طريقة جديدة للتقليل من استهلاك السعرات الحرارية


إذا كنت ممّن يريدون اتّباع حمية غذائية قليلة السعرات والاقتصار على الطعام الصحيّ، فربما يتوجب عليك البدء بمحاولة تجنب الاندفاع في شراء الطعام عن طريق التقيّد بطلب وجبتك ساعة على الأقل قبل تناولها.

فقد أظهرت أبحاثٌ جديدةٌ أجراها باحثون بكلية الطب بجامعتي بنسلفانيا وكارنجي أنّ الناس يميلون عادةً إلى اختيار الوجباتِ العالية السعرات في حالة ما إذا كانوا سيتناولون الطعام مباشرة بعد طلبه، بينما يختارون وجباتٍ منخفضة السعرات إذا تمّ طلبها قبل حوالي ساعة من تناولها. ونُشرت هذه النتائج، التي ربما سيكون لها دور في الحد من ظاهرة السمنة، في مجلة (the Journal of Marketing Research).

يُخبرنا الدكتور أيريك إم (Eric M. VanEpps) المكلف بالأبحاث في مركز بنسلفانيا للمحفزات الصحية والاقتصاد السلوكي، أنّ النتائج أظهرت أنّ الشخص سيقوم بطلب وجبات ذات سعرات حرارية أكبر إذا قام بعملية الشراء بعد أن يتمكن منه الجوع، في حين أن طلب الطعام مسبقًا سيقلل من احتمالية الاندفاع في اختيار وجبات مرتفعة السعرات.

وأضاف: «سيكون من المفيد جدًّا على المستوى الصحي لو أتاحت كل من المطاعم وموردي الطعام خيار طلب الوجبات قبل وقت كافٍ من تقديمها».

قام الباحثون في هذا الصدد بإجراء دراستين ميدانيتين تناولتا مراقبة طلبيات وجبات الغذاء من مقهى الشركة عن طريق الإنترنيت ل 690 مستخدم. بالإضافة إلى دراسة ثالثة شملت 195 طالبًا جامعيًّا يقومون باختيار وجبات محددة في المقصف. لاحظ الباحثون أنّ الوجبات الّتي تمّ تناولها مباشرة بعد طلبها حَوَت سعراتٍ حراريةً أكبر.

قامت الدراسة الأولى بتحليل بيانات أكثر من 1000 طلب وجبة تمّ في الفترة بعد الساعة السابعة صباحًا بينما تم تناولها بين الحادية عشر ظهرًا والثانية بعد الظهر. أما الدراسة الثانية فقد تمت بنظام العينات العشوائية لطلبيات الطعام قبل العاشرة صباحًا أو بعد الحادية عشر صباحًا. في حين أن الدراسة الثالثة تمت بنظام العينات العشوائية لطلبيات الطلبة الجامعيين التي تمت قبل أو بعد الحصص الدراسية، والتي تم استهلاكها مباشرة بعد الحصص.

أظهرت الدراسة الأولى، أنه لكل ساعة تأخير بين طلب الطعام وتناوله (بمتوسط تأخير 105 دقيقة)، انخفضت نسبة السعرات الحرارية بما يقارب 38 سعرة حرارية في الوجبة المطلوبة.

في الدراسة الثانية، وجد الباحثون أنه عند طلب الطعام مبكرًا، (متوسط تأخير حوالي 168 دقيقة)، انخفضت السعرات الحرارية بمعدل 30 سعرة حرارية مقارنة بالذين طلبوا الطعام مباشرةً قبل وقت الغداء (متوسط تأخير حوالي 42 دقيقة بين طلب الطعام وتناوله).

أمّا الدراسة الثالثة فقد أظهرت أنّ السعرات الحرارية انخفضت بشكل ملحوظ في وجبات الطلبة الذين طلبوا الطعام مبكرًا (متوسط 890 سعرة حرارية) مقارنة بأولئك الذين طلبوا الطعام قبل موعد الغذاء مباشرة (متوسط 999 سعر حرارية).

في الدراسات الثلاث، انخفضت السعرات الحرارية على المستوى العام دون الأخذ بالاعتبار لأيّ ميزة من ميزات المجموعات قيد الدراسة (العرق، الجنس،…إلخ). كما لم يكن هناك تأثير ملحوظ لعدم تناول وجبة الإفطار على كمية السعرات الحرارية الكلية حتى بعد تأخير تناول الطعام، ولم يظهر أي فرق على مستوى الإحساس بالشبع لدى الذين تناولوا الوجبات المطلوبة مبكرًا وأولئك الذين طلبوها مباشرة قبل تناولها.

يقول جورج سيمون عالم الاقتصاد والطب النفسي بجامعة كرينج ميلون، والكاتب المساعد لهذه الدراسة: «هذه النتائج تؤيد الفكرة القائلة بأنّ القرارات المتخذة تحت الضغوط تختلف عن القرارات المتخذة بشكل مسبق من حيث الحكمة وسعة الأفق».

للأسف، فإنّ القرارات المتخذة مسبقًا قبل الالتزام بأداء أيّ عمل تكون أكثر نجاعة عندما يتعلق الأمر بمجال التغذية أكثر من المجالات الأخرى. على سبيل المثال، عادةً ما يفشل الأشخاص الذين يقرّرون ممارسة الجنس الآمن في التقيد به عندما تُعرض عليهم ممارسة الجنس بصورة مفاجئة، كما أنّ الاشخاص الذين يظنون أنّه من غير اللائق الانفعال عند التعرض لازدحام أوقات الذروة، عادة ما يقعون أنفسهم فريسة الانفعال في مثل هذه المواقف.

بناءً على نتائج دراسات أخرى، يُعرب العالم أيريك إم عن قلقه من إمكانية تعويض السعرات التي تم خفضها لاحقًا من طرف الأشخاص موضوع الدراسة، وذلك خلال وجبة العشاء أو بتناول وجبات خفيفة عالية السعرات الحرارية، على الرغم من ضعف ما يدل على أنّ الخاضعين لهذه الدراسات قد علموا أنّ الغداء المطلوب مبكرًا قليل السعرات.

وبالتالي، يقترح الباحثون القيام ببناء الأبحاث المستقبلية على دراسات موسعة قادرة على تحليل قرارات تناول الطعام على المدى الطويل والتي ستكون مفيدة في هذا المجال.

كما تجدر الإشارة إلى أنّ الشركتين اللتين جرت بهما الدراسة قدمتا خصمًا على أثمنة الوجبات بينما وفّرت الجامعة محلّ الدراسة طعامًا مجانيًّا للطلبة، وبالتالي فإنّ الأبحاث المستقبلية يجب أن تبحث معطيات المواقف عندما يدفع المشاركون المبلغ كاملًا لقاء وجباتهم لتكون النتائج أكثر واقعية.


إعداد: رحمة قريش
تدقيق: بدر الفراك
المصدر