء، عكس ما قد يصل إلى 85٪؜ من النجوم التي يرافقها نجم واحد على الأقل محبوس في مدار مشترك معها.

لا جرم أن هذا يُعقّد البحث عن الحياة خارج مجموعتنا الشمسية، نظرًا إلى أنه من الأسهل تقييم القابلية لاستضافة الحياة حول النجوم الفردية، خلاف النجوم الثنائية التي تُحدث تفاعلات جاذبية إضافية وإشعاعات نجمية تقضي على أي فرصة لأي ميكروب يحاول تطوير أي شكل من أشكال حياته البدائية.

قبل بضع سنوات، ابتكر عالم الفيزياء الفلكية سيغفريد إيغل من جامعة إلينوي-أوربانا شامبين وجامعة واشنطن، منهجًا تحليليًا لتحديد المناطق الصالحة للسكن حول النجوم الثنائية التي تخلق تعقيدات إضافية أمام فرص استضافة الحياة.

حاليًا، طبق إيغل وزملاؤه من جامعة نيويورك -في أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة- هذا المنهج على النجوم الثنائية المعروفة التي تستضيف كواكب خارجية عملاقة، وذلك في محاولة جديدة للبحث عن قابليتها للحياة.

قال إيغل: «استخدمنا البيانات التي جمعتها مركبة الفضاء كبلر، مثل كتلة النجوم ومدى سطوعها، ومواقع الكواكب العملاقة، ومعايير أخرى لإنشاء منهجية لتحديد الأنظمة ذات النجمين التي يمكنها استضافة كواكب شبيهة بالأرض».

خمسة أنظمة نجمية ثنائية قادرة على استضافة الحياة - صلاحية الكواكب الخارجية لاستضافة الحياة - تقييم القابلية لاستضافة الحياة حول النجوم الثنائية

درس فريق العمل تسعة أنظمة شمسية اكتُشفت بواسطة مهمة كبلر، وهي: كبلر-16 وكبلر-34 وكبلر- 35 وكبلر-38 وكبلر-64 وكبلر-413 وكبلر- 453 وكبلر-1647 وكبلر-1661، وحُلّلت هذه الأنظمة من قبل الفريق باستخدام المعادلات، بدلاً من المحاكاة التي تستغرق وقتًا أطول بكثير.

قال إيغل: «إنها طريقة تحليلية لا تتطلب أي جهد حسابي تقريبًا على الإطلاق، لكن ثمّة بعض النقاط من بحثنا تتطلب استخدام نماذج عددية لمعالجة المعلومات، مثل الطريقة التي يتفاعل بها الغلاف الجوي مع كميات وأطياف مختلفة من ضوء الشمس، إذ تصعب معرفة ذلك معرفة تحليلية؛ لذلك استخدمنا نماذج حاسوبية عن الغلاف الجوي أُعدّت مسبقًا».

وأضاف: «يمكن لأي شخص أن يأخذ معادلاتنا ويطبقها على أنظمة أخرى؛ لتحديد أفضل مكان للبحث عن عوالم شبيهة بالأرض، وهنا تكمن فائدة منهجنا».

من بين الأنظمة التسعة، حُدّد نظامان على أنهما غير ملائمين تمامًا، إذ يستضيف نظاما كبلر-16 وكبلر-1647 كواكب عملاقة، لكنها موجودة في مواقع سيئة للغاية لا تسمح بإنشاء منطقة مستقرة صالحة للسكن، أي منطقة لا تكون فيها الكواكب الخارجية قريبة أو بعيدة جدًا من النجم بحيث تتبخر المياه السطحية أو تتجمد تمامًا.

يحتوي نظام كبلر-16 بالفعل على منطقة صالحة للسكن لكنها غير مستقرة بسبب اضطرابات الجاذبية التي يسببها النجم المرافق، إضافة إلى أن الكواكب العملاقة في كلا النظامين تجعل من أي منطقة قابلة للسكن بأكملها عُرضة للاضطرابات بصورة متواترة.

لذا، قد تحتوي خمسة من الأنظمة المتبقية على عوالم صالحة للسكن، وهي: كبلر- 34 وكبلر- 35 وكبلر- 64 وكبلر- 413، وكبلر- 38 الذي يعد بالكثير لتوفر الشروط به توفيرًا خاصًا.

لكن تبقى شروط استضافة الحياة على أي كوكب ذي شمسين خاضعة لمجموعة متوازنة من المعايير.

أوضح العالم إيغل: «أنّ أي كوكب يكون قريبًا أو بعيدًا جدًا من نجومه؛ فإن المياه على سطحه تتبخّر أو تتجمد في نهاية المطاف، وينطبق الأمر ذاته على الغلاف الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون الذي يُشكّل القمم القطبية على المريخ موسميًا».

وأضاف: «فور التأكد أنّ كوكبًا ما يحتمل أن يكون صالحًا للسكن في مدار مستقر، يمكننا المضي قدمًا في التحقّق من مقدار الإشعاعات التي يتلقاها من النجمين بمرور الوقت، وعبر اعتمادنا على نمذجة تطور النجوم ومدارات الكواكب، نستطيع تقدير كمية الإشعاعات الفعلية التي تهطل على الكوكب».

نحن نعلم، بفضل تلسكوب كبلر الخارج عن الخدمة الآن والمخصّص لرصد الكواكب الخارجية، أن الكواكب الخارجية يمكنها التشكل حول أنظمة النجوم الثنائية ، حتى في ظل وجود اضطرابات الجاذبية الإضافية، ويُظهر عمل الفريق أن تلك الكواكب الخارجية قد تكون صالحة للسكن أيضًا.

عند محاولتنا رصد الكواكب الخارجية القابلة لاستضافة الحياة، فإن توسيع دائرة البحث أمر مرغوب به، لكن ليس لدرجة تبذير طاقاتنا في أنظمة نعلم مسبقًا أنها غير مضيافة، وهنا تكمن فائدة هذا الاكتشاف الجديد الذي أمدّنا بمعايير جديدة يمكن توظيفها مستقبلًا في بحثنا عن الحياة في عوالم خارج عتبة موقعنا في الفضاء.

اقرأ أيضًا:

ربما يوجد نحو 300 مليون من العوالم الصالحة للسكن في مجرة درب التبانة!

البحث عن الحياة في الكواكب الخارجية قد يبدأ بهذا المركب العضوي

ترجمة: رضوان بوجريدة

تدقيق: تسبيح علي

المصدر