ما الفرق بين «الإزاحة للأحمر تحت تأثير دوبلر»
و «الإزاحة للأحمر الكونية أو الجذبَويَّة»؟


إذا انطلق جسم من الأرض ووصل إلى سرعة عالية ثابتة بعيدًا عن الأرض، بأيّ طريقة سيختلف تأثير دوبلر بين الأرض وهذا الجسم المبتعد وتأثير دوبلر بين الأرض وجسم آخر يبتعد بنفس السرعة، ولكن هل هذا نتيجة تمدد الفضاء فقط؟ يبدو للشخص العادي أن حالة الجسم المنطلق من الأرض يأتي تأثير دوبلر نتيجة الموجات التي تتعامل مع الزيادة السريعة والثابتة في وحدات المسافة بين الجسمين (وليس نتيجة تمدد تلك الوحدات التي تفصل بين الجسمين).

بينما في حالة الجسم المبتعد أيّ تأثير دوبلر سوف يتأثر بتمدد وحدات المسافة التي تنتقل خلالها هذه الموجات (وليس نتيجة زيادة وحدات مسافة إضافية بينهما).

في كلتا الحالتين، الضوء المنبعث من جسم ويُستَقبَل عن طريق جسم آخر يُزاح للأحمر. بمعنى آخر، سيتمدد طوله الموجي، أي سيصبح لون الضوء أقرب إلى الجزء الأحمر من الطيف. ولكن هناك فرق خفيّ ألمحت له نوعًا ما في السؤال.

في الحقيقة الحالة الأولى فقط (جسم قريب يتحرك بعيدًا عن الأرض) يُزاح للأحمر عن طريق تأثير دوبلر. لابد أنك اختبرت تأثير دوبلر ذات مرة حينما مرّ بجانبك قطار سريع ولاحظت تغير نغمة الصوت الصادرة من صفارة القطار إلى نغمة أقل أثناء ابتعادة. يمكن أن يحدث تأثير دوبلر لموجات الضوء أكثر (رغم أنّه لا يمكنك فهمها فهمًا صحيحًا دون معرفة الكثير عن النسبية الخاصة). اتضح أنها مثل موجات الصوت، فإن الطول الموجي للضوء الصادر من جسم متحرك بعيدًا عنك أطول من الطول الموجي لنفس الضوء عند قياسه في نفس إطار الجسم المتحرك المنبعث منه ذلك الضوء.

في حالة الأجسام البعيدة إذ يلعب تمدد الكون دورًا هامًا، فإن الإزاحة للأحمر تعود إلى ما يسمى بالإزاحة للأحمر الكونية، وهي نتيجة تأثير مختلف تمامًا. طبقًا للنسبية العامة فإن تمدد الكون لا يحتوي على أجسام تبتعد عن بعضها البعض، لكن بدلًا من ذلك تتمدد المسافة بين تلك الأجسام. أي ضوء يتحرك خلال هذه المسافة يتمددْ ويزددْ طوله الموجي أيضًا، بمعنى آخر تكون إزاحته إلى الأحمر.

(هذه حالة خاصة من ظاهرة عامة تسمى بالإزاحة للأحمر الجذبوية والتي توضح كيف يمكن لتأثير الجاذبية على الزمكان أن يغير من الطول الموجي للضوء المتحرك خلال هذا الزمكان. المثال التقليدي للإزاحة للأحمر الجذبوبية يمكن ملاحظته على سطح الأرض، حينما تسلط الضوء لأعلى برج وتقيس طوله الموجي حينما يتم إستقباله بالأعلى وتقارنه بطوله الموجي أثناء انبعاثه من المصدر، ستجد أن الطول الموجي قد زاد، وهذا يأتي نتيجة واقع أن الجاذبية الأرضية أقوى كلما اقتربنا من سطح الأرض، مسببة مرور الوقت أبطأ -أو إذا أردت أن تقول تمدد الوقت فهذا صحيح أيضًا- بالقرب من سطح الأرض وبذلك تؤثر على تردد الضوء ومن ثمَّ طوله الموجي).

من الناحية العملية فإن الفارق بين الإزاحة للأحمر تحت تأثير دوبلر والإزاحة للأحمر الكونية هو كالآتي: في حالة إزاحة دوبلر فإن العامل المهم والمؤثر هو السرعة النسبية للجسم المتحرك حينما ينبعث الضوء منه مقارنة بالسرعة ذاتها للجسم المستقبل أثناء إستقباله للضوء المنبعث. بعد انبعاث الضوء نستطيع تجاهل ما يحدث للجسم المشع للضوء فلن يؤثر على الطول الموجي للضوء الذي سيُستقبَل. في حالة الإزاحة للأحمر الكونية فإن الجسم المشع للضوء يتمدد بالتوازي مع باقي الكون، فإذا تغيّر معدل التمدد من الوقت الذي انبعث فيه الضوء إلى الوقت الذي استُقبِل فيه، فإن ذلك سيؤثر على الطول الموجي المُستقبَل. إجمالاً فإن الإزاحة للأحمر الكونية هي قياس محصلة التمدد الحادث للكون من الوقت الذي انبعث فيه الضوء إلى الوقت الذي سيُستَقبَل فيه.


ترجمة: محمد خالد عبدالرحمن
تدقيق : محمد نور

المصدر