تقنية جديدة هكذا سنقوم بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى طاقة كهربائية


في حين أنَّهُ لا مجالَ أمامَ العرق البشريّ سوَى أن يترك «بصمتهُ الكربونيَّة» على الأرض، يجبُ أن نواصل دائمًا عمليَّة البحث عن حلول من أجل تقليصِ آثار استهلاكنا للوقودِ الأحفوريّ.

تقنيَّاتُ «احتجاز الكربون» (أي: مُحاصرة الكربون كيميائيًّا قبل رحيلهِ نحو الغلاف الجويّ) هو حلٌّ من الحلول. في دراسة حديثة، قام باحثون من جامعة كورنيل بطرحِ طريقة جديدة من أجل احتجاز غازات الاحتباس الحراري وتحويلها بعد ذلك إلى منتوج مُفيد، مع إنتاجِ طاقة كهربائيَّة.

قام ليندن آرشر بروفيسور في الهندسة، وطالب الدكتوراه وجدي السَّادات بتطوير خلايا طاقويَّة من الألمنيوم/ثاني أكسيد الكربون بدعمٍ من الأُكسجين، وبإمكان هذه الخلايا استخدام التفاعلات الكهروكيميائية من أجل عزل ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الكهرباء.

اقترح الفريق استعمال الخليَّة للألمنيوم كمِصعَد (أنود) والتيارات الممزوجة من ثاني أكسيد الكربون والأكسجين كمكوّنات نشِطَة للمِهبَط (كاثود). سيعمَلُ التفاعل الكهروكيميائيّ بين المصعد والمهبط على عزل ثاني أكسيد الكربون إلى مركَّبات غنيَّة بالكربون مع إنتاج الكهرباء في نفس الوقت وأكسالات قيَّمة كمُنتوجٍ ثانويّ.

في معظم النماذج الحاليَّة لاحتجازِ الكربون، يُحتجز الكربون في الموادِ السَّائلة أو الصلبة فقط، والتِّي تُسخّن ويُزال عنها الضَّغط من أجل إطلاقِ ثاني أكسيد الكربون. يُضغط الغاز المُركَّز ويُنقل إلى المصانع التي تقوم بإعادة استعمالهِ، أو يُعزل تحت الأرض. يقول آرشر: «تشكُّل نتائجُ هذه الدَّراسة نقلة نوعيَّة في هذا المجال».

ويضيف آرشر: «تقوم حقيقة تصميمنَا لتقنيَّة احتجاز الكربون على خلق الكهرباء أيضًا، هو أمر مهمٌّ بحدِّ ذاته» كما يقول: «من الحواجز التي تمنع من تبنِّي النظام الحاليّ لتقنيَّة احتجاز الكربون عند الحديث عن إنتاج الطَّاقة الكهربائيَّة، هو أنَّ الطاقة المُستعملة في عمليَّة تكرير السوائل عند احتجاز الكربون تصلُ إلى غاية 25% من مجموع الطَّاقة المُتحصَّلِ عليها. وهذا يحدُّ من كفاءتها التجاريَّة بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يُنقل الكربون المُحتجز إلى أماكن يُعزَلُ فيها أو ليُعاد استخدامه، وهذا يتطلَّبُ منشأة جديدة».

وقد قال فريق البحث أنَّ خليَّتهم الكهروكيميائيَّة تستطيعُ إنتاج 13 أمبير كل ساعة لغرامٍ واحد من الكربون المسامي (كمِهبَط) مع تفريغ كهربائي يصلُ إلى حوالي 1.4 فولت. الطَّاقة المُنتجة عن طريق الخليَّة تُقارنُ بتلك التي تُنتجها نُظم البطاريَّات ذات الطَّاقة عالية الكثافة.

إنّ إنتاج وسائط شوارد أكسيجينيَّة، التي تتكون عندمَا يُخفض ثاني أكسيد الكربون في المِهبط، يعتبر من الجوانب المُثيرة لهذه الاكتشافات أيضًا، حسبَ آرشر. تتفاعل الشوارد مع ثاني أكسيد الكربون الخامل، مكوِّنةً أكسالات كربونيَّة تُستعمل بشكل واسع في الصّناعة، على غرار صناعة الأدوية، والألياف وصهرِ المعادن.

يقول آرشر: «تسمحُ العمليَّة بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى جزيئات تفاعليَّة أكثر مثل الأكسالات التي تحتوي على كربونَين، تفتحُ سلسلة من العمليَّات التفاعليَّة بالإمكان استعمالها من أجل الحصول على منتوجات متنوّعة»، من الجدير بالذّكر أنَّ إعداد الخليَّة الكهروكيميائيَّة يعتمدُ على طبيعة المنتوج الذي نُريده من الأكسالات.

يذكر السَّادات، الذي عمل على مركبة احتجاز الكربون في شركة آرامكو السعوديَّة: «أنَّ التقنيَّة الجديدة ليست محدودة الاستعمالي في تطبيقات المحطات الطاقويَّة. إنَّها مناسبة تمامًا للمركبات» ويقول أيضًا: «خصوصًا إذا فكَّرت في محرِّك احتراقٍ داخليّ ونظامٍ مُساعدٍ يعتمد على الطّاقة الكهربائيَّة».

ويذكر السادات أنَّ الألمنيوم هو المِصعد المثالي لهذه الخليَّة، لأنَّهُ موجود بوفرة، وأكثرُ أمانًا من المعادن الكثيفة الأخرى عاليَة الطَّاقة وأقلُّ سعرًا مقارنة بالمواد المُقترحة الأخرى (اللّيثيوم والصُّوديوم) مع كثافة طاقويَّة مكافئة لليّثيوم. كما أنَّ الكثير من مصانع الألمنيوم قد بدأت بالفعل في استعمال منشآت توليد الطَّاقة، وقد تساعد هذه التقنيَّة في توليد الطَّاقة وتقليص انبعاثات الكربون في نفس الوقت.

من سلبيَّات هذه التقنيَّة أنَّ الإلكتروليت -السَّائل المنحل كهربائيَّا التي يُوصِلُ المِصعد بالمِهبط- حسَّاسٌ للماء بشكل كبير. يقوم العمل الحاليُّ على دراسة أداء النُظمِ الكهروكيمائيَّة واستعمال إلكتروليت يكون أقلَّ حساسيَّة للماء.


إعداد: وليد سايس

تدقيق: عبدالسلام الطائي

المصدر