في نوفمبر 2021، أطلقت ناسا صاروخ SpaceX Falcon 9 حاملًا مسبارًا صغيرًا يمكن أن يكشف لها عن كيفية إنقاذ الأرض من الكويكبات الخطرة. ناسا ليست على دراية بوجود أي كويكب متجهٍ إلى الأرض خلال الأعوام المئة القادمة، ولكنها تتنبأ باقتراب صخور فضائية من كوكبنا، وهي على أتم الاستعداد لنفيها بعيدًا.

تستعد مركبة فضاء جديدة لاختبار هذه الخطة في مهمة تسمى “إعادة توجيه الكويكب المزدوج” أو DART، التي تهدف إلى شيء وحيد، وهو الاصطدام بمركز الكويكب البعيد.

انطلق المسبار من على متن صاروخ فالكون 9، وبمجرد إطلاق الصاروخ في الفضاء، ستحتاج المركبة الفضائية إلى ساعتين لبسط ألواحها الشمسية.

إذا تم الأمر بسلاسة، سيتجه المسبار إلى زوج من الكويكبات: أحدهما قمر صغير يسمى ديموفورس الذي بدوره يدور حول كويكب آخر يسمى ديديموس.

ستتجه مهمة DART نحو الكويكب الأول الذي يساوي حجم ملعب كرة قدم تقريبًا. من المقرر أن يصل إلى هدفه الذي يبعد عن الأرض 6.8 مليون ميل في سبتمبر 2022.

قال إد رينولدز مدير مشروع DART في مختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين: «سنصدمه بشدة، ولكن باستخدام مركبة صغيرة جدًا».

وأضاف: «عندما ننظر إلى ما سيتطلبه الأمر لإبعاد كويكب صغير عن الأرض، فسنرى أننا نستطيع أن نفعل أشياءً كبيرة بمركبات صغيرة إذا توفر الوقت الكافي».

يجب أن تكفي هذه الصدمة لدفع ديموفورس بالقرب من ديديموس مسببة دورانه حول الكويكب الأكبر بسرعة تزيد عن سرعته السابقة بعشر دقائق، أي كل 11 ساعة و45 دقيقة بدلًا من 11 ساعة و55 دقيقة.

إذا نجحت مهمة DART، فستثبت أن التكنولوجيا تستطيع تغيير مسارات الكويكبات الخطيرة، وستزود ناسا ببيانات قيّمة حول كيفية تأثير الاصطدام على الكويكب ومدى ضخامة المسبار اللازمة لتغيير هدفه.

صرح تومسا زوروبوشن المدير المساعد في وكالة ناسا في المؤتمر الصحفي قبل الإطلاق: «أتخيل أن لدينا عددًا صغيرًا من الصواريخ الجاهزة للانطلاق في حالة حدوث أي تهديد».

الساعة الأخيرة في مهمة DART ستحسم الأمر

لا تتبع ناسا كل صخرة فضائية مجاورة لمجموعتنا الشمسية. تعرف علماء الفلك على حوالي 40٪؜ من الكويكبات القريبة منا التي يصل عرضها لحوالي 140 متر، وهو حجم يكفي لتسوية مدينة كاملة. الكويكب ديمورفس، الذي يصل عرضه إلى 160 مترًا، هو خير مثالٍ على ذلك.

لن تعرف ناسا شكل ديمورفس قبل أن تلتقطه كاميرات مهمة DART قبل الاصطدام بساعة.

تمت برمجة نظام مركبة فضائية يسمى سمارت ناف SMART NAV ليحسب مركز كويكب ديمورفس فور ظهوره، بعد ذلك يأتي دور نظام الملاحة ليطلق محركات الدفع نحو الهدف، وخلال المرحلة النهائية، سترسل DART صورة للأرض كل ثانية كما تمت برمجتها.

أُعدّت مركبة فضائية إيطالية صغيرة، تسمى LICIACube، لتنطلق من DART نفسها قبل الاصطدام بعشرة أيام لتدور جنبًا إلى جنب مع مسبار ناسا وتسجل الإصطدام.

من المفترض أن تصدم المركبة الفضائية مركز ديمورفوس بسرعة 24140 كم في الساعة (أو 6 كم في الثانية)، وتحويل طاقتها الحركية إلى الكويكب ودفعه بالقرب من ديديموس.

تقدر ناسا أن الاصطدام سيتسبب بانفجار مواد صخرية تتراوح كتلتها بين 9979 و 99790 كجم، وهذا ما قد يمنح الكويكب دفعة أكبر من اصطدام DART نفسها.

تخطط وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاق مهمة هي الأخرى، تسمى هيرا Hera، بغرض فحص ديديموس وديمورفس في عام 2026. بجانب دراسة أثر الاصطدام، ستتفحص هيرا الكويكب ديمورفس، وتقيس كتلته وتفحص الفوهة التي ستتركها مهمة DART هناك.

نجاح الاصطدام بالكويكب مرهون بالوقت الذي تمتلكه ناسا

أخبر الخبراء مجلة إنسايدر Insider بأنه من أجل أن تبدأ ناسا مهمة مثل DART، فإن وكالة الفضاء الأمريكية تحتاج إلى معرفة أن ثمة كويكبًا يتقدم نحو الأرض مسبقًا بحوالي 5 إلى 10 سنوات من أجل إبعاده عن كوكبنا. لأن تصميم المركبة الفضائية وبناءها يتطلب سنوات، ناهيك عن الشهور أو السنوات الأخرى التي تحتاجها المركبة الفضائية للوصول إلى الكويكب.

وأخيرًا، يحتاج المسبار أن يصطدم بالكويكب قبل اندماج مداره مع الأرض بسنة أو سنتين مسبقًا.

الدفعة الصغيرة التي تسببها المركبة الفضائية لن تؤثر على الكويكب في البداية، ولكن مع الوقت تبدأ هذه الدفعة في تغيير مسار الكويكب عن الأرض.

من أجل تحديد الكويكبات الخطرة بمهلة كافية، تقوم ناسا حاليًا ببناء تلسكوب فضائي لإجراء مسح شامل للأجسام القريبة من الأرض من أجل مراقبة الكويكبات الكبيرة التي تدور حول الشمس بالقرب من كوكبنا.

تأمل ناسا أن يتعرف التلسكوب على 90٪؜ من الكويكبات التي يبلغ قطرها 140 مترًا أو أكبر.

صرح ليندلي جونسون، ضابط الدفاع الكوكبي في وكالة ناسا قائلا: «إذا لم نتمكن من التعرف على تلك التهديدات التي تشكل خطرًا على كوكبنا، فلن نستطيع أن نفعل أي شيء حيالها».

اقرأ أيضًا:

ناسا تطلق مركبة لوسي الفضائية في مهمة لدراسة أصل المجموعة الشمسية

ناسا تقترب من حل لغز العثور على الميثان على سطح المريخ

ترجمة: أحمد صفوت

تدقيق: وسام عمارة

المصدر