يعمل الفيزيائيون على نوع من المفاعل النووي يسمى ستيلريتور، وهو مفاعل اندماجي يقربهم خطوة أكثر للسيطرة على التحكم في قوة الاندماج النووي تمامًا. وفقًا للدراسة، باستطاعة ستيلريتور ويندلاشتاين 7 إكس في ألمانيا احتواء حرارة تبلغ ضعف الحرارة في لب الشمس، ما يعني أن الفيزيائيين أصبحوا قادرين على الحد من الفقد الحراري، ما يشكل بدوره قفزة مهمة في تقنية الستيلريتور.

قال الفيزيائي نوفيمير بابلانت، من مختبر برينستون لفيزياء البلازما (PPPL): «إنه لمن المثير نجاح هذا التصميم، إذ إنه يُظهر بوضوح تمكننا من الوصول إلى هذا المدى من التحسين».

تعد قوة الاندماج محورًا لجهود تطوير الطاقة حول العالم، وعلى الصعيد النظري، ترتكز مفاعلات الاندماج إلى تسخير الطاقة المنبعثة عندما تندمج النوى في البلازما لإنتاج عنصر أثقل: وهي العملية ذاتها التي تحدث في لب النجوم. في حال تمكنا من تحقيق ذلك، ستكون الفوائد هائلة – طاقة نظيفة عالية الإنتاج لا تنضب.

ومع ذلك فإن القول أسهل من الفعل، فالاندماج عملية نشطة للغاية، وليس من السهل احتواؤها.

أُجريت أبحاث عن طاقة الاندماج لأول مرة في الأربعينيات، لكن حتى بعد عقود، ما زالت مفاعلات الاندماج لا تنتج قدرًا كبيرًا من الطاقة كالتي تفقدها، وبهامش كبير جدًا. رغم ذلك فإننا نشهد بالفعل تقلص الفارق بين الطاقة المنتجة والمهدرة.

تُعرف تقنية الاندماج التي تحطم سجلات درجات الحرارة العالية بـ«توكاماك» وهي لولب على شكل كعكة دونات من البلازما المحصورة في غلاف من المجالات المغناطيسية، تتحرك بسرعة عالية على نبضات سريعة؛ إذ تساعد تلك التقنية البسيطة نسبيًا على احتواء البلازما في حرارة عالية، لكن فقط في الانفجارات.

في المقابل، يعتمد الستيلريتور على بنية معقدة جدًا من المغناطيسات التي حُددت عبر الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه توجيه البلازما للحفاظ على تدفقها، ويصعب جدًا تصميم هذه الستيلريتورات المعقدة وبناؤها. أدى ذلك إلى تسريب الستيلريتور قدرًا كبيرًا من الطاقة الناتجة عن الاندماج في هيئة فقد للحرارة.

ينتج فقد الحرارة ذلك عن عملية تسمى النقل الكلاسيكي الجديد، إذ يتسبب اصطدام الأيونات في مفاعل الاندماج في انتشار البلازما للخارج. تأثير هذا النقل أوضح وأكبر في الستيلريتورات منها في تقنية التوكاماك.

ونظرًا إلى أن لـ«توكاماك» أوجه قصور معينة، سعى الباحثون في PPPL ومعهد «ماكس بلانك» لفيزياء البلازما إلى تشكيل المغناطيس في W7-X لمحاولة تقليل تأثيرات النقل الكلاسيكي الجديد.

الآن، أظهرت القياسات المأخوذة باستخدام أداة تسمى مقياس الطيف البلوري للتصوير بالأشعة السينية (XICS)، درجات حرارة عالية جدًا داخل المفاعل.

وتُدعم هذه القياسات عبر قياسات التحليل الطيفي لإعادة تركيب تبادل الشحنات (CXRS)، التي يُظن أنها أكثر دقة من قياسات XICS، ولكن لا يمكن الأخذ بها في جميع الظروف.

لكن مع توافق مجموعتي البيانات، يتضح أن الستيلريتور كان قادرًا على بلوغ درجات حرارة تقارب 30 مليون كلفن.

وجد الفريق أن هذا لن يكون ممكنًا إلا إذا وُجِدَ انخفاض حاد في النقل الكلاسيكي الجديد، وأجروا نمذجة لتحديد مقدار الحرارة التي ستُفقد عبر النقل الكلاسيكي الجديد إذا لم يُحسن W7-X، ووجدوا أن 30 مليون كلفن كانت بعيدة عن المنال.

قال بابلانت: «أظهر هذا أن الشكل الأمثل لـ W7-X قلل من النقل الكلاسيكي الجديد وكان ضروريًا للأداء الذي شوهد في تجارب W7-X، كانت تلك طريقة لإظهار مدى أهمية التحسين المُنفَّذ على التصميم».

تمثل هذه النتيجة المثيرة خطوة مهمة إلى الأمام في تحسين تصميم الستيلريتور، وستساعد على تشكيل مهم ومُثرٍ للجهود المستقبلية.

إنها أيضًا خطوة مهمة نحو تصميم مفاعل اندماج عملي، رغم وجود الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. فَلِكي يكون مفاعل الاندماج عمليًا، لا يحتاج فقط إلى درجات حرارة عالية، بل يجب أن يحتوي على كثافة مناسبة للبلازما وأوقات احتجاز مناسبة كذلك. ومع أن التوكاماك تعمل بدرجات حرارة عالية أكثر، فإن تقليل الطاقة المفقودة يضمن أن تكنولوجيا الستيلريتور لا تزال تتمتع بميزة أفضل.

قال بابلانت: «إن الحد من وسائل النقل الكلاسيكية الجديدة ليس الشيء الوحيد الذي يتعين القيام به، توجد مجموعة كاملة من الأهداف الأخرى التي ينبغي ظهورها، بما يشمل عمل الستيلريتور بثبات وتقليل النقل المضطرب».

مع وجود تقنيات مختلفة لمفاعل الاندماج النووي قيد التطوير حاليًا، يبدو أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصلنا إحدى هذه التقنيات. قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تصل الطاقة المتولدة من الاندماج إلى شبكات الطاقة لدينا، ولكن عندما يحدث ذلك، قد يُحدث مهولًا تغييرًا في العالم.

يخضع W7-X حاليًا لتحديثات، لاستئناف عملياته في عام 2022.

اقرأ أيضًا:

الصين تخطط لتشغيل مفاعل الاندماج النووي (الشمس الاصطناعية) قريبًا

احتمال تشغيل أول مفاعل اندماج نووي بحلول عام 2025

ترجمة: مي مالك

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: نغم رابي

المصدر