بعد النجاح التجاري الهائل الذي حققه فيلم «آفاتار» سنة 2009 أصبح رواد السينما يقدرون الفرق بين 2-دي و 3-دي، وعلى استعداد لدفع المزيد من المال مقابل هذه الترقية. معظمنا في الحقيقة معتاد مشاهدة الفيديوهات بتقنية 2-دي، على الرغم من أن الشخصيات على الشاشة تبدو وكأن لها عمقًا وملمسًا، فإنها في الواقع صورة مسطحة، لكن عندما نرتدي النظارات ثلاثية الأبعاد، نرى عالمًا له شكل، عالمًا يمكننا السير فيه، يمكننا أن نتخيل الوجود في مثل ذلك العالم لأننا نعيش فيه بالفعل.

الأشياء في حياتنا اليومية لها ارتفاع وعرض وعمق، لكن، لشخص يعرف الحياة في بعدين فقط، سيكون من المستحيل أن يستوعب البعد الثالث، ولهذا السبب، وفقًا للكثير من الباحثين، نحن غير قادرين على رؤية البعد الرابع، أو أي بُعد آخر يتجاوز ذلك.

يعمل الفيزيائيون على افتراض وجود 10 أبعاد على الأقل تستحيل رؤيتها، والسبب يرجع لمعرفتنا الحياة في الأبعاد الثلاثة فقط، فأدمغتنا لا تعرف كيف تبحث عن الأشياء التي لا تدركها.

في سنة 1884، نشر إدوين أ. أبوت رواية تصور مشكلة رؤية الأبعاد التي تتجاوز حدودنا بعنوان «الأرض المسطحة: قصة رومانسية متعددة الأبعاد». وصف أبوت حياة المربع في عالم ثنائي الأبعاد، حيث يحاط بدوائر ومثلثات ومستطيلات، لكن كل ما يراه المربع هو خطوط أخرى. لكن في يوم من الايام زارته كرة، وللوهلة الأولى تبدو الكرة دائرة في نظر للمربع، الذي لم يفهم ما تعنيه الكرة عندما شرحت له البعد الثالث، اخدت الكرة المربع الى العالم ثلاثي الأبعاد وبدأ المربع بفهم واستيعاب ما يراه، حيث لا يرى خطوطًا فقط، بل يرى أشكالًا كاملة لها عمق. ثم يتجرأ المربع ويسأل الكرة عما يوجد خارج العالم ثلاثي الأبعاد، شعرت الكرة بالرعب بسبب استحالة فهمها لبعد أبعد من عالمها، وهذا تمامًا ما يحدث للقارئ، بسبب عدم تدريب ٱدمغتنا على رؤية أي شيء آخر غير عالمنا، ومن المحتمل أن يحتاج ذلك إلى شيء من بعد آخر كي نفهم.

لكن ما هو البعد الآخر؟

اعتاد المتصوفون رؤيته مكانًا تعيش فيه الأرواح بسبب اعتقادها أنها غير ملزمة بقواعدنا الأرضية.

في نظريته عن النسبية الخاصة، أطلق آينشتاين على البعد الرابع «الزمن» مع الإشارة إلى أن الزمن لا ينفصل عن المكان، وصف آينشتاين الجاذبية بأنها انحناء في الزمكان. اليوم يصف بعض الفيزيائيين البعد الرابع بأنه أي مساحة متعامدة Perpendicular على المكعب، لكن المشكلة تكمن في أننا لا نستطيع تصور شيء عمودي على المكعب. استخدم الباحثون أفكار آينشتاين لمعرفة إمكانيتنا في السفر عبر الزمن. بينما يمكننا التحرك في أي اتجاه في عالمنا ثلاثي الأبعاد، لا يمكننا المضي قدمًا إلا في الوقت المناسب. لذا، عُدّ السفر إلى الماضي شبه مستحيل، على الرغم من أن بعض الباحثين مازالوا يأملون في العثور على ثقوب دودية تتصل بٱقسام متخلفة من الزمكان.

صورة قد توضح التعامد على المكعب، تُترك للتحرير

صورة قد توضح التعامد على المكعب، تُترك للتحرير

إذا لم نتمكن من استخدام البعد الرابع للسفر عبر الزمن، وإذا لم نتمكن حتى من رؤيته، فما الفائدة من معرفة ذلك؟

يعد فهم هذه الأبعاد العليا أمرًا مهمًا لعلماء الرياضيات والفيزيائيين لأنه يساعدهم على فهم العالم على نحو أكبر. على سبيل المثال تعتمد نظرية الأوتار على 10 أبعاد على الأقل لتبقى قابلة للتطبيق، وفقًا لهؤلاء الباحثين، يمكن العثور على إجابات للمشكلات المعقدة في العالم ثلاثي الأبعاد في البعد التالي وما بعده.

اقرأ أيضًا:

تطبيقات النظرية النسبية في حياتنا اليومية

نشرت طالبة دكتوراه ورقة بحثية تصف كيف يمكن أن يصبح السفر عبر الزمن ممكن

ترجمة : رضا الكصاب

تدقيق: نور عباس

مراجعة: عون حدّاد

المصدر