بعد أكثر من سنة على ارتداء كمامات الوجه، يتوق معظم الناس إلى خلع تلك القطع القماشية التي لطالما غطت وجوههم، لكن يبدو أن بعضهم ليس جاهزًا بعد للاستغناء عنها.

أعلن مركز السيطرة على الأوبئة موافقته على مزاولة الأشخاص الملقحين نشاطاتهم دون الالتزام بارتداء الكمامات أو التباعد الاجتماعي. أدى الإعلان إلى تغير في حرص الناس على ارتداء الكمامات، بينما بقي الكثيرون متخوفين من مساوئ خلعها.

يقول فيلكس تورس الطبيب ورئيس قسم الطب الشرعي في لجنة تكساس للخدمات الصحية والإنسانية: «لا بأس في أن يكون لدى البعض تخوف وقلق بهذا الشأن فقد اعتدنا على نمط محدد لعام كامل، وقد ترسخت الاحتياطات المعتادة فينا، لذلك قد لا يتخلى بعضنا عنها بسهولة».

تلقى أكثر من 150 مليون مواطن أمريكي اللقاح الكامل، وبعضهم لا يزالون خائفين من المجهول حيال كوفيد-19. يقول 41% من الأمريكيين إنهم الآن أكثر قلقًا من السنة الماضية. ونحو نصف الشباب الصغار بسن ما بين 18 إلى 29 سنة يعانون زيادة القلق عينَها، وكذلك نصف الإسبان واللاتينيين.

لم تكن الكمامات رائجة قبل أن تثبتت نجاعتها ولم ينصح بها أحد من قبل. يقول جورج بنيامين، المدير التنفيذي لجمعية الصحة الأمريكية العامة، إن تدخل السياسة في موضوع الأقنعة وفشل برنامج اختباراتها أدّيا إلى وضع مربك.

يقول بنيامين: «إن ارتداء الكمامات ليس عادة ثقافيةً لدينا، وقد شكّل ارتداؤها تغيرًا سلوكيًا وثقافيًا عند الناس، وهذا ما جعلها مزعجة».

والسبب الآخر أن من تلقوا اللقاح لا يزالون متشككين ويشعرون بالخطر من الفيروس. لطالما كان الهدف تحقيق مناعة القطيع، ولكنه لا يزال هدفًا بعيد المنال.

يقول بنيامين: «إذا كنت تسكن في فيرموت، فإن احتمال سيرك بالقرب من شخص تلقى اللقاح هو 70%، تتحقق مناعة القطيع عندما يصل الاحتمال إلى 80%، لذا حتى في أماكن مثل فيرموت، نحن لم نقترب بعد من مناعة القطيع».

ماذا عن نبذ الكمامات بعد تلقي اللقاح؟ هل يبقى على الأفراد الملقحين الالتزام بارتداء الكمامات أو التباعد الاجتماعي؟ ارتداء الكمامة بعد اللقاح

بكمامة أم بدونها؟

منذ صدور الإعلان الذي أطلقه مركز السيطرة على الأوبئة، احتدم الجدال بين الملقحين حول أفضلية إبقاء الكمامات. وبينما كان البعض مسرورًا لخلعها، لم يكن الآخرون متلهفين لذلك.

تقول إكسيليا روزا، وهي مواطنة وأم لطفل بعمر سنة: «إن ارتداء الكمامة هو المعتاد الآن، وهو ما يشعرني بالأمان، لم يتلقَّ الجميع اللقاح وأريد أن أحمي نفسي وعائلتي. وسيراودني شعور أفضل حياله بالتأكيد».

إنه شعور شائع عند هذا الطور من الوباء، وهو يسبب تبدلًا ثقافيًّا في مجتمعاتنا. في البداية كان الناس يُنتَقدون لعدم ارتدائهم الكمامات الواقية، لأن ذلك يساهم في انتشار الفيروس. الآن يُنتَقدُ من يرتديها لأنها علامة على أنه لم يتلق اللقاح. وبعد اختفاء الكمامات بدأ الناس يكوّنون أفكارهم الخاصة عن الحماية من الفيروس.

يقول تورس: «يجب أن نضع أنفسنا مكان الشخص الآخر، ويجب أن نتفهم اختلاف مستوى الاطمئنان بين الناس».

أما الآخرون، الذين يرفضون خلع الكمامات رغم عدم شعورهم بالخوف من الفيروس بعد تلقي اللقاح، فمشكلتهم أنهم يشعرون بالغرابة بتخلصهم من الكمامة بعد ارتدائها لأكثر من سنة.

تقول عائشة كايد المتخرجة حديثًا من الجامعة: «أنا فقط أشعر بالغرابة لعدم ارتدائي لها فهي مريحة نوعًا ما. أنا معتادة عليها ولست مستعدة لخلعها بعد».
على أية حال، يتوق العديد من الملقحين للخروج من المنزل دون كمامة. العديد منهم جاهز للعودة إلى التعاملات الشخصية ثانية وإلى ما كانت عليه الحياة قبل الوباء. وخطوتهم الأولى هي التخلص من أدوات الحماية الشخصية.

يقول أنجوناي برونو، أحد كبار مسؤولي جامعة فلوريدا للزراعة والميكانيك: «كنت جاهزًا للتخلي عن الكمامة والخروج من المنزل مباشرة، والآن لا أرتديها إلا في المحلات التجارية وفي العمل، ولا أشعر بالقلق حيال خلعها».

اقرأ أيضًا:

هل سيؤدي الانخفاض الكبير في الفيروسات الشائعة إلى ارتداء الكمامات إلى الأبد؟

أربع خرافات عن الكمامات.. لا تصدقها!

ترجمة: ليلى حمدون

تدقيق: عبد الرحمن داده

مراجعة: نغم رابي

المصدر