بيّنت دراسة جديدة أن العناكب الصغيرة تمتلك ذاكرة مجرّدة للعمل، وهذه القدرة عادةً تكون موجودة في الحيوانات الكبيرة، ومع عقول بحجم حبة السمسم؛ فإن العناكب القافزة تبدو ذات عقلية خفيفة.

أظهرت دراسة جديدة أن العديد من الأنواع تقوم بوضع خطط معقّدة للوصول إلى فرائسها، والذكاء عادة ما يكون مرتبط بالمخلوقات الأكبر حجمًا. والعناكب معروفة بألوانها وبطقوس التزاوج، ولديها أيضًا رؤية حادة ووعي هائل بالفضاء ثلاثي الأبعاد. (تستطيع العناكب القافزة رؤية ألوان أكثر مما يستطيع الإنسان). ويقول داميان الياس من جامعة كاليفورنيا الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة، أن رؤية العناكب مساوية لرؤية الفقاريات، ويمكنها فعل ما لا يمكن للحيوانات من نفس الحجم أن تفعله، وهي حيوانات طموحة تفترس العناكب الأخرى.

العناكب القافزة هي من فصيلة سبارتيني، ويظن الباحثون أن افتراسها الحيوانات المفترسة الأخرى يتطلب الدهاء والمكر.

أثبت روبرت جاكسون من جامعة نيوزيلندا كانتربري في عام 1980-1990 (Portia fimbriata) بورشيا فيمبرياتا أنها من فصيلة العناكب التي تتغذى على العناكب الأخرى، أنها تخطط بشكل منهجي للتسلل والانعطاف لافتراس العناكب الأخرى وبورشيا أيضًا تستطيع العثور على فرائسها من العناكب المختبئة، مما يشير إلى أن هذا الكائن المفترس يمكنه تصوّر موقع فريسته والمسار للوصول إليها.
العنكبوت القافز
لكن جاكسون، الذي حصل على تمويل من اللجنة الوطنية الجغرافية للبحوث والاستكشاف، وزميلته فيونا كروس كانا على يقين من أن بورشيا لم تكن وحدها التي تفكّر بالمستقبل .
وتساءلت كروس أن هناك الكثير من الاهتمام الموجه لبورشيا لماذا ليس موجهًا لغيرها من العناكب القافزة الأخرى؟
مضمار حواجز

وأظهر جاكسون وكروس أن هناك العديد من أنواع العناكب الأخرى التي يمكنها استخدام التخطيط المنهجي والانعطافات في التخطيط للانقضاض على فريستها، ولكن التحديات المثبتة في المختبرات أظهرت أن أنواعًا أخرى من العناكب تتجاهل الطرق الالتفافية والانعطافات التي تستخدمها العناكب.

وتتضمن خطوتهم الجديدة إعداد منصة محاطة بالخنادق على قمة برج، والعنكبوت القافز الجائع يستطيع أن يرى اثنين من الصناديق البعيدة: واحد يحتوي على أعضاء رطبة لعنكبوت آخر، ويحتوي الصندوق الثاني على أوراق أشجار غير فاتحة للشهية. وللوصول إلى الصناديق التي تحتوي على الوجبة؛ يجب على العنكبوت الزحف أسفل البرج وعلى المنبر والذي يملك دعامتين، مما يؤدي إلى فصل الممرات واحد للغذاء وواحد للأوراق.
ولكن بمجرد أن بدأ العنكبوت بالهبوط من البرج؛ بدأ العلماء بإفراغ الصناديق مما يؤدي إلى منع العنكبوت من تذكّر مواقع الطعام بصريًا.
وبمختبرات كينيا الدولية في مركز كينيا لفسيولوجيا الحشرات وعلم البيئة، قام كروس وجاكسون بوضع 14 نوعًا من سبارتيني Spartaeinae في مضمار الحواجز المتعرّج.
وقالت كروس: «كان علينا أن نقوم بإخفاء أنفسنا لضمان عدم تشتّت العناكب عند نظرنا إليها بخلسة».
ووفقا لدراسة نشرت الثلاثاء في مجلة التحليل التجريبي للسلوك؛ اتضح أن كل العناكب كانت ناجحة في إيجاد طريقها باتجاه الصندوق الذي يحتوي على الغذاء، وعلى الأرجح أن العناكب التي اختارت الطريق الخطأ قامت بالخلط بالمواقع وكان هذا الخلط مؤقتًا.
وقالت كروس توقعاتهم لما كان في طريقهم لم تتحقق، وأنها لم تكن جزءًا من خطتهم.
والعثور على عناكب مثل بورشيا في المنازل يجب أن يكون متصلًا بالإحساس بمواقع الطعام وبخطة عمل لكيفية التنقّل في الممرات والحصول عليه.
وقال الياس بيركلي: «عندما كانت الصحف تنشر عن كائن معين كان هناك الكثير من التعميمات عن المجموعة».

وقام معدّو الدراسة بعمل جيد حقًا لإظهار [التخطيط] في هذه المجموعة الكبيرة جدًا.
ولا يزال أمام الباحثين وقت طويل لفهم طريقة تفكير العناكب، ولكنهم حتى الآن تركونا نتساءل ماذا يحدث في هذه الرؤوس الصغيرة.
وقالت كروس: «ما قامت العناكب بعمله أدهشني حقًا!».


 

المصدر