الابتسامة الصادقة هي تلك التي تنسحب فيها شفاهنا للأعلى وتبرق معها عيوننا، إنها علامة الفرح ووسيلة للتواصل الإنساني. ولكن هذا الفرح قد يتأثر عند بعض البشر بحالة تُسمَّى: «الابتسامة اللثوية»؛ وهي الحالة التي يظهر فيها من اللثة عند الابتسام أكثر مما هو مرغوب، وفي بعض الحالات السريرية تُسمَّى: «فرط ظهور اللثة».

عندما نشعر أحيانًا أن ابتسامتنا لثوية للغاية، فالأمر هنا إلى حد كبير هو مسألة جمالية شخصية وهي أمر شائع إلى حد ما.

متى تكون الابتسامة لثوية؟

لا يوجد تعريف دقيق للابتسامة اللثوية، وهي شيء نسبي متعلق بعين الناظر. ويمكن أن تتأثر نظرتنا لخط اللثة بالعوامل التالية:

  •  ارتفاع وشكل الأسنان.
  •  الطريقة التي تتحرك فيها الشفاه عند الضحك.
  •  شكل زاوية الفك مقارنةً مع باقي الوجه.

وعمومًا فإن انكشاف 3-4 مليمترات من اللثة يعطي مظهرًا غير متجانس، وتنتج عنه الابتسامة اللثوية.

ما أسباب الابتسامة اللثوية؟

وفقًا للدراسات، قد تسهم عوامل عدة في ظهور الابتسامة اللثوية. ومن أكثر الأسباب شيوعًا:

 الاختلافات في نمو الأسنان:

قد تؤدي أحيانًا الكيفية التي تنمو فيها الأسنان الدائمة إلى ظهور الابتسامة اللثوية، والأمر يختلف من شخص لآخر، ووجدت دراسة عام 2014 أنها قد تكون صفة وراثية. تحدث حالة تُسمَّى: «بزوغ الأسنان المنفعل المتبدل» عندما تغطي اللثة جزءًا كبيرًا من سطوح الأسنان، وقد تؤدي إلى الابتسامة اللثوية.

عندما تنمو الأسنان باتجاه الأمام كثيرًا، قد يتبعها نمو زائد في اللثة أيضًا، وتسبب عندها حالة مرضية تسمى: البثق السني السنخي.

ويمكن أن تحدث الابتسامة اللثوية؛ بسبب فرط النمو العمودي للفك العلوي، وفيه يزداد طول الفك العلوي عموديًا ويصبح أطول من الطبيعي.

 الاختلافات في الشفاه:

يمكن أن تحدث الابتسامة اللثوية عندما تكون الشفة العلوية قصيرة، وتحدث أيضًا عندما تعاني الشفاه من فرط الحركة التي ينتج عنها حركة شديدة عند الابتسام، وينكشف بسببها جزء كبير من اللثة.

 الأدوية:

قد تسبب بعض الأدوية فرطًا في نمو اللثة حول الأسنان، وهو ما يُعرف بـ:«الضخامة اللثوية أو فرط تنسج اللثة»، ومنها أدوية الصرع والأدوية الكابحة للمناعة والأدوية الخافضة للضغط الدموي، وجميعها قد تسبب الضخامة اللثوية. ومن المهم أن تعالج هذه الحالات؛ لأن تركها دون علاج قد يسبب تطورها لمرض حول سني.

خيارات العلاج

 الجراحة:

إذا كانت اللثة تغطي سطوح الأسنان زيادةً، عندها قد يوصي طبيب الأسنان بإجراءٍ يُسمَّى قطع اللثة أو تنضير اللثة، ويتضمن هذا الإجراء إزالة النسج اللثوية الزائدة.

كيف يُنفَّذ قطع اللثة:

  •  يجري الطبيب التخدير الموضعي لمنع حدوث الألم في أثناء تنفيذ الجراحة.
  •  يستخدم الطبيب المشرط أو الليزر لقص وإعادة تشكيل اللثة ولكشف مساحة أكبر من سطوح الأسنان.
  •  بعد الجراحة قد تنزف اللثة أو تلتهب لمدة أسبوع.
  •  قد يحتاج هذا الإجراء لأكثر من جلسة.

وتكون نتائج هذا الاجراء عادةً طويلة الأمد أو دائمة.

 جراحة إعادة توضيع الشفاه:

عندما تكون الشفاه هي سبب الابتسامة اللثوية، عندها قد يوصي الطبيب بجراحة إعادة توضيع الشفاه، إذ يغير فيها وضع الشفاه بالنسبة للأسنان، وتُنفَّذ بإزالة جزء من النسيج الضام من الجانب الداخلي للشفة العلوية، وبذلك نمنع العضلات الرافعة للشفة الواقعة بين الأنف والشفة العلوية من رفع الشفة العلوية كثيرًا بعيدًا عن الأسنان.

كيف تُنفَّذ جراحة إعادة توضيع الشفة:

  •  تُنفَّذ الجراحة تحت التخدير الموضعي لتجنب الشعور بالألم.
  •  عندما يتخدر الفم يجري الطبيب شقين في الجانب الداخلي للشفة العلوية، ويزيل جزءًا من النسيج الضام من هذه المنطقة.
  •  وبعد إزالة النسيج الضام يقطب الطبيب الشقين.
  •  تستغرق الجراحة من 45-60 دقيقة.
  •  قد يصف الطبيب بعض المضادات الحيوية ومسكنات الألم بعد الجراحة.
  •  يستغرق الشفاء نحو أسبوع.

وفقًا لدراسة أُجريت عام 2019، فإن نتائج هذه الجراحة قد تستمر لسنتين. وفي عدد من الحالات قد تكون دائمة، وأحيانًا يكون النكس واردًا.

 جراحة تقويم الفكين:

إذا كان الفك جزءًا من مشكلة بروز اللثة المفرط قد يوصي الطبيب بجراحة تقويم الفكين، وهذا الإجراء يوازن بين طول الفك العلوي والسفلي. ويحتاج هذا الخيار العلاجي إلى الكثير من الدراسة، وقد يتطلب الأمر زيارة كل من طبيب التقويم وجراح الفكين، وإجراء صور شعاعية عدة للفم؛ لتقرير النمو الزائد للفك من عدمه.

أحيانًا وقبل تنفيذ الجراحة قد يرى الطبيب أن المريض بحاجة لوضع الحاصرات أو الأجهزة التقويمية الأخرى؛ للتأكد من تموضع القوسين السنيين بصورة صحيحة.

كيف تُنفَّذ جراحة تقويم الفكين:

  •  تُجرى هذه الجراحة تحت التخدير العام.
  •  يزيل الجراح جزءًا من عظم الفك العلوي؛ ليوازن بين طوله وطول الفك السفلي.
  •  يعاد ربط طرفي عظم الفك المقطوع بوساطة صفائح رقيقة وبراغٍ، وإذا كان الفك السفلي متراجعًا كثيرًا فيجب تصحيحه أيضًا.
  •  يحتاج المريض إلى البقاء في المشفى بعد الجراحة من 2 إلى 4 أيام تحت مراقبة الطبيب الجراح.
  •  قد يحتاج المريض لارتداء مشد لتثبيت الفك في أثناء فترة الشفاء.
  •  يستغرق الشفاء عادةً من 6 إلى 12 أسبوعًا.

 أجهزة التثبيت المؤقتة:

بإمكان الأشخاص غير الراغبين بالجراحة سؤال الطبيب ما إذا كان مناسبًا لهم استخدام أجهزة التثبيت التقويمية المؤقتة، وهذه الأجهزة تساعد على سحب الأسنان إلى وضع تخفف فيه من حدة الابتسامة اللثوية؛ وهي عبارة عن زريعات صغيرة توضع في عظم الفك داخل الفم، وتُنفَّذ عادةً ضمن عيادة اختصاصي جراحة الفم والفكين تحت التخدير الموضعي، ويجرى التخدير في المكان الذي ستثبت فيه الزريعات. ويعتمد استطباب هذا الجهاز على سبب الابتسامة اللثوية.

 البوتوكس:

قد يكون سبب الابتسامة اللثوية عند بعض الأشخاص هو تحرك الشفة العلوية كثيرًا للأعلى عند الابتسام، وهنا يكون استخدام حقنة ذيفان البوتولينيوم أو ما يُعرف بالبوتوكس خيارًا فعالًا.

في دراسة أُجريت عام 2016 على 23 امرأةً تلقت فيها كل واحدة حقنًا من البوتوكس؛ لشل حركة الشفة العلوية ومنعها من الارتفاع للأعلى عند الابتسام، أظهرت نتائج الدراسة بعد أسبوعين أن 99.6% من النساء المشاركات شعرن باختلاف واضح في ابتساماتهن.

بالرغم من أن البوتوكس إجراء أقل تكلفة وأقل شدة من الجراحة فهو يحتاج للتكرار كل 3-4 أشهر بالمتوسط لمنع انتكاس الحالة، وكثير من البوتوكس قد يسبب تشوهًا في شكل الشفة.

 حمض الهيالورونيك:

وهو طريقة أخرى مؤقتة لتصحيح الابتسامة اللثوية الناتجة عن الحركة الزائدة للشفة العلوية نحو الأعلى، وتتضمن هذه الطريقة الحقن بمادة مالئة من حمض الهيالورونيك، وهذه المادة المالئة تقيد حركة الألياف العضلية للشفة ولمدة 8 أشهر.

ومن المهم معرفة المضاعفات الناجمة عن هذا الإجراء على الرغم من ندرة حدوثها، وتتضمن:

  •  تأذي التروية الدموية في منطقة الحقن، وذلك قد يسبب فقدانًا للنسج والعمى والسكتة الدماغية.
  •  حدوث رفض مناعي من قبل الجسم لحمض الهيالورونيك وتشكل عقيدات أو ورم حبيبي.

وهذا الإجراء أقل تكلفة من الجراحة.

اقرأ أيضًا:

هل لأمراض اللثة علاقة بالالتهابات وبأمراض القلب والسرطان؟

لماذا تنزف اللثة؟

ترجمة: زياد جمال

تدقيق: إيناس خير الدين

المصدر