تنبّأ أينشتاين في نظريته عن النسبية العامة بشيءٍ يسمى تمدد الوقت، ما يعني أن ساعتين تحت قوّتي جاذبية مختلفتين ستعملان دائمًا بسرعات مختلفة. ولُوحظ هذا التأثير في العديد من التجارب منذ ذلك الحين، وسجله العلماء مؤخرًا بوساطة الساعات الذرية، على أصغر نطاق رُصد حتى الآن.

وتوصّلوا إلى هذه النتيجة باستخدام الساعات الذرية فائقة الدقة، وتفصل بينها مسافة مليمترية 0.04 إنش (بعرض طرف قلم رصاصٍ حاد تقريبًا)، وأعطى مجموع 90 ساعة من البيانات للفريق قراءةً كانت أدق 50 مرة من أي قياسٍ سابقٍ مماثل.

وطبعًا كلما كان المقياس أصغر وأكثر دقة، زاد اعتمادنا على ميكانيكا الكم لشرح ما يجري. ويأمل الباحثون أن تعطي قراءاتهم الجديدة طريقةً لمعرفة المزيد حول كيفية تأثير انحناء الزمكان -الذي نختبره بوصفه جاذبية- في خصائص الجسيمات وفقًا لفيزياء الكم.

ويقول الفيزيائي جون يي من جامعة كولورادو بولدر: «النتيجة الأكثر أهمية وإثارة هي أنه يمكننا ربط فيزياء الكم بالجاذبية، مثلًا، فحص الفيزياء المعقدة عندما تتوزع الجسيمات في مواقع مختلفة في الزمكان المنحني».

واستخدم الباحثون في هذه التجربة ما يُعرف بالشبكة الضوئية، وهي شبكة من ضوء الليزر تُستخدم لحبس الذرات في مكانها حتى يمكن ملاحظتها. وتُستخدم هذه التقنية في أحدث جيل من الساعات الذرية، وتوفر مزيدًا من الدقة في ضبط الوقت من طريق موجات الليزر الضوئية، ويمكن استخدام هذه المشابك في عمليات المحاكاة الكمية.

وأُخذت قراءتا الساعات الذرية من سحابة الذرات نفسها، في حالة طاقة شديدة التحكم.

في الواقع، تَعلق الذرات بين مستويين من الطاقة في تزامن مثالي مدة 37 ثانية، وهو رقم قياسي من حيث التماسك الكمي؛ أي الحفاظ على استقرار الحالات الكمية، وهذا الاستقرار ضروري لهذه القياسات، ما مكن العلماء من أخذ قراءاتهم في نقطتين منفصلتين، وقياس الانزياح الأحمر عبر السحابة لنحو 100000 ذرة من السترونشيوم شديد البرودة. ويُظهر الانزياح الأحمر التغير في تواتر إشعاع الذرات على طول الطيف الكهرومغناطيسي، أو بعبارة أخرى، مدى سرعة دقات الساعات الذرية.

في حين كان الاختلاف في الانزياحات الحمراء عبر هذه المسافة الضئيلة 0.0000000000000000001 أو نحو ذلك، وهذا يتماشى مع التنبؤات التي قدمتها النسبية العامة.

يمكن أن تُحدث هذه الاختلافات فرقًا عندما تُقاس على نطاق الكون بأكمله، أو حتى عندما تتعامل مع أنظمة يجب أن تكون فائقة الدقة، مثل نظام تحديد المواقع العالمي GPS.

يقول يي: «هذا أمرٌ جديدٌ تمامًا، نظامٌ جديد يمكن من طريقه استكشاف ميكانيك الكم في الزمكان المنحني».

إذا تمكنا من قياس الانزياح الأحمر سيكون أفضل 10 مرات من ذلك، ونكون قادرين على رؤية موجات المادة للذرات كاملةً عبر انحناء الزمكان. يمكن للقدرة على قياس فرق الوقت على هذا النطاق الدقيق أن تمكننا من اكتشاف أن الجاذبية تعطل التماسك الكمي مثلًا، الذي يمكن أن يكون السبب الأساسي لكون عالمنا الكبير كلاسيكيًا.

وما يجعل بحث تمدد الوقت هذا مثيرًا جدًا، هو أنه يقودنا نحو ساعاتٍ ذريةٍ أكثر دقّةٍ في المستقبل، ما يمنح العلماء مخططًا يمكن صقله لأخذ قياساتٍ على مقاييس أصغر وأصغر.

قطعت الساعات الذرية شوطًا طويلًا في العقود القليلة الماضية، ويوجد المزيد في المستقبل.

اقرأ أيضًا:

هل سنجد رابطًا بين ميكانيكا الكم والنسبية العامة يومًا ما؟

نظرية النسبية العامة في اختبار جديد

ترجمة: حلا بوبو

تدقيق: آلاء رضا

مراجعة: حسين جرود

المصدر