قد نشهد عصرًا جديدًا لعلم الفلك عند إطلاق مرصد جيمس ويب الفضائي في شهر ديسمبر 2021 الجاري، فهذا يبشر ببداية جديدة لدراسة الكون، ويظن المسؤولون من وكالة ناسا وغيرها أنه يمكن لهذا المرصد اكتشاف علامات على وجود أغلفة جوية قادرة على دعم الحياة في كواكب أخرى خارج نظامنا الشمسي.

ولكن كيف ستبدو عملية تقييم هذه الكواكب؟ وكم من الوقت سيستغرق ذلك؟

وفقًا لدراسة حديثة شوركت على خادم ما قبل الطباعة، تبين أن بعض الكواكب يمكن أن تكشف عن علامات على الحياة استنادًا إلى (5 – 10) مرات عبور مشتركة، أي ما يقارب 20 ساعة.

طبعًا، قد لا يحدث ذلك في غضون 20 ساعة متتالية، لكنه سريع جدًا.

هل سيغير مرصد جيمس ويب دراسات الكواكب الخارجية؟

يوجد هنالك طرق عدة؛ لتحديد وتحليل خصائص الكواكب أو العوالم الفضائية خارج نظامنا الشمسي، ومن النادر جدًا أن ترى التلسكوبات الحالية كواكب بعيدة بالطريقة التي نرى بها الكواكب في نظامنا الشمسي، وذلك لأننا ننظر ببساطة إلى انعكاس ضوء الشمس عنها.

ولكن أثبتت طريقة تسمى العبور أنها الأفضل حتى الآن، طريقة العبور هي وسيلة للكشف عن خصائص الكوكب ودراستها عن طريق «الانحناء» في سطوع نجمه المضيف بينما يمر الكوكب بيننا وبينه، مثل كسوف صغير جدًا للشمس.

ولكن عندما يبدأ تشغيل مرصد جيمس ويب الفضائي، فإنه سيغير دراسات الكواكب الخارجية، ما قد يوفر الفرصة الأولى للعلماء على الإطلاق للبحث عن البصمات الحيوية في أجواء الكواكب الفضائية عبر تحليل الانبعاث الطيفي الإشعاعي.

300 مليون كوكب في مجرتنا قد تتمكن من دعم للحياة

من أجل إثبات صحة هذا الادعاء، بدأ الباحثون باستكشاف كيف يمكن لمرصد جيمس ويب العثور على مُركبين كيميائيين يشيران إلى وجود الحياة هما CH4 وC02 (الميثان وثاني أكسيد الكربون).

وذلك على كوكب مرشح واعد يُسمى ترابيست-1 إي، إذ يظن العلماء أن هذا الكوكب لديه ظروف جوية مشابهة للأرض القديمة منذ 2.5 إلى 4 مليارات سنة.

في حين لم تحتوي أي افتراضات في الدراسة على مكونات طبقة السحب أو الضباب لهذا الكوكب الغريب، وجد الباحثون أن مرصد جيمس ويب قد يحتاج فقط إلى (5 – 10) عمليات عبور مشتركة إضافية، وذلك؛ لاستخدام مقياس طيف الأشعة تحت الحمراء القريب (NIRSpec) الخاص بالتلسكوب، بهدف تأكيد الاكتشافات القوية على هذا الكوكب.

لكن هذا لن يحدث إلا إذا كان الغلاف الجوي صافيًا، وكان الضغط الجوي لطبقة السحب والضباب بين 100 و600 ميلي بار (0.1 إلى 0.6 من الضغط الجوي للأرض عند مستوى سطح البحر).

من ناحية أخرى، إذا توفر لدى ترابيست-1 إي ضغط جوي للسحُب والضباب يبلغ نحو 10 ميلي بار (0.01 الغلاف الجوي للأرض)، فقد يستغرق الأمر ما يصل إلى 50 مرة عبور لكوكب ترابيست-1 إي أمام نجمه المضيف والتلسكوب، ما قد يستغرق أكثر من 200 ساعة من المراقبة لجيمس ويب.

بالطبع، قد تمر سنوات عدة قبل أن نعرف على وجه اليقين أن الكوكب الذي يدور حول نجم بعيد له جو داعم للحياة كما نعرفها.

ولكن مع وجود الكثير من الكواكب المرشحة، وربما الملايين في مجرتنا، واستنادًا إلى الظروف المحيطة بالنجوم القزمة الحمراء؛ فإن هذه الكواكب في انتظار الفحص الدقيق باستخدام مرصد جيمس ويب الفضائي، فقد حان الوقت رسميًا لننغمس في الأمل بأن يصل البحث عن الحياة خارج الأرض إلى أمر واعد وحرج، إذ قد تتحول علامة الاستفهام الكبيرة حول وحدتنا في الكون إلى علامة تعجب.

اقرأ أيضًا:

تلسكوب الفضاء جيمس ويب James Webb قد جُمع بالكامل، ويبدو أسطوريًا

كيف سيغير تلسكوب(مقراب) جيمس ويب الفضائي نظرتنا للكون؟

ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: حسين جرود

المصدر