تعد النسبية إحدى أهم النظريات في الفيزياء الحديثة والتي توصل إليها ألبرت أينشتاين. إذ إنها غيرت الطريقة التي كان يُنظر بها إلى بُعدي الزمان والمكان. وقد بينت أن قياسات حدث معين تختلف باختلاف الراصد للحدث وباختلاف سرعة الحدث. ومع هذا، فإن جميع القياسات صحيحة من الناحية التقنية (الفنية) لنسبيتها. فمثلًا، تستغرق الفترة الزمنية لشخص على الأرض مئات السنين بالوقت الذي قد تستغرق ساعتين لشخص على متن صاروخ يسير بسرعة الضوء. أو قد يقيس شخص طول سيارته الثابتة والتي ستبدو له أقصر عندما تتحرك، ويعرف هذان التأثيران بـ تمدد الزمن وتقلص الطول. قد تكون على علم بتأثيرات النسبية في السرعة التي تقترب من سرعة الضوء ، ولكن ما سيفاجئك هو أن النسبية تؤثر في الكثير من التطبيقات التي نستخدمها في حياتنا اليومية.

نظام تحديد المواقع العالمي – GPS

لدى أغلبنا اليوم هواتف ذكية تحتوي على العديد من التطبيقات التي تساعدنا في حياتنا اليومية، منها التطبيق الذي يمكنك من الوصول إلى نظام تحديد المواقع العالمي.

ففي كل مرة تستخدم هذا التطبيق وتضغط على أمر (تحديد موقعي الحالي) يحتاج هاتفك إلى الاتصال بقمر صناعي لتحديد موقعك الحالي. تدور الأقمار الصناعية حول الأرض بسرعة 10000 كم/ ساعة. قد تبدو لنا هذه القيمة كبيرة ولكنها في الحقيقة مجرد جزء من ألف من سرعة الضوء، وبما أنها قيمة ضئيلة بالمقارنة مع سرعة الضوء فلن تؤثر النسبية عليها.

ولكن حتى مع هذه السرعة الضئيلة تتأثر إشارة الأقمار الصناعية وتعاني من تمدد الزمن، إذ تتأخر وصول الإشارة يوميًا بما يقارب الـ 4 مايكرو ثانية. بالإضافة الى تأثيرات الجاذبية (التي تؤثر على الزمن وتسبب تمدده) ليصبح الرقم 7 مايكرو ثانية.

تطبيقات النظرية النسبية في حياتنا اليومية التطبيقات اليومية التي يتم فيها استخدام النظرية النسبية نظرية أينشتاين نظام تحديد المواقع

قد يبدو هذا الرقم 7 مايكرو ثانية (0.000007 ثانية) غير مهم، ولكن إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار، فسيجعلك نظام تحديد المواقع تضيع. وبعد يوم واحد فقط، يمكن أن يكون موقعك وفقًا لنظام تحديد المواقع العالمي على بعد 8 كم عن موقعك الفعلي. ولحسن الحظ، بُرمجت الأقمار الصناعية لتأخذ هذا التأثير بعين الاعتبار.

لون الذهب

يمتاز الذهب بلونه الأصفر البهيج. يعود سبب لمعانه إلى تأثير النسبية عليه. فعند حساب درجة لون الذهب دون الأخذ بعين الاعتبار تأثير النسبية، تكون النتيجة اللون الفضي اللامع. وعلى أي حال، يميل اللون الفعلي للذهب إلى الترددات في نطاق الأشعة الحمراء للطيف الكهرومغناطيسي. يُفسر هذا التناقض بدراسة حركة الإلكترونات الموجودة في ذرات الذهب.

تحتوي ذرة الذهب على 79 إلكترونًا يدور حول النواة وعلى 79 بروتونًا في النواة. في المدارات الأقرب إلى النواة (يعرف باسم مدار 1S)، تتحرك الإلكترونات بسرعة عالية. وذلك بمقدار نصف سرعة الضوء تقريبًا لتجنب سحبها إلى النواة بواسطة شحنة موجبة قوية من البروتونات في النواة.

وبسبب السرعة العالية لحركة الإلكترونات، تبدو أقرب إلى بعضها مما هي عليه فعلًا. ولكي ينتقل الإلكترون إلى مستوى طاقة أعلى، فإنه يحتاج إلى امتصاص طاقة محددة من الضوء.

في الذهب، تكون الأطوال الموجية التي يمكن امتصاصها عادةً في نطاق الأشعة فوق البنفسجية (الأشعة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة)، ولكن عند أخذ تأثيرات النسبية بعين الاعتبار، نجد أن الذهب يمتص فعليًا الضوء الأزرق. يمتص الذهب نطاق أشعة الضوء الأزرق وينعكس نطاق أشعة الضوء الحمراء في أعيننا. وبالتالي، نرى الذهب بلونه الأصفر المشع البراق.

الكهرومغناطيسية

تمتاز بعض المعادن بالخواص المغناطيسية مثل الحديد. ومع هذا، يمكن تكوين الخواص المغناطيسية في أي معدن بتحويله إلى ملف من الأسلاك وتمرير تيار كهربائي فيه، لتمتاز بعد ذلك هذه المعادن بخاصية غريبة، فهي ستؤثر مغناطيسيًا على الأجسام المتحركة فقط ولا تؤثر على الأجسام الثابتة. وبالتأكيد يعود فضل وجود هذه الظاهرة إلى النسبية.

التيار الكهربائي هو تدفق الإلكترونات حرة الحركة خلال المعدن الذي تحيطه شبكة من البروتونات الثابتة. عند بقاء الجسم المشحون ساكنًا بالقرب من السلك الكهرومغناطيسي، فإن هذا لن يؤدي إلى حدوث شيء.

على الرغم من تدفق الإلكترونات، إلا أنها تبقى مساوية إلى كمية البروتونات. ولكن عند حركة الجسم المشحون بالقرب من السلك الكهرومغناطيسي، تتأثر الإلكترونات بـ تقلص الطول، ما يؤدي إلى زيادة عدد البروتونات ليصبح السلك الكهرومغناطيسي موجب الشحنة مؤديًا إلى التجاذب أو التنافر.

أجهزة التلفاز القديمة

قد تكون أجهزة التلفاز القديمة قد اندثرت، ولكن ما زالت المعدات التي استخدمت داخلها شائعة الاستخدام إلى يومنا هذا. قبل اختراع شاشات البلازما، كانت أجهزة التلفاز القديمة هي المستخدمة والتي كانت تحتوي على ما يعرف بـ أنبوب أشعة الكاثود. يعمل هذا الأنبوب على تسريع الإلكترونات وإطلاقها خلف الشاشة التي تحتوي على طبقة تبرز الضوء عند اصطدام الإلكترونات بها، ينتج عنها جلوسك واستمتاعك بالمشاهدة بما يُبث على شاشة التلفاز.

ومع هذا، فالأمر لا يتوقف على اصطدام الإلكترونات، بل توجَّه الإلكترونات سالبة الشحنة إلى النقطة الصحيحة على الشاشة بواسطة شحنة موجبة من المغناطيس لتظهر الصورة المثالية للمشاهدين.

تتحرك هذه الإلكترونات بثلث سرعة الضوء، ما يوجب على المهندسين أن يأخذوا بعين الاعتبار تأثير تقلص الطول عند تصميم المغناطيس الذي يوجه حركة الإلكترونات لتكوين صورة على الشاشة. وفي حال لم يؤخذ هذا التأثير بعين الاعتبار، تنتج صورة غير مفهومة بسبب المسار الإلكتروني العشوائي.

اقرأ أيضًا:

نطلبقات المظرية النسبية في حياتنا اليومية

سلسلة النظرية النسبية: المقدمة

ترجمة: إسراء حيدر هاشم

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر