تخثر الأوردة العميقة: الأسباب والعلاج

20 ديسمبر 2025
12 مشاهدة
0 اعجاب

تخثر الأوردة العميقة: الأسباب والعلاج


 

تخثر الأوردة العميقة هو تشكل جلطة دموية داخل وريد يقع عميقًا في الجسم، وغالبًا ما يظهر في أوردة الساق. هذا الاضطراب مشكلة صحية شائعة تستلزم تدخلًا طبيًا سريعًا، لأن إهماله يؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة. تشمل خيارات العلاج الأدوية المميعة للدم، والجوارب الضاغطة، وفي بعض الحالات الإجراءات الجراحية. يستغرق الشفاء فترة طويلة نسبيًا، إذ يحتاج بعض المرضى إلى تناول الأدوية لعدة أشهر وارتداء الجوارب الضاغطة مدةً تصل إلى سنتين.


ما تخثر الأوردة العميقة؟


يتكون تخثر الأوردة العميقة عندما تتشكل خثرة دموية في وريد عميق نتيجة تلف جدار الوعاء الدموي أو تباطؤ تدفق الدم. وتعيق الخثرة مرور الدم كليًا أو جزئيًا داخل الوريد.


غالبًا ما يتطور هذا التخثر في أوردة أسفل الساق أو الفخذ أو الحوض، لكنه يظهر أيضًا في الذراعين أو الدماغ أو الأمعاء أو الكبد أو الكليتين.


لماذا يُعد خطرًا؟


مع أن الجلطة في الوريد لا تكون دائمًا مهددة للحياة، فإن خطورتها تكمن في احتمال انفصال جزء منها وانتقاله عبر مجرى الدم إلى الرئتين، مسببًا الانصمام الرئوي (PE)، وهي حالة طبية طارئة قد تكون قاتلة.


تشير التقديرات إلى أن نصف المصابين بتخثر الأوردة العميقة في الساق قد يطورون لاحقًا متلازمة ما بعد التخثر، وهي حالة مزمنة تسبب آلامًا متكررة، وانتفاخًا، وتورمًا، وتغيرات جلدية نتيجة تلف الصمامات الوريدية وبقاء الدم متجمعًا داخل الأوردة.


أبرز مظاهر متلازمة ما بعد التخثر:


●   احتقان الدم داخل الأوردة.


●   تورم مزمن بالساق.


●   ارتفاع الضغط الوريدي.


●   تغير لون الجلد وتصبغه.


●   تشكل القرحات الوريدية (الركودية).


الفرق بين تخثر الأوردة العميقة والسطحية:


تخثر الأوردة السطحية (التهاب الوريد الخثري السطحي) يحدث في أوردة قريبة من سطح الجلد، وغالبًا لا يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لأنه نادرًا ما ينتقل إلى الرئتين، إلا إذا امتد إلى الجهاز الوريدي العميق.


لا يمكن الاعتماد على الفحص السريري وحده لتشخيص تخثر الأوردة العميق، بل يحتاج إلى فحص بالموجات فوق الصوتية.


انتشار تخثر الأوردة العميقة


يعد تخثر الأوردة العميقة ثالث أكثر الاضطرابات الوعائية شيوعًا بعد النوبات القلبية والسكتات الدماغية. يزيد حدوثه مع التقدم في العمر، ويعد شائعًا خصوصًا بعد العمليات الجراحية والبقاء الطويل في المستشفيات بسبب قلة الحركة.


أعراض تخثر الأوردة العميقة


يظهر التخثر دون أعراض لدى بعض المرضى، في حين تظهر لدى آخرين أعراض خفيفة جدًا ولا تثير القلق، لكن عند ظهورها قد تشمل:


●   تورم مفاجئ في الساق أو الذراع.


●   ألم أو حساسية في الطرف المصاب، خصوصًا عند الوقوف أو المشي.


●   حرارة أعلى من المعتاد في المنطقة المصابة.


●   احمرار أو تغير لون الجلد.


●   بروز الأوردة السطحية.


●   ألم بطني أو في الخاصرة (إذا كانت الجلطة في أوردة البطن).


●   صداع شديد مفاجئ أو نوبات صرع (إذا تأثرت أوردة الدماغ).


في بعض الحالات، لا يكتشف التخثر إلا بعد حدوث الانصمام الرئوي، وأعراضه الطارئة: ألم الصدر، ضيق النفس، سعال مدمى، الدوخة، الإغماء.


عوامل الخطر


تزيد احتمالية ظهور تخثر الأوردة العميقة لدى الأشخاص الذين يعانون:


●   اضطرابات تخثر وراثية.


●   السرطان أو العلاج الكيميائي.


●   تاريخ شخصي أو عائلي للجلطات.


●   إصابة أو جراحة أو أي حالة تقلل تدفق الدم.


●   الجلوس أو عدم الحركة لفترات طويلة (السفر الطويل، الرقود بعد الجراحة).


●   الحمل وما بعد الولادة.


●   السمنة.

●   أمراض مناعية مثل الذئبة أو التهاب الأمعاء.


●   التدخين.


●   دوالي الساقين.


●   استخدام الهرمونات (حبوب منع الحمل أو العلاج الهرموني).


●   وجود قسطرة وريدية أو جهاز تنظيم ضربات القلب.


●   الإصابة بـ COVID-19.


●   العمر أكثر من 40 (مع أنه يحدث في أي عمر).


تشخيص تخثر الأوردة العميقة


يعتمد التشخيص على التاريخ الطبي والفحص السريري إضافةً إلى فحوص تصويرية.


أهم الفحوص:


●   الموجات فوق الصوتية المزدوجة (Duplex): الفحص الأكثر شيوعًا ودقة، غير جراحي ويظهر تدفق الدم والجلطات.


●   إذا لم ينضغط الوريد عند الضغط عليه يعني وجود جلطة.


●   تصوير الوريد بالصبغة: يستخدم نادرًا نظرًا لكونه تداخل جراحي، بإدخال صبغة عبر قسطرة لرؤية انسداد الوريد.


●   التصوير بالرنين المغناطيسي MRI أو MRV لإعطاء تفاصيل إضافية.


●   الأشعة المقطعية CT للكشف عن الجلطات في البطن أو الحوض أو الدماغ، أو لتشخيص الانصمام الرئوي.


وقد تطلب اختبارات تخثر خاصة إذا كانت الجلطة غير مبررة أو في مكان غير معتاد، أو إذا كان هناك تاريخ عائلي واضح.


العلاجات المتاحة لتخثر الأوردة العميقة: ما الذي يحتاج المريض إلى معرفته؟


يختلف تدبير تخثر الأوردة العميقة بين مريض وآخر بحسب حجم الجلطة ومكانها وحالته الصحية العامة. في حين يحتاج البعض إلى البقاء في المستشفى، يمكن لآخرين تلقي العلاج والمتابعة في العيادات الخارجية.


تعتمد خطة العلاج عادة على ثلاثة عناصر رئيسية:


الأدوية المضادة للتخثر، والجوارب الضاغطة، ورفع الساق المتأثرة.


وفي الحالات الشديدة أو الممتدة يلجأ الطبيب إلى إجراءات تداخلية تعتمد على القسطرة.


تهدف هذه العلاجات إلى:


●   منع الجلطة من التوسع والوصول إلى أوردة أخرى.


●   الحد من خطر انتقالها إلى الرئتين وحدوث الانصمام الرئوي.


●   تقليل احتمال تشكل جلطات جديدة مستقبلًا.


●   تجنب مضاعفات طويلة الأمد مثل القصور الوريدي المزمن.


معلومات مهمة عن الأدوية:


في البداية عليك الالتزام بإرشادات الطبيب حول الأدوية والاختبارات الواجب عليك إجراؤها.


أولًا: مضادات التخثر (مرققات الدم):


تعد هذه الأدوية أساس العلاج لأنها:


●   تقلل قدرة الدم على التجلط.


●   تمنع نمو الجلطة الموجودة.


●   تخفض خطر انفصال جزء من الجلطة وانتقاله عبر الدورة الدموية.


من المهم الإشارة إلى أن مضادات التخثر لا تذيب الجلطة مباشرةً، بل يسمح العلاج للجسم بأن يتعامل معها تدريجيًا. قد تبقى بعض الجلطات جزئيًا داخل الوريد، لكنها عادة ما تنكمش وتتحول إلى آثار ليفية غير مؤذية.


أشيع أنواع مضادات التخثر:


●   الوارفارين.


●   الهيبارين.


●   مثبطات عامل Xa الفموية (الأدوية الحديثة).


مدة العلاج عادةً بضعة أشهر، وقد تطول في الحالات المرتبطة باضطرابات مزمنة، مثل السرطان أو الأمراض المناعية.


يعد النزيف أكثر الآثار الجانبية شيوعًا، لذا ينصح المرضى بالمتابعة الطبية المستمرة والإبلاغ عن أي كدمات أو نزيف غير معتاد.


ثانيًا: الجوارب الضاغطة


تساعد الجوارب الضاغطة على:


●   تحسين تدفق الدم الوريدي.


●   تخفيف التورم.


●   الحد من ألم الساق.


التورم في الساق يحدث بسبب تلف الصمامات الصغيرة داخل الأوردة، فتعمل الجوارب على توفير ضغط أعلى عند الكاحل يتناقص تدريجيًا نحو الأعلى، ما يدعم وظيفة الأوردة المصابة. تظهر الدراسات السريرية أنها تخفف أعراض الألم والتورم بما لا يقل عن 50% عند استخدامها يوميًا من الصباح إلى المساء.


قد تستمر الحاجة إلى ارتدائها مدةً تصل إلى سنتين أو أكثر خصوصًا لمن يعانون تورمًا مزمنًا أو تغيرات في وظيفة الصمامات الوريدية.


أما أجهزة الضغط الهوائي المستخدمة بعد العمليات الجراحية داخل المستشفى، فهي صممت للوقاية من التخثر الوريدي العميق، ولا تستخدم عند وجود جلطة فعلية.


ثالثًا: الإجراءات التداخلية


في الحالات التي يتعذر فيها تناول مضادات التخثر، أو تستمر الجلطات بالظهور رغم العلاج، يلجأ إلى زرع مرشح الوريد الأجوف السفلي (IVC filter).


تحت التخدير الموضعي، يدخل الفلتر عبر قسطرة في وريد كبير في الفخذ أو الرقبة ثم إلى الوريد الأجوف، ويعمل شبكةً صغيرة تلتقط الجلطات المتحررة قبل وصولها إلى الرئتين.


رغم دوره في منع الانصمام الرئوي، فإنه لا يمنع تشكل جلطات جديدة داخل الأوردة.


ما الذي يمكن توقعه خلال المتابعة؟


يستغرق تحسن الجلطة أو اختفاؤها الكامل عدة أشهر إلى عام.


خلال هذا الوقت يحتاج المريض إلى:


●   الاستمرار بتناول مضادات التخثر.


●   ارتداء الجوارب الضاغطة.


●   إجراء اختبارات دم دورية لمتابعة الجرعات.


●   الخضوع لفحوصات بالموجات فوق الصوتية لتقييم تطور الجلطة.


كيف يمكن تقليل خطر تكرار الجلطات؟


●   الالتزام بالأدوية حسب تعليمات الطبيب.


●   حضور جميع مواعيد المتابعة


●   اتباع نمط حياة صحي: تحسين نوعية الغذاء، زيادة النشاط البدني، والامتناع عن التدخين.


أما الأشخاص الذين يملكون عوامل خطر دون إصابة سابقة، فينصحون بـ:


●   تحريك عضلات الربلة بانتظام عند الجلوس لفترات طويلة.


●   المشي كل 30 دقيقة في الرحلات الجوية الطويلة.


●   النهوض من السرير باكرًا بعد العمليات.


●   استخدام الجوارب الضاغطة أو الأدوية الوقائية عند توصية الطبيب.


خلاصة


تخثر الأوردة العميقة حالة شائعة لكنها قابلة للعلاج بشكل فعال عند الالتزام بالخطة العلاجية. ومع توفر خيارات متعددة من الأدوية والتقنيات، يمكن للطبيب تصميم خطة علاج مناسبة لكل مريض، تضمن حماية أفضل من المضاعفات المستقبلية.



المصادر:


الكاتب

أريج حسن اسماعيل

أريج حسن اسماعيل
تدقيق

سلمى توفيق

سلمى توفيق
ترجمة

أريج حسن اسماعيل

أريج حسن اسماعيل
مراجعة

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة