تمر المجتمعات بفترة تحوُّل تكنولوجي كبير، إذ يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر؛ هذا التحول الذي جرى تبنيه في العديد من المجالات، مثل: البيع بالتجزئة، أو السفر، أو الإقامة والتنقل، وصولًا إلى الخدمات القانونية والطبية.

من المتوقع أن يستمر هذا التحول في ظل ارتفاع قدرات وإمكانيات المعالجة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، إضافةً إلى التكلفة العالية للعمالة البشرية، ولكن هل سألنا أنفسنا: ما هي الآثار المترتبة على هذا التحول من استجابة العملاء ورضاهم؟

هل يمكن أن نتسامح مع وكيل الذكاء الاصطناعي -مقارنةً بالوكيل البشري- عندما لا يلبي طلباتنا؟ وهل سنقدم له الشكر والتقدير عندما يساعدنا؟

أجرى باحثون من جامعة كنتاكي وجامعة إلينوي شيكاغو وجامعة سيدني للتكنولوجيا دراسة لفحص هذه الأسئلة السابقة. هذه الدراسة -التي ستُنشر في مجلة التسويق- بعنوان: «أخبار سيئة!، استخدم وكيل ذكاء اصطناعي. أخبار جيدة!، استخدم بشريًا»، وكتب هذه الدراسة كل من آرون غارفي وتايوو كيم وآدم دوهاتشيك.

يجب أولًا أن نسأل أنفسنا هل نتعامل بنحو أكثر مرونة مع وكيل الذكاء الاصطناعي، مقارنةً بالتعامل مع الإنسان؟، وهل نقبل من وكيل الذكاء الاصطناعي ما لا نقبله من البشر؟

قال غارفي أستاذ التسويق في كلية غاتون للأعمال والاقتصاد: «الذكاء الاصطناعي ينتشر في كل مكان، ومع مرور الوقت سيحل محل المزيد من البشر، ما قد يجعل المستهلك عرضة للاستغلال نتيجة هذا التسامح مع وكيل الذكاء الاصطناعي، وهل يمكننا المضي بذلك والتعامل مع هذا أخلاقيًا؟».

ووفقًا للدراسة السابقة، عندما يكون المنتج أو الخدمة أسوأ، من المتوقع أن يستجيب المستهلكون بنحو أفضل مع وكيل الذكاء الاصطناعي، بينما عندما يكون المنتج أو الخدمة أفضل، يستجيب المستهلكون بنحو أفضل تجاه الوكيل البشري.

قال غارفي: «يحدث ذلك لأن وكلاء الذكاء الاصطناعي يُنظر إليهم على أنهم لا يضمرون أي نوايا شخصية عند اتخاذ القرارات، ونظرًا إلى أن وكيل الذكاء الاصطناعي هو آلة غير بشرية، فلا يعتقد المستهلكون أن سلوكه مدفوع بالأنانية أو اللطف».

بتعبير آخر يعتقد المستهلكون أن وكلاء الذكاء الاصطناعي لا يملكون نوايا أنانية -التي تستلزم العقاب- عندما يقدمون خدمة سيئة، وبالمقابل كذلك فهم لا يملكون أي نوايا حسنة -التي تستلزم المكافأة- عندما يقدمون خدمة جيدة.

ومع ذلك، فإن تصميم وكيل الذكاء الاصطناعي على هيئة إنسانية يمكن أن يؤثر في استجابة المستهلك. مثلًا: روبوت الخدمة الذي يملك بنية الجسم البشري نفسها وملامح الوجه نفسها يثير استجابات أفضل لدى المستهلكين. قال غارفي: «يحدث هذا لأن المستهلكين يعتقدون أن وكلاء الذكاء الاصطناعي التي تشبه الشكل البشري قد تمتلك نوايا أقوى».

ماذا تعني هذه النتائج بالنسبة لمديري التسويق؟

«بالنسبة للمسوق الذي يريد إيصال أخبار سيئة إلى أحد العملاء، فإن وكيل الذكاء الاصطناعي سيكون أفضل في ذلك، وستكون استجابة العميل أفضل، ويمكن أن نلاحظ ذلك في حالة ارتفاع الأسعار إلى حد كبير، وحالات الإلغاء والتأخير، والتقييمات السلبية، والتغييرات وحالات عيوب المنتج، ورفض التعامل، وسوء الخدمة، ونفاد المخزون من المنتج».

وأوضح كيم: «ومع ذلك، فإن أفضل ما يقدمه الإنسان هو الأخبار الجيدة، التي قد تعطي نتائج إيجابية، مثل: عمليات التسليم السريعة، والحسومات، والترقيات، والخدمات الإضافية، والعروض الحصرية، والمكافآت، والعروض الترويجية».

وبالنسبة للمستهلكين، هذه النتائج تكشف عن التعامل بنحو منحاز إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي، لاسيّما بالنسبة للعروض التي تكون أقل من مستوى التوقعات.

قال دوهاتشيك: «نأمل أن تؤدي توعية المستهلكين بهذه الظاهرة إلى تحسين قراراتهم عند التعامل مع وكلاء الذكاء الاصطناعي، ولا بد من توفير تقنيات جديدة لمديري التسويق، مثل جعل وكلاء الذكاء الاصطناعي أكثر شبهًا بالبشر -ما أمكن ذلك- لحل هذه المشكلة».

اقرأ أيضًا:

هل يمكن للبشر التفاعل مع الروبوتات وتعليمها المهارات الاجتماعية؟

تقنية جديدة تمنح الحواسيب الكمومية القدرة على إصلاح الأخطاء بنفسها

ترجمة: أحمد عضيم

تدقيق: محمد سمير

مراجعة: حسين جرود

المصدر