يزعم فريق من العلماء أنهم تمكنوا من تحقيق التشابك الكمي بين بت كمّي -كيوبت- فائق التوصيل والحيوان المعروف باسم «دب الماء» أو «بطيء الخطو» (tardigrade)، ومن ثم الانتقال بعالم الكم المجمد الدقيق المتحكم به جيدًا إلى نظام حيوي ساخن ورطب.

ومع ذلك، فإن النتائج الموضحة في هذا المقال ليست مؤكدة، ويناقش العديد من الباحثين فكرة أن حيوانات دب الماء لم تكن متشابكة بالمعنى المفهوم.

كتب دوجلاس ناتلسون، أستاذ الفيزياء بجامعة رايس: «لا أعرف مدى جدية المؤلفين في هذا الأمر، فقد تكون مجرد مزحة. لكن تجدر الإشارة إلى أن العلماء لم يحققوا تشابكًا بين دب الماء وكيوبت بطريقة هادفة، فهذه ليست بيولوجيا كمومية».

يحدث التشابك الكمي عندما يرتبط جسيمان أو أكثر بطريقة تجعل الصفات الأساسية التي تتشاركها -مثل المكان أو الزخم أو الاستقطاب- مترابطة.

لنأخذ مثالًا بسيطًا بعيدًا عن عالم الكم: إذا وجدت قفازًا أيمن في جيبك، فستستنتج منطقيًا أن القفاز الآخر يناسب يدك اليسرى حتمًا، إذن فإن معرفتك بأحد زوجي القفاز يخبرك معلومة مؤكدة عن الزوج الآخر، وهذه المعلومات ليست عشوائية.

يحدث التشابك الكمي أساسًا في الأنظمة الكمومية بطبيعتها بعد تصادم الجسيمات، أو تفاعلها. ومع أن ألبرت أينشتاين لم يكن مقتنعًا بهذه الفرضية، فقد بيّن الفيزيائيون لاحقًا أن توليد التشابك ليس بالأمر العسير.

نجح العلماء في تحقيق التشابك الكمي بين أجسام كبيرة الحجم نسبيًا. إذ حققوا تشابك الأيونات الجزيئية، والجسيمات النانوية الأكبر، وقطع الألماس الدقيقة.

هذه الأنظمة صغيرة للغاية، وغالبًا ما تكون شديدة البرودة ومنظمة جيدًا، لذا يسهل حدوث التشابك الكمي بينها، أما حيوانات دب الماء، حتى في حالتها المجمدة المنيعة، فهي مجموعة كبيرة نسبيًا من الجزيئات البيولوجية المجمدة والفوضوية.

وفقًا للنسخة الأولية من البحث، استخدم الباحثون نوعًا من دب الماء يُسمى (Ramazzottius varieornatus)، ووضعوه في حالة سبات جافة. ثم بردوه حتى 10 مللي كلفن فوق الصفر المطلق، ووضعوه تحت ضغط منخفض للغاية، نحو 0.000006 مللي بار فقط.

بعد ذلك ، أجرى الفريق مجموعة من التجارب إذ حاولوا إنجاز التشابك الكمي بين حيوانات دب الماء واثنين من الكيوبتات فائقة التوصيل، ولاحظوا الاقتران بينها.

بعد نحو 420 ساعة من التجارب، سخّن الباحثون حيوانات دب الماء، وعادت للحركة طبيعيًا.

لكن رغم العناوين المثيرة، يشير عدد من المتخصصين إلى أن هذا ليس تشابكًا كميًّا حقيقيًا، أو أنه على الأقل لا يمثل سابقةً في عالم الكم.

كتب الفيزيائي بن بروباكر: «إن الكيوبتات هي دارات كهربائية، ووضع دب الماء بجانبها يؤثر فيها عبر قوانين الكهرومغناطيسية المعروفة منذ 150 عامًا. وضع ذرة من الغبار بجوار كيوبت سيكون له تأثير مماثل».

إذن فهو ليس تشابكًا لدب الماء بالمعنى الكمي للكلمة. في الواقع، إذا سألت أي متخصص عن رأيه في التجربة، فسيجيب بأن ذلك إما تفاعل كلاسيكي -غير كمي- بين كيوبت ودب الماء، وإما أنه ليس تفاعلًا أصلًا، وأن الباحثين فقط وضعوا حيوان دب الماء شديد البرودة منخفض الضغط قرب كيوبت.

تبيّن الدراسة رقمًا قياسيًا جديدًا للظروف التي يستطيع هذا الكائن العجيب تحملها، وربما كان ذلك الأمر الأكثر إثارة للاهتمام في الدراسة. بخلاف ذلك، تنتظر النتائج مراجعة الأقران للتحقق من صحة هذه الادعاءات. لكن حتى الآن، ليس لدينا دليل كاف على تحقيق تشابك كمي لكائن حي للمرة الأولى.

اقرأ أيضًا:

تسجيل التشابك الكمي على مقاييس تعتبر كبيرة نسبيًا

طريقة جديدة للحوسبة الكمومية أكثر كفاءة بنسبة 2500%

ثورة في عالم المجهر الكمومي

ترجمة: آدم العابد

تدقيق: يمنى عيسى

المصدر