توصل العلماء إلى طريقة جديدة لصنع الإسمنت، قد تستعمل في بناء مستعمرات خارج كوكب الأرض. وفي التجارب، قام الباحثون بالتوصل لهذا، عبر دمج حطام صخور -مشابهة لتلك الموجودة على القمر والمريخ- ببروتين معين موجود في دم الإنسان، ومركب مُستخرج من بول وعرق الإنسان أيضًا. يُذكر أن هذا الإسمنت يُعد أكثر صلابة من أي نوعٍ آخر، ومن جهةٍ أخرى، أظهرت الدراسة وجود مواد البناء المُستقبلية في أماكن غير مُتوقعة، أي جسم الإنسان.

يعود أصل هذه الفكرة إلى العصور الوسطى، إذ كان العاملون يستعملون -حينها- دماء الحيوانات للحفاظ على تماسُك الطين. واللافت أن هذه الطريقة قد تكون حلًا أساسيًا لمشكلة بناء المستعمرات خارج الأرض، التي تكلف أموالًا طائلة حسابيًا.

يقول أليد روبيرتس، المهندس والباحث في جامعة مانشستر، إن العديد من الباحثين حاولوا الوصول إلى طرائق لتصنيع مواد مشابهة للإسمنت على المريخ، مضيفًا: «رأينا أن الطريقة الأفضل هي البحث عن مواد داخل أجسامنا، يمكن استعمالها لتصنيع تلك المواد».

عند بناء مستعمرات خارج كوكب الأرض ، علينا التركيز على تخفيف حمولة الصاروخ المنطلق إلى الفضاء، وهنا تكمن أهمية هذه الدراسة، إذ تسمح بتخفيف الوزن (أي التكلفة)، خلال عملية الصعود إلى الفضاء. فوَفقًا للبيانات الحالية، تصل تكلفة إطلاق الكيلوجرام الواحد إلى الفضاء ما يقارب 1500 دولار أمريكي. وفي دراسة أجرِيت في عام 2017، وجد الباحثون أن تكلفة نقل حجر بناء واحد إلى المريخ قد يكلف 2 مليون دولار تقريبًا.

تركزت التجارب على استخدام حطام صخري -مشابه لذلك الموجود على المريخ والقمر- أساسًا للبناء. وتكمن الحاجة إلى المُركبات المستخرجة من جسم الإنسان في دمج هذه الصخور ببعضها.

في عام 1773، اكتشف الكيميائي الفرنسي هيلير مارين رويل اليوريا واستخلص حينها المادة من البول. وفي عام 2020، وجد فريق من الباحثين أن هذه المادة (اليوريا)، تساهم في تلدين الإسمنت وجعله أكثر لينًا من المعتاد.

أما روبيرتس وفريقه، فقد استعملوا بروتين الألبومين المُستخرج من بلازما الدم، بدلًا من اليوريا. وصنعوا نوعًا من الإسمنت، أسموه الإسمنت الفضائي (AstroCrete).

باستعمال تقنيات تصنيع مُبسطة، تمكن الفريق من صنع مُركّبات من الحطام الصخري.

مقارنةً بالإسمنت العادي، الذي تصل قدرته إلى (20-32) ميجا باسكال، تصل قدرة هذه المُركبات على مقاومة الانضغاط إلى ما يقارب 25 ميغا باسكال. إلا أن إضافة اليوريا إلى المركبات المُصنعة من الحطام الصخري زادت من قدرة مقاومة الانضغاط إلى ما يعادل 39.7 ميغا باسكال.

جُرب تأثير بروتين الألبومين وخيوط العنكبوت الصناعية أيضًا، وأثمرت نتائج جيدة. يُذكر أن البروتين سيستخرج من دم رواد الفضاء، بحسب ما ذكره التقرير.

وكتب الفريق في ورقته البحثية، أن البروتين المُستخرج من دماء رواد الفضاء، سيدمج مع الحطام الصخري المُستخرج من سطح المريخ، لتصنيع هذا الإسمنت المتركز من الدم.

على مدار سنتين، يمكن لست أشخاص التبرع بألبومين يكفي لتصنيع 500 كيلوغرام من الإسمنت الفضائي. إن مشاركة كل عضو من الفريق الموجود في هذه العملية سيساهم في تصنيع إسمنت يسمح للشخص ببناء وتوسيع منطقة عيشه.

من جهةٍ أخرى، أكد الباحثون الحاجة إلى دراسات عدة قبل القيام بهذه الخطوة، فلا يزال تأثير التبرع ببلازما الدم في الفضاء غير معروف، خصوصًا مع تواجد جاذبية مختلفة عن الأرض، ونسبة أعلى من الإشعاعات.

إضافةً إلى ذلك، من غير الممكن حاليًا التنبؤ بالكمية القصوى من البلازما التي يمكن التبرع بها.

واختتم الباحثون بالقول: «نعتقد بأن المركبات الحيوية المتركزة من بروتين الألبومين والحطام الصخري، سيكون لها أهمية كبيرة في بناء مستعمرات خارج الأرض ، إلا أن التطور التكنولوجي بالتأكيد سيأتي بحلولٍ أفضل لمشكلة تصنيع الإسمنت خارج الكوكب».

اقرأ أيضًا:

رواد الفضاء يصنعون الإسمنت باستخدام البول

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق : آلاء رضا

مراجعة: حسين جرود

المصدر