إذا كُسرَت نظاراتك من قبل، لا بد أنك لاحظت حافة رمادية داكنة وغير شفافة. في الواقع إذا كنت ترتدي النظارات ذات الإطار المفتوح فستبدو الحافة السفلى ذات لون أخضر وغير شفافة حتى بدون شقوق.

ستلاحظ نفس الشيء في المساطر والنوافذ وشاشات الهواتف الذكية. وكذلك البلاستيك الشفاف المُستخدَم في شاشات الحماية للهواتف.

لكن لماذا يحدث هذا؟ ألا يجب أن يكون الزجاج شفافًا من جميع الاتجاهات؟

تكمن الإجابة في السؤال نفسه أي في كلمة «اتجاه» ومع ذلك يجب فهم بعض الأساسيات حول سلوك الضوء عمومًا.

أساسيات في علم البصريات

1-انعكاس الضوء

عندما يسقط الضوء على سطح لامع فسيرتد لجهة المصدر. هذا يُعرف بالانعكاس ويمكن تعريفه بصورة أدق باستخدام الهندسة البسيطة.

تخيل أن شعاعًا ضوئيًا يسقط على سطح طائرة. ارسم خطًّا عموديًا على الطائرة عند نقطة الاتصال بين السطح والشعاع. يسمى هذا الخط بالناظم.

تتشكل زاوية بين الناظم والشعاع تسمى بزاوية السقوط. وعند انعكاس الضوء، فإن الأشعة المنعكسة تشكل زاوية مع الناظم تسمى بزاوية الانعكاس. تكون هاتان الزاويتان متساويتين دائمًا.

2-انكسار الضوء

عندما يسقط الضوء على جسم شفاف كالزجاج، فإنه يعبر داخل الجسم من الجانب الأول ومن ثم يخرج من الجانب الآخر. لكن ستبدو الصورة الناتجة عنه مكسورة عند حدود الزجاج والوسط المحيط به. تسمى هذه العملية بالانكسار، التي يمكن وصفها أيضًا على نحو أكثر دقة باستخدام الهندسة البسيطة.

افترض أن شعاع الضوء ينتشر عبر الهواء ويضرب لوحًا زجاجيًا سميكًا. ارسم خطًا عموديًا على اللوح عند نقطة الاتصال بين اللوح والشعاع، يسمى هذا الخط بالناظم تمامًا كما في حالة الانعكاس.

عندما يسقط الشعاع على سطح الزجاج تتشكل زاوية مع الناظم تسمى بزاوية السقوط. يُطلَق على الشعاع وهو داخل الزجاج بالشعاع المنكسر، أما الزاوية بين الشعاع المنكسر والخط تسمى بزاوية الانكسار. خلال الانكسار لا تتساوى زاوية السقوط مع زاوية الانكسار أبدًا.

لكل وسط خاصية يطلق عليها الكثافة الضوئية، تعطي هذه الكثافة فكرة عن سرعة الضوء في الوسط (المادة). وتسمى نسبة سرعة الضوء في الفراغ إلى سرعتها عبر الجسم (الوسط) بقرينة الانكسار (معامل الانكسار).

كلما زاد هذا المعامل انخفضت سرعة الضوء وعليه، تزداد الكثافة.

n=v/c

v: سرعة الضوء في الوسط

c: سرعة الضوء في الفراغ

n: معامل الانكسار للوسط

عندما تكون سرعة الضوء في الوسط أقل من سرعة الضوء في الفراغ يقال إن الوسط أكثر كثافة من الهواء.

إذا كان الضوء يعبر بين وسطين لهما معاملات انكسار مختلفة، يمكننا استخدام قانون سنيل، وعليه سنحصل على العلاقة الآتية:

n1 sin Θ1=n2 sin Θ2

n1, n2 معاملات الانكسار للوسط 1 و2 على التوالي

Θ1, Θ2 زوايا الدخول والانعكاس على التوالي

3-الانعكاس التام

عند انتقال الضوء من وسط ذي كثافة أعلى إلى وسط ذي كثافة أقل، وإذا كانت زاوية السقوط أكبر من زاوية محددة تسمى بالزاوية الحرجة، فإن شعاع الضوء ينعكس نحو الوسط الأساسي مرة أخرى دون حدوث انكسار. تسمى هذه الظاهرة بالانعكاس الداخلي الكلي (التام).

امتصاص الضوء

تتناقص شدة الضوء كلما انتشر الضوء في وسط ما مع مرور الوقت. على سبيل المثال، ليس باستطاعة الأشعة الخارجة من الشعلة أن تصل بعيدًا قبل أن تتلاشى وتصبح غير مرئية. يحدث هذا بسبب تفاعل الضوء مع الوسط ما يؤدي إلى امتصاص جزء منه.

وبالمثل عندما يعبر الضوء داخل الزجاج يُمتَص جزء من طاقته ما يؤدي إلى انخفاض في شدة الموجة المنكسرة.

إذا كان الزجاج سميكًا بما يكفي فسيعبر الضوء مسافة أكبر وعليه فإن جزءًا كبيرًا منه يُمتص وهكذا تتناقص كثافة الأشعة الناشئة مقارنة بكثافة شعاع المصدر (شعاع السقوط). ويُحدَّد مقدار ما تمتصه المادة من الضوء بموجب قانون بير لامبرت.

تحدد كثافة الضوء المنبثق (I) عبر المعادلة:

l_0 = كثافة الشعاع الساقط

L = المسافة التي يقطعها الضوء داخل الوسيط الممتص له

C = التركيز المولاري للجزيئات والأيونات الممتصة

ε = معامل الامتصاص المولاري (يعطي فكرة عن قدرة الامتصاص الخاصة بالوسط)

وفقًا لذلك، كلما زاد طول الزجاج، خفت شدة الشعاع المنبثق (الناشئ).

لماذا لا تبدو الشقوق في الزجاج شفافة إذن؟

الآن وبعد أن أصبحت لدينا فكرة عن سلوك الضوء داخل الوسط، دعونا نناقش الإجابة. عندما يسقط الضوء على حافة زجاجية مكسورة، سيحدث دائمًا بعض الانعكاس -حتى من سطح شفاف مثل الزجاج-، يكشف كسر الزجاج الحواف الخشنة. ومن ثم ينقسم الضوء الساقط على الحافة الخشنة إلى أشعة متعددة تنعكس بعيدًا في اتجاهات متعددة. تتداخل هذه الأشعة المنعكسة بطريقة لا تعطي صورة واضحة. وهذا ما يسمى بالانعكاس غير المنتظم.

يدخل بعض الضوء إلى الزجاج. وعندما يدخل الضوء عبر الحافة المتشققة، تبقى بعض الأشعة عالقة في الداخل بسبب الانعكاس التام، ذلك لأن الأشعة تتحرك بطريقة تجعل زاوية السقوط داخل الزجاج أكبر من الزاوية الحرجة. وهكذا، لا يمكن للضوء أن يخرج من الزجاج، وبما أنه محصور بالداخل، لا يمكن رؤية المنطقة خلف الزجاج المكسور – أي الزجاج الشفاف على الجانب الآخر. نتيجة كل ذلك، تتضاءل شفافية تلك المنطقة.

بعض الضوء يبقى عالقًا، فيُمتَص أيضًا. كلما زادت المسافة التي تقطعها أشعة الضوء داخل الزجاج، زادت كمية الامتصاص. هذا الانخفاض في شدة الضوء مسؤول أيضًا عن زيادة كثافة الشقوق. كلما زاد معامل الامتصاص المولاري للزجاج، زاد امتصاص الضوء.

وعليه، فإن الشقوق تبدو غير شفافة بسبب مزيج من الانعكاس غير المنتظم، والانعكاس التام، والامتصاص داخل الزجاج!

اقرأ أيضًا:

اكتشاف طريقة تجعل الزجاج صلبًا لدرجة خدش الألماس

لماذا تنكسر النوافذ الزجاجية عند اندلاع الحرائق؟

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: طارق طويل

مراجعة: نغم رابي

المصدر