لم تغرب شمس القارة القطبية الجنوبية منذ شهر أكتوبر، تشهد تلك القارة حاليًا يومًا صيفيًا طويلًا، يمتد هذا اليوم الصيفي من منتصف أكتوبر الماضي حتى أوائل شهر أبريل القادم. لكن في 4 ديسمبر، اكتسح الظلام الجليد في غرب القارة القطبية الجنوبية، إذ سيمر القمر مباشرةً أمام الشمس، ما سيحجب نورها منتجًا كسوفًا كليًا للشمس. كان مسار هذا الكسوف الشمسي فوق الأراضي الأرجنتينية والبريطانية والتشيلية من القارة القطبية الجنوبية، إضافة إلى الأراضي غير المطالب بها والمعروفة باسم «ماري بيرد لاند» وشهدت المناطق الواقعة على طول هذا المسار ما يقرب من دقيقتين من الظلام في ضوء النهار الذي سيمتد لأشهر.

في الوقت ذاته، شهدت المناطق الجنوبية لكل من أمريكا الجنوبية وأفريقيا وأستراليا ونيوزيلندا كسوفًا شمسيًا جزئيًا. بالنسبة لأمريكا الجنوبية وأفريقيا، كان الكسوف في الصباح الباكر، أما بالنسبة لأستراليا ونيوزيلندا، فقد حدث ذلك مع غروب الشمس.

القمر يحجب الشمس

شهدت مدينة هوبارت أكبر وضوح للكسوف الشمسي هذا من بين جميع مدن أستراليا الأخرى ومع ذلك فالجزء المحجوب من الشمس يُشكل نسبة 11% من مساحتها، بالنسبة لمدينة ملبورن هذه النسبة تكون 2% فقط، بينما في مدينة كانبيرا كانت رؤية هذا الكسوف صعبة، إذ إن الشمس كانت تعبر الأفق بينما يحصل هذا الكسوف الجزئي.

والوضع مشابه في نيوزيلندا، إذ رأى سكان مدينة إنفركاجيل 4% من الشمس محجوبة بالقمر، وتقل هذه النسبة باتجاه الشمال فمثلًا: في مدينة كوينزتاون كان من الصعب رؤية هذا الكسوف الشمسي.

في الواقع، فنحن لا نلحظ الكسوف الشمسي سوى عندما يكون 80% أو أكثر من سطح الشمس محجوب، فعندها فقط سنلاحظ اختلافًا في ضوء النهار.

نجم ساطع، نجم لامع

يُعد الكسوف الشمسي حدثًا فلكيًا يحتاج عناية خاصة لمراقبته، والأهم من ذلك، أنه لا يجب النظر أبدًا إلى الشمس مباشرةً حتى عندما تكون منخفضة في الأفق.

يجب التأكد من حماية العينين باستخدام النظارات المصممة خصيصًا لمشاهدة الكسوف، إذ تسمح النظارات أيضًا برؤية أي بقع شمسية قد تكون نشطة.

تنتقل الشمس حاليًا من مرحلة هادئة إلى مرحلة نشطة، وذلك جزء من دورة تتكرر كل 11 عامًا.

الكسوف الكلي نادر

يعد الكسوف الشمسي الكلي ك نادرًا نسبيًا؛ لأن مدار القمر مائل بمقدار 5 درجات بالنسبة إلى مدار الأرض حول الشمس، لذا فهما لا يتحركان تمامًا في نفس المستوى.

ومع ذلك، كل ستة أشهر تقريبًا تستوي المدارات منتجةً زوجًا من الخسوف والكسوف، خسوف للقمر عند اكتمال القمر يليه كسوف للشمس عند القمر الجديد (كما نشهد الآن)، أو العكس.

يُلاحظ الخسوف القمري من عدد أكبر من الأشخاص؛ لأن جميع الناس في الجانب الليلي من الأرض سيشاهدون خسوف القمر في أثناء حدوثه.

يحدث الكسوف الشمسي في كثير من الأحيان، لكن لا يلاحظه الكثير من الناس؛ لأن الظل الناتج عن مرور القمر أمام الشمس يغطي جزءًا صغيرًا جدًا من الأرض.

فضلًا عن ذلك، فمن الصعب ملاحظة كسوف الشمس الجزئي وهو أمر غير مهم مقارنةً بالكسوف الكلي. رغم أن الكسوف الكلي للشمس يحدث تقريبًا كل 18 شهرًا، إلا أن القدرة على رؤيته ما تزال أمرًا نادر الحدوث.

يبلغ عرض ظل القمر خلال عبوره الأرض 100-260 كيلومترًا فقط، ويجب أن تكون موجودًا ضمن هذا المسار الضيق لرؤية الكسوف الكلي للشمس.

هذا هو السبب في أن هواة مشاهدة الكسوف يسافرون حول العالم؛ ليكونوا في المكان المناسب في الوقت المناسب.

ولكن عندما يحدث الكسوف الكلي في مكان بعيد مثل القارة القطبية الجنوبية، فستكون طيور البطريق هي الوحيدة التي ستشاهد هذا الكسوف.

سيحدث الكسوف الكلي التالي للشمس المرئي من أستراليا في أبريل 2023، متمركزًا بالقرب من مدينة إكسماوث في غرب أستراليا.

العديد من الأستراليين والنيوزيلنديين سيشاهدون كسوفًا كليًا جديدًا للشمس يوم 22 يوليو 2028، وسيمتد الكسوف عبر أستراليا من قمة غرب أستراليا حتى نيو ساوث ويلز، مرورًا بمدينة سيدني مباشرة، إضافة إلى الجزيرة الجنوبية لنيوزيلندا، مرورًا بـ كوينزتاون ودونيدين.

اقرأ أيضًا:

ما الانقلاب الشمسي ؟

القطب الجنوبي: حقائق ومعلومات مثيرة

ترجمة: أحمد العبدالرجب

تدقيق: تسبيح علي

المصدر