ثبت أن لارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي فوائد كبيرة هامشية تمنع إصابة الناس من جميع الأمراض وليس من كوفيد-19 فقط، ولكن من غير الواضح جدوى هذه البروتوكولات والإجراءات على المدى الطويل وإن كانت تستحق هذا الألم والعناء. كان المعلمون في أكاديمية نيو هوب في فرانكلين في ولاية تينيسي يتناقشون حول هذا الأمر، وقد شددوا على ضرورة ارتداء الكمامة وإبعاد الأطفال عن بعضهم حتى الصغار منهم، وقد قالت نيكول غرايسون -إحدى المعلمات التي تدرس الصف الرابع- أنهم لاحظوا أمرًا غريبًا: «لا نعرف أي طالب مصاب بالإنفلونزا أو مصاب بالتهاب حلق»، وهذه ليست حكاية طريفة.

صدرت دراسة في مارس 2021 من مجلة Journal of Hospital Medicine أجراها باحثون في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت، وأفادت بأن عدد الأطفال المرضى الذين دخلوا هذا المستشفى بسبب الأمراض التنفسية انخفض بنسبة 62%، وحتى هذا الموسم كان عدد الذين توفوا بسبب الإنفلونزا قليلًا جدًا مقارنة بالسنوات الماضية، إذ لم يمت سوى طفل واحد بينما كان عدد الوفيات يتراوح من 100 إلى 260 حالة سنويًا. والبالغون لم يصابوا أيضًا، وعدد الإصابات الإجمالي بالإنفلونزا يقدر بالمئات بدل الآلاف، ففي موسم 2018-2019 كان عدد الوفيات 34000.

قالت الدكتورة إيمي فيهيك -طبيبة أطفال في ميرسي كومينيتي هيلث الاتحادية- إن ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي ليسا العاملين الوحيدين اللذين يثبطا انتقال الأمراض المعدية، فارتفاع الحرارة والحمى أصبحت حالة خطيرة وجدية تمنع الناس من الذهاب لأي مكان، ولم يعد الآباء يرسلون أبناءهم المرضى إلى المدرسة، وهم بذلك يقومون بأفضل عمل، وهذا الأمر ينطبق على البالغين أيضًا.

هل سيؤدي الانخفاض الكبير في الفيروسات الشائعة إلى ارتداء الكمامات إلى الأبد؟ جدوى ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي على المدى الطويل

وأضافت أيضًا أن العزل الشخصي عند الشعور بالتعب والمرض قد يستمر حتى بعد انتهاء الوباء، لكن ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي والعزل قد لا ينفع مع كثير من الأطفال، فقد أثر الوباء سلبيًا في جميع نواحي الحياة، ومنها التعليم، فلكل شيء عواقب وضريبة، مع أنها دعمت الحظر والإغلاق في البداية، فإن الأطفال الذين يعانون مشكلات في النطق لا يستطيعون رؤية حركة فم المدرس، فلا يستطيعون تعلم كيفية النطق الصحيح.

مع استمرار عدم وجود لقاح فعال لكوفيد-19، تتوقع إيمي عامًا آخر من ارتداء الكمامة والحظر. ويحاول بعض الخبراء والباحثين تطوير الكمامات وتحسينها كما فعلت بعض الدول الآسيوية، ولكن بعض خبراء الأمراض المعدية مثل الدكتور ريكاردو فرانكو من جامعة ألاباما برمنغهام يشكون في أن يكون هذا الاجراء مفيدًا وعمليًا.إذ قال فرانكو: «أشك في أن تكون هذه الأزمة كافية لإحداث تغير ثقافي كبير، نظرًا لمدى صعوبة تحقيق أي تحول ثقافي في الأشهر السابقة».

قد يكون أهم تغيير حقيقي هو التغيير داخل نظام الرعاية الصحية ذاته، فالأطباء والممرضون لم يكونوا يلتزمون بارتداء الكمامة قبل الوباء، وأضاف الدكتور هاريسون رئيس قسم الطوارئ في مشفى خارج ناشفيل أن زميله كان يرتدي الكمامة منذ تخرجه من كلية الطب، وكان يتعرض للتنمر لأنه كان يرتديها دائمًا.

والآن بعد أن ارتدى الجميع الكمامات، لاحظ الدكتور هاريسون شيئًا مشابهًا لباقي الأقسام، فأغلب الطاقم لا يعلنون مرضهم إلا إذا أصيبوا بكوفيد-19.

وقد ذكر الدكتور هاريسون أن ارتداء الكمامة قد يستمر حتى بعد انتهاء الوباء، ولن نقلق من أن يعطس في وجهنا الأطفال وكبار السن المصابون بسيلان الأنف.

بدأت بعض المشافي بتخفيف إجراءات ارتداء الكمامة لطاقمها، لكن حتى الذين أخذوا اللقاح ما يزالون مضطرين لارتداء الكمامة، وأشار نظام إنترماوتن للرعاية الصحية في يوتا إلى أن ارتداء الكمامة سيستمر عند رفع القيود على مستوى الولاية في إبريل.

هل سيحتاج الجميع إلى أخذ استراحة؟

حتى الذين يؤمنون بفاعلية ارتداء الكمامة وأهميته، تراودهم الشكوك أحيانًا حول استمرار المجتمع الطبي بهذا الإجراء.

والتساؤل الأكبر الذي طرحه الدكتور جوشاو باروكاس الذي يدرس الأمراض المعدية في جامعة بوسطن: هل سيحتاج الجميع إلى أخذ استراحة وخلع الكمامة؟

يقول مسؤولو الصحة العالمية أنه مهما حصل في المستقبل، فلم يأت الوقت المناسب لخلع الكمامة والاستغناء عنها، لأنه ما زال الكثيرون في الولايات الامريكية ينتظرون للحصول على لقاح كوفيد-19، وفي النهاية حتى الأطباء والممرضات يحبون رؤية وجهك مبتسمًا دون كمامة.

اقرأ أيضًا:

ما هي الفيروسات؟ وكيف اكتشفت؟

استغلال الحياة البرية يسبب انتشار المزيد من الفيروسات

ترجمة: محمد أمين عرار

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر