قد يشكل تعرض الأم لأنواع معينة من الأدوية خطرًا على صحة طفلها، وتعد متلازمة الطفل الرمادي من الحالات غير المألوفة التي ترتبط باستعمال الأدوية في أثناء الحمل. يتحدث هذا المقال عن متلازمة الطفل الرمادي، وأعراضها، وكيفية علاجها، وكيف نتجنب حدوثها؟

تتمحور كل توقعات الأمهات بأن يكون مواليدهم بصحة جيدة، ولهذا السبب يخضعن لرعاية طبية في مرحلة الحمل بإشراف أطبائهن، ويأخذن جميع الاحتياطات للتأكد من أن حملهن صحي، متضمنةً الالتزام بالحمية الصحية والتمرينات المنتظمة، وتجنب الكحوليات والعقاقير غير المشروعة والتبغ.

ولكن، حتى لو التزمت الأم بالنصائح المذكورة، فإن تعرضها لأنواع أدوية معينة قد يشكل خطرًا على صحة طفلها، ومن هنا تأتي أهمية استشارة الطبيب قبل أخذ أي دواء جديد خلال مرحلة الحمل، أو إذا كانت تفكر في الحمل.

ويوجد كثير من الأدوية التي تعد آمنة للاستعمال في مرحلة الحمل، سواء كانت توصف بوصفة رسمية أو دونها. ولكن بعض الأدوية الأخرى، بإمكانها أن تتسبب بتشوهات خلقية خطيرة، أو مشكلات صحية لطفلها، ومن ضمنها متلازمة الطفل الرمادي. وتعد هذه المتلازمة من الحالات غير المألوفة، ولكنها قد تشكل خطورة على الأجنة قبل الولادة وعلى الأطفال. لذلك من المهم معرفة أسبابها، لمحاولة وقاية الأطفال منها.

خطورة متلازمة الطفل الرمادي على الأطفال - متلازمة الطفل الرمادي، وأعراضها، وكيفية علاجها، وكيف نتجنب حدوثها - ما هي متلازمة الطفل الرمادي؟

ما هي متلازمة الطفل الرمادي؟

تعرّف هذه المتلازمة نادرة بأنها حالة مهددة للحياة قد تتطور عند الأطفال حتى عمر السنتين، وهي من الآثار الجانبية المحتملة لتناول المضاد الحيوي (الكلورامفينيكول)، إذ يستعمل هذا العقار لمعالجة إنتانات مختلفة، كالتهاب السحايا البكتيري، ويوصي بعض الأطباء به عند عدم الاستجابة للمعالجة بالمضادات الحيوية الأخرى كالبنسلين.

ويعد هذا المضاد الحيوي خطيرًا جدًا على الأطفال لأنه ذو مستوى سمية عالٍ، ولسوء الحظ فإن الكبد لدى الأطفال لم يُطور بعد الأنزيمات القادرة على استقلاب الجرعات العالية من هذا العقار، ما يؤدي إلى عجز أجسامهم الصغيرة عن تفكيك هذا العقار فتتراكم مستويات السمية لهذا المضاد الحيوي في الدورة الدموية، وقد تتطور متلازمة الطفل الرمادي فور إعطاء الطفل هذا الدواء مباشرةً، أو عند إعطائه للأم خلال المخاض أو في أثناء الحمل.

ولا تعد هذه المتلازمة العرض الجانبي الوحيد للكلورامفينيكول، فقد يسبب هذا الدواء أعراضًا جانبية -منها الخطيرة، والخفيفة- عند الأطفال الأكبر سنًا والبالغين، وتتضمن:

  •  تقيؤ.
  •  حمى.
  •  صداع.
  •  طفح جلدي.
  •  تعب غير معتاد.
  •  تشويش ذهني.
  •  ضبابية في الرؤية.
  •  فقر دم (لأنه يقلل تعداد الكريات الحمراء في الدم).
  •  الإنتان.

لذلك من المهم إبلاغ الطبيب في حال ملاحظة أي آثار جانبية.

أعراض متلازمة الطفل الرمادي:

تتطور متلازمة الطفل الرمادي إذا وصل مستوى الكلورامفينيكول في الدم إلى مستوى السمية، وتظهر الأعراض بعد مرور مدة ما بين يومين إلى تسعة أيام منذ بدء المعالجة به، وقد تكون الأعراض مختلفة ومتعددة، ولكن يجب ملاحظة ما يلي:

  •  إقياء.
  •  انخفاض ضغط الدم.
  •  القشعريرة (انخفاض في حرارة الجسم).
  •  تلون الجلد بلون رمادي.
  •  لون أزرق في الشفاه والجلد.
  •  عدم انتظام في ضربات القلب.
  •  ارتخاء الجسم.
  •  براز بلون أخضر.
  •  صعوبة في التنفس.
  •  تورم في منطقة البطن.

عند ملاحظة أي من أعراض متلازمة الطفل الرمادي عقب إعطائه جرعة من الكلورامفينيكول، يجب إسعاف الطفل فورًا، وإذا تركت الحالة بدون علاج، فإنها قد تتسبب بموت الطفل خلال ساعات.

كيفية علاج متلازمة الطفل الرمادي؟

من الجيد أنه بالإمكان معالجة هذه الحالة إذا طلبت المعالجة فور ملاحظة أعراضها. والخطوة الأولى من العلاج، هي إيقاف إعطاء الطفل لهذا الدواء، وفي حال كانت الأم تتناول هذا الدواء لمعالجة إنتان ما، فيجب عليها وقف الرضاعة الطبيعية. يشخص طبيب الأطفال هذه المتلازمة بالفحص السريري وتقصي الأعراض كاللون الرمادي للجسم والشفاه الزرقاء، وقد يسأل طبيبك عن تعرض طفلك لجرعة من عقار الكلورامفينيكول.

يجب أن يفهم الأهل نقطة مهمة تتعلق ببقاء طفلهم في المستشفى بعد تشخيص حالته بهذه المتلازمة، لأنه يحتاج إلى الرعاية الطبية من الطبيب المشرف على علاجه، وسيوصي الطبيب بعلاج مختلف، عند وقف إعطاء الطفل الكلورامفينيكول.

تبديل الدم:

هي عملية تهدف لإنقاذ حياة الطفل، والتي تتضمن تخليص الطفل من بعض الدم، واستبداله بدم جديد من متبرع، أو استبداله بالبلازما، وتعتمد هذه العملية بالكامل على فتح قسطرة وريدية.

الديلزة الدموية (تصفية الدم):

يعتمد هذا الإجراء على استخدام جهاز الديلزة لتنقية دم الطفل من السموم، وتعمل أيضًا على موازنة مستويات الصوديوم والبوتاسيوم في الدم ما يعني السيطرة على ضغط الدم.

من الضروري تزويد الطفل بالأكسجين إضافةً إلى كل المعالجات المذكورة أعلاه، وذلك لتحسين التنفس لديه ولزيادة الأكسجة الدموية. وقد يوصي الطبيب أيضًا بإمداد الطفل بالتروية الدموية، وهذه المعالجة مشابهة للديلزة، وتساهم في تنقية دم الطفل من السموم. وتستمر مراقبة دم الطفل خلال المعالجة.

الخلاصة:

يمكن تجنب حدوث متلازمة الطفل الرمادي، والطريقة الأفضل لتجنب هذا الاختلاط هو عدم إعطاء الكلورامفينيكول للأطفال حديثي الولادة أو الأطفال تحت عمر السنتين. ومن المهم أيضًا أن تتجنب الأم الحامل والأم المرضعة هذا الدواء، فقد يعبر الكلورامفينيكول إلى الطفل عبر حليب الأم، ومع إن الجرعات المنخفضة من هذا المضاد الحيوي قد لا تسبب آثارًا سمية عند الأطفال فإنه من الأفضل تجنبه، ويمكن سؤال الطبيب عن مضاد حيوي أكثر أمانًا للأم والطفل.

وحتى إذا عانى الطفل إنتانًا معندًا على الاستجابة لباقي أنواع المضادات الحيوية الأخرى، فإن استعمال الكلورامفينيكول من النادر أن يكون ضروريًا، وإذا كان لا بد من إعطائه للأطفال، فإن ذلك يجري بحذر وتحت مراقبة الطبيب ويجب ألا يكون هذا الدواء هو المعالجة الرئيسية.

ويمكن غالبًا تجنب متلازمة الطفل الرمادي عند استخدام الكلورامفينيكول بجرعات قليلة مع مراقبة مستوياته في الدم، ويُنصح أيضًا بمراقبة تحاليل الدم لدى الأم الحامل أو المرضعة عند تناول هذا العقار خلال فترة المعالجة على الدوام.

اقرأ أيضًا:

أسباب الإجهاض في الثلثين الأول والثاني من الحمل

إدمان المخدرات: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: طارق محمد

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: حسين جرود

المصدر