مجرة صغيرة الحجم، تدعى ليو 1 – Leo I، تحوم حول درب التبانة وتحمل سرًا كبيرًا. استنادًا إلى التحليلات الجديدة، تأكد وجود ثقب أسود هائل وغريب الشكل في مركز المجرة ليو 1 ومقارنةً بكتلة هذه المجرة التي تساوي نحو 20 مليون مرة كتلة الشمس، فإن كتلة هذا الثقب تبلغ نحو 3.3 مليون كتلة شمسية، أي ما يقارب %16 من الكتلة الكلية للمجرة.

النتائج ما تزال مدهشة، على الرغم من وجود غموض حول هذا الاكتشاف، فكتلة هذا الثقب تقارب إلى حد كبير كتلة «الرامي أ -Sagittarius A*» -الثقب الأسود الكبير الموجود في مركز مجرة درب التبانة- كتلته تساوي 4 مليون كتلة شمسية تقريبًا، لكن وفقًا للحسابات الحديثة فإن كتلة درب التبانة تبلغ نحو 1.3 تريليون كتلة شمسية.

مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في نسب الكتل صادم للغاية، فوجود ثقب أسود كبير الحجم في مجرة صغيرة كهذه مفاجئ، لأننا اعتقدنا أننا توصلنا لقواعد موثوقة جدًا حول حساب نسبة الثقب الأسود المركزي إلى مجرته. ولكن إذا بحثنا يمكننا أن نعرف أكثر كيف تنشأ وتكبر المجرات والثقوب السوداء التي في مراكزها.

كتب الباحثون في مقالهم: «كتلة ثقب أسود بهذا الحجم في مجرة ليو 1، تعتبر مهمة من جميع النواحي، وهذا يعتبر أول اكتشاف لثقب أسود في مجرة حلزونية صغيرة الحجم باستخدام الحركيات التحليلية، وكتلته مشابهة للكتلة النجمية الكلية للنظام الشمسي، ومقاربة لكتلة الثقب الأسود الموجود في مركز مجرة درب التبانة».

هناك سرب كبير من المجرات صغيرة الحجم تحوم حول مجرة درب التبانة، وحول المجرات الأخرى أيضًا، بعض هذه المجرات في طور الاصطدام والامتصاص مع المجرات الأخرى، ويعتقد أن هذه الأطوار وسائل مهمة لتضخم حجم المجرات تدريجيًا مع مرور الوقت.

ولكن هذه ليست قاعدة، فبعض المجرات ذات الحجم الصغير لا تنشأ بهذه الطريقة، وبدراستها نستطيع فهم التنوع المجري وكيفية تشكلها.

ومن أحد الاحتمالات على ذلك، مجرة ليو 1 التي تبعد عن الأرض ما يقارب 820000 سنة ضوئية. على عكس معظم توابع مجرة درب التبانة، وُجِدَ أن مجرة ليو 1 لا تحتوي على المادة المظلمة -وهي الرابط الجاذب الذي يحزم الكون- ولا يمكن الكشف عنها بشكل مباشر.

ومع أن قياس المادة المظلمة مباشرة غير ممكن، فإنه يمكن قياسها اعتمادًا على تأثيرها في العناصر التي يمكننا تحديدها، مثل النجوم، إذ تدور النجوم في المجرات التابعة لها أسرع من المعتاد عندما تؤثر فيها المادة المظلمة.

أراد علماء الفلك في جامعة تكساس في مرصد ماكدونالد في أوستن، دراسة ملف مجرة ليو 1 للمادة المظلمة أو الطريقة التي تتغير بها كثافة المادة المظلمة من مركز المجرة إلى خارجها. إذ حصلوا على رصد جديد لمجرة ليو 1 باستخدام تلسكوب هارلين جي سميث، في مرصد ماكدونالد، وأدخلوا هذه البيانات والنماذج المعقدة للمجرات في حاسوب فائق للتحليل، وأظهرت النتائج أن الثقب الأسود الهائل يجب أن يكون في مركز المجرة.

صرح عالم الفلك كارل جيبهاردت من جامعة تكساس في أوستن قائلًا: «النتائج توضح بشكل جيد أن الثقب الأسود يجب أن يكون في المركز ولا حاجة للكثير من المادة المظلمة».

«لدينا مجرة صغيرة جدًا تدور حول درب التبانة، والثقب الأسود الذي بداخلها ضخم، يوازي الثقب الأسود في مركز مجرة درب التبانة، وبكل تأكيد نسب الحجوم هائلة جدًا، إذ إن حجم مجرة درب التبانة هو الأكبر؛ وحجم الثقب الأسود لمجرة ليو 1 قابل للمقارنة تقريبًا».

توضح مقالة الفريق أن القياسات السابقة لسرعات النجوم المدارية في مجرة ليو 1، ذات تحيز تجاه النجوم الأبطأ في المجرة؛ لذلك من الممكن أن الحسابات السابقة لم تدخل ضمنها هذه الكتلة الضخمة. ونظرًا لأن الدراسة الجديدة تدعي عدم وجود أي تحيز، فتمكنت من إيجاد ما لم يجده الآخرون.

مع ذلك النتائج لم تعطِ تقدمًا غير مسبوق.

اكتُشفَت مجرة صغيرة الحجم عام 2014 بكتلة 140 مليون كتلة شمسية، بثقب أسود هائل بحجم 21 مليون كتلة شمسية، أي ما يقارب 15% من الحجم الكلي لكتلة المجرة، لاحقًا في عام 2017 اكتُشفَت أيضًا مجرتان صغيرتان بثقبين أسودين، حجم كل منهما 4.4 مليون كتلة شمسية و5.8 مليون كتلة شمسية على التوالي أي %13 و %18 من حجمي مجرتيهما.

وفقًا لعالمة الفلك في جامعة أوستن، ماريا خوسيه بوستامانتي: «بينما حاليًا لا يوجد تفسير لهذا النوع من الثقب الأسود في المجرات الحلزونية ذات الحجم الصغير، فربما يكون هذا أمرًا شائعًا في الحقيقة».

وهذا يمكنه أن يساعد في شرح لماذا الثقوب السوداء الهائلة بهذا الحجم؟ فعندما تندمج مجرتان معًا، تلقائيًا يندمج الثقبان الأسودان لكل منهما معًا أيضًا، بمعنى آخر المجرات ذات الحجم الصغير يمكنها أن تغذي الثقوب السوداء للمجرات الكبيرة.

قال جيبهارديت: «إن الحجم الكبير للثقب الأسود في مجرة ليو 1، قد يفسر كيف تتضخم الثقوب السوداء في المجرات الكبيرة».

نُشر البحث في مجلة الفيزياء الفلكية.

اقرأ أيضًا:

ثقب أسود جائع قد يكشف أصل عمالقة الفضاء

الحصول على صورة نفاثات بلازمية لثقب أسود فائق الكتلة

ترجمة: رهف ابراهيم

تدقيق: محمد الشعراني

المصدر