ما الذي يسبب ذلك الصوت الهادر في أذني؟
يعد سماع صوت هدير في الأذن ظاهرة شائعة نسبيًا، وغالبًا ما تكون آليةً وقائية طبيعية تهدف إلى حماية الأذن من الأصوات المرتفعة ومن التلف الناتج منها. إلا أنه في بعض الحالات، قد يكون هذا الصوت عرضًا لحالة صحية، مثل التهاب الأذن.
يسمع الكثير من الناس أحيانًا أصواتًا غريبة في آذانهم لا يسمعها غيرهم، من الطنين إلى الهدير. ويعد الهدير من أكثر هذه الأصوات شيوعًا، غالبًا ما يكون نتيجة التفاعل الوقائي للجسم، لمنع الأصوات الداخلية من أن تكون مرتفعة جدًا بالنسبة إلى الأذن. لكن بعض الحالات الطبية -عادةً ما تكون قابلة للعلاج- قد تسبب هذه الظاهرة أيضًا.
فيما يلي نستعرض أبرز الأسباب المحتملة للهدير في الأذن، وما يمكنك فعله حيالها.
الأسباب المحتملة للهدير في الأذن
يصف بعض الأشخاص هذا الهدير بأنه يشبه صوت الماء الجاري أو الرياح المندفعة إلى داخل الأذن.
الآلية الوقائية لحماية الأذن:
يحدث الهدير أحيانًا آليةً وقائية في الجسم عندما تكون الأصوات المحيطة مرتفعة جدًا وقد تهدد السمع. إذ تقوم الأذن بتقليل شدة هذه الأصوات بانقباض عضلات صغيرة في الأذن الداخلية تعمل على تخفيف الذبذبات الصوتية.
تُعرف هذه العضلات باسم العضلة الموترة للطبل، وعندما تنقبض فهي تسحب إحدى عظام السمع المسماة «المطرقة» بعيدًا عن طبلة الأذن. نتيجةً لذلك، تقل اهتزازات الطبلة، ما يضعف شدة الصوت، ويسمع أحيانًا هديرًا خافت داخل الأذن.
قد تلاحظ حدوث ذلك في أثناء المضغ أو السعال أو التثاؤب أو الصراخ. قد لا يسمع جميع الناس هذا الهدير عند القيام بهذه الأنشطة، لكن البعض قد يلاحظه بوضوح.
الأسباب الطبية الكامنة
في بعض الحالات، يكون الهدير في الأذن علامة على وجود مشكلة طبية تتطلب علاجًا، تشمل أبرز هذه الأسباب:
1. التهاب الأذن الوسطى:
يعرف أيضًا باسم التهاب الأذن الوسطى الحاد. يحدث هذا الالتهاب عندما يتراكم السائل خلف طبلة الأذن ويعجز الجسم عن تصريفه. تشمل الأعراض ألمًا في الأذن، الحمى، شعورًا بالامتلاء أو الضغط داخل الأذن، وضعفًا في السمع. قد يؤدي ضعف السمع الناتج إلى سماع صوت هدير داخلي في الأذن.
2- مرض منيير (Meniere’s Disease)
هو اضطراب يصيب الأذن الداخلية، ويؤثر عادةً في أذن واحدة فقط. تتضمن أعراضه الدوار، الطنين، فقدان السمع، إحساس بالامتلاء أو انسداد الأذن. قد تنتج هذه الحالة أيضًا أصواتًا تشبه الهدير أو الخفقان داخل الأذن.
كلتا الحالتين قابلتان للعلاج بالأدوية أو بالإجراءات الطبية المناسبة.
بعض الأشخاص يمكنهم إحداث هذا الصوت بإرادتهم. أحيانًا يستطيع بعض الناس تحريك العضلة الموترة للطبل بإرادتهم، ما يسبب صدور صوت هدير ذاتي يمكنهم التحكم فيه جزئيًا. قد يحدث هذا دون وعي الشخص. فمثلًا، قد يلاحظون صوتًا يشبه الهدير أو الزئير في أذنهم دون إدراك أنهم يسببونه بأنفسهم.
يمكن معرفة ذلك إذا لاحظت أن الصوت يظهر في مواقف محددة أو عند التفكير في أذنك.
قد تمنحك القدرة على تقلص هذه العضلة بإرادتك فائدة إضافية، إذ قد تساعد على حجب الأصوات منخفضة التردد حتى يتمكن الشخص من سماع الأصوات الأعلى ترددًا، الأكثر حدةً وصعوبةً في السماع. على هذا فإن هذه الظاهرة ليست مقلقة، ومعظم الأشخاص الذين يمتلكونها لا يدركونها أصلًا.
العلاقة بين الهدير وطنين الأذن
الطنين هو حالة يسمع فيها الشخص أصواتًا داخلية دون وجود مصدر خارجي فعلي. قد يظهر الطنين على شكل رنين، زقزقة، صفير، هدير، وشوشة. تختلف حدة تأثير الطنين من شخص إلى آخر.
يرى الأطباء أن بعض أشكاله ترتبط باضطرابات الأوعية الدموية، بينما ينتج بعضها الآخر من تشنجات في عضلات الأذن الداخلية، مثل العضلة الموترة للطبل. قد يكون الهدير الذي تسمعه نوعًا من الطنين، خصوصًا إذا لم يكن مرتبطًا بأنشطة مثل التثاؤب أو المضغ.
يُنصح بمراجعة الطبيب أو اختصاصي السمعيات في هذه الحالة، لإجراء اختبارات دقيقة وتحديد العلاجات المناسبة لتخفيف أو إزالة هذه الأصوات المزعجة.
متلازمة الانقباض المزمن للعضلة الموترة للطبلة
متلازمة الانقباض المزمن للعضلة الموترة للطبلة (TTTS) هي شكل نادر من الطنين الموضوعي، أي أن الصوت الذي يسمعه المريض قد يسمعه -في بعض الحالات- أشخاص آخرون أيضًا، وإن كان إدراكه يختلف بين الطرفين.
يُصنف الأطباء TTTS أيضًا نوعًا من الطنين النابض، إذ يرون أنها مرتبطة باضطرابات في تدفق الدم داخل الأذن أو الأوعية القريبة منها. قد يعاني منها الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم، أو تكلسات الأوعية الدموية، أواضطرابات دموية أخرى.
يعتمد علاجها على السبب الحقيقي. فقد يطلب اختصاصي السمع إجراء اختبارات أو صور شعاعية للكشف عن أي مشكلات وعائية. قد يصف الطبيب أدوية مرخية للعضلات مثل الكاربامازيبين، أو حقن البوتوكس لتقليل تقلص العضلة.
في الحالات الشديدة، يمكن اللجوء إلى تدخل جراحي لتصحيح فرط نشاط العضلة الموترة للطبلة. مع أن هذه المتلازمة ليست خطيرة بحد ذاتها، قد تؤثر سلبًا في حياة المريض اليومية.
متى تجب مراجعة الطبيب؟
غالبًا ما يكون الهدير العارض في الأذن غير مقلق، ولا يسبب ضررًا جسديًا، لكنه قد يكون مزعجًا أو مثيرًا للقلق والتوتر.
راجع الطبيب إذا كنت تعاني حمى قد تشير إلى وجود التهاب، أو اضطرابات في التوازن، أو هديرًا أو طنينًا يؤثر في أنشطتك اليومية. إذ يساعدك الطبيب على تحديد السبب المحتمل ووضع خطة علاج تناسب حالتك.
الخلاصة
عادةً ما يرتبط الهدير في الأذن بانقباض العضلات الموترة للطبلة في الأذن الداخلية. وقد تؤثر مجموعة متنوعة من الحالات المرضية في هذه العضلات وتسبب سماعك لصوت هدير متقطع أو مستمر.
إذا أصبحت هذه الأصوات مستمرة أو مزعجة على نحو واضح، تُفضل مراجعة الطبيب أو اختصاصي السمع، لتحديد السبب والتحقق من سلامة الأذن.
المصادر:
الكاتب
أريج حسن اسماعيل

ترجمة
أريج حسن اسماعيل
