يعج الإنترنت في أيامنا هذه بطرائق وحيل سحرية وسريعة لخسارة الوزن، وإحداها هي تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة؛ إذ يقترح هذا الادعاء -مثلًا- أنه عند تناول نبات الكرفس، نحرق كمية من السعرات الحرارية أكثر مما نحصل عليه!.

هل هذا الادعاء صحيح؟ وهل فعلًا يمكن لهذه الأطعمة أن تساعد على خسارة الوزن؟ للبحث عن إجابة، سألنا ثلاثة خبراء في التغذية والفيزيولوجيا السؤال الآتي: هل هناك أطعمة ذات سعرات حرارية سالبة؟ وإليكم ما وجدنا:

ما السعرات الحرارية وإلامَ تشير؟

يقول خبير التغذية والفيزيولوجيا من جامعة دي مونتفورت في المملكة المتحدة لويس دانفورد: «تعد السعرة الحرارية واحدة الطاقة، ويعبر عنها بواحدة الكيلو كالوري (Kcal)، وتشير إلى كمية الطاقة المخزنة داخل الطعام«.

تحوي أغلب أغلفة وعلب الأطعمة والمشروبات على جداول توضح كمية السعرات الحرارية للمنتج الموجود داخلها، ونحصل على السعرات الحرارية من طريق الأكل أو الشرب، ونستخدمها لنحصل على الطاقة.

ويضيف دانفورد: «تتوزع احتياجاتنا من الطاقة إلى ثلاثة أقسام، وهي:

  •  الطاقة اللازمة للحفاظ على الجسد في أثناء الراحة؛ وهي الطاقة التي يحتاج إليها الجسم للقيام بعملياته الحيوية الطبيعية.
  •  التأثير الحراري للطعام؛ وهو زيادة معدل عمليات الأيض بعد تناول الطعام خلال عملية هضم الطعام وامتصاصه.
  •  الطاقة الإضافية التي يحتاج إليها الجسم للقيام بالأنشطة والتمارين».

ما الأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة؟

يقول دانفورد: «تقترح النظرية القائلة بوجود أطعمة ذات سعرات حرارية سالبة أن هنالك أطعمة معينة تحوي كمية سعرات حرارية أقل من كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم لهضمها وامتصاصها».

«نظريًا يبدو الأمر معقولًا، ولكن عمليًا حتى هذه الأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة -مثل نبات الكرفس- تحوي كمية سعرات حرارية أكثر من تلك التي يستهلكها الجسم ويحرقها في أثناء هضمها وامتصاصها».

ومن تلك الأطعمة المشار إليها أيضًا بأنها ذات سعرات سالبة: الكرفس، والكريب فروت، والطماطم، والخيار، والبروكلي، والخس، والجزر.

ما الدليل على وجود الأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة؟

يقول خبيران من الخبراء الثلاثة إنه ليس هنالك دليل على وجود هذا النوع من الأطعمة.

إذ يقول تيم كروي خبير التغذية في موقع Thinking Nutrition:

«حتى قطعة واحدة صغيرة من نبات الكرفس -التي يشكل الماء 95% من مكوناتها- تحوي 65 كيلو جول من الكربوهيدرات.

على الرغم من وجود التأثير الحراري للطعام -وهو كمية الطاقة التي يصرفها الجسم في أثناء هضم الطعام- فإن هذه الطاقة لا تساوي سوى 10% فقط من كمية الطاقة الموجودة في الطعام، لذلك فإن حتى قطعة نبات الكرفس الصغيرة يمكنها أن تضيف عدد من السعرات الحرارية لنظامنا الغذائي، ورغم أنها كمية قليلة، فإنها قطعًا ليست سالبة».

يعد الماء البارد ذو سعرات حرارية سالبة مع أنه ليس طعامًا. يقول كورنيلي نينابر روسو خبير التغذية من جامعة الشمال الغربي في جنوب أفريقيا: «لا يحوي الماء طاقة، وعندما نشرب ماءً درجة حرارته أقل من درجة حرارة الجسم، سينفق الجسم قدرًا من الطاقة لموازنة درجة حرارة الجسم الداخلية، وهذا ما يسمى تأثير التوليد الحراري بفعل الماء».

تحرت دراسات عدة عن مدى فاعلية هذا التأثير في عملية خسارة الوزن، ولكن أغلبها وجدت أن حرق أو صرف الجسم للطاقة بعد شرب الماء البارد يكاد يكون معدومًا.

يشار للعلكة أيضًا بأنها من ذوات السعرات الحرارية السالبة رغم أنها ليست طعامًا، ويكون تأثيرها أيضًا أصغريًا، يقول نينابر روسو: «تحرق عملية مضغ الطعام فقط 11 كيلو كالوري؛ أي نحو 46.2 كيلو جول في الساعة، وبالكاد يمكن عدها جهدًا فعليًا؛ لأن قطعة العلك الواحدة تحوي 10 سعرات حرارية 42 كيلو جول، ويستغرق مضغها مدة ساعة أو أكثر لنحرق هذه السعرات».

هل للأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة أية فوائد؟

إذا كانت نباتات الكرفس والخيار والكريب فروت لا تساعد على خسارة الوزن، فلماذا هي دائمًا موجودة في الأنظمة الغذائية الفعالة لخسارة الوزن؟ يضيف نينابر روسو: «لا تعد الأنظمة الغذائية المعتمدة على ما يسمى بالأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة فعالة، لأنها تسبب عجزًا في الطاقة لوحدها، وإنما تعد فعالة بسبب كونها تسكت الجوع من طريق ملء المعدة بطعام لا يحوي كمية طاقة كبيرة إلى جانب التمارين الرياضية، الأمر الذي يؤدي إلى حرق كمية من الطاقة أكبر من الكمية المتناولة، وهذا ما يخلق عجزًا إجماليًا في الطاقة، ومن ثم خسارة الوزن».

ويعلق الخبير كروي: «عندما تكون المعدة مليئة بالكرفس لن يجد البرغر مكانًا له، وهكذا يمكن للكرفس والخس والبروكلي المساعدة على خسارة الوزن». في حين يقول دان فورد: «ولكن ليس مهمًا فقط أن نضيف هذه الأطعمة إلى نظامنا الغذائي، بل الأهم من ذلك أن نستبدل الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بها، فالبرغر مع السلطة يحويان سعرات حرارية أكثر من البرغر وحده».

واللافت أن فعل ذلك يكون صعبًا من الناحية النفسية، وحسب نينابر روسو: «تشير الدراسات إلى أن الناس يقللون من أهمية المحتوى الطاقي للوجبات عندما تحضر أطعمة قليلة السعرات الحرارية بجانبها كالسلطات، وهذه الظاهرة تسمى: وهم السعرات الحرارية السالبة».

ويلخص دانفورد قائلًا: «لسوء الحظ، الأطعمة ذات السعرات الحرارية السالبة هي بدعة، وليست هناك طريقة سهلة لخسارة الوزن والحفاظ عليه على المدى الطويل».

إن استبدال أصناف الطعام والشراب التي نتناولها بأخرى صحية دائمًا، يزيد قابليتنا لخسارة وزن طويلة الأمد، ويعد أفضل من اتباع نظام غذائي قصير الأمد وحده.

اقرأ أيضًا:

كم يحرق المشي من السعرات الحرارية وما تأثير الوزن والطول؟

كم تحرق ممارسة الجنس من السعرات الحرارية، وكيف يمكن تحسين ذلك؟

ترجمة: زياد جمال

تدقيق: إيناس خير الدين

مراجعة: حسين جرود

المصدر