سلسلة تاريخ الرياضيات تابع الرياضيات عند الإغريق-أفلاطو


Plato (c.428-348 BCE)
أفلاطون (428-348 قبل الميلاد)

عادة ما يذكر أفلاطون اليوم بصفته فيلسوفًا، ولكن يُعدُّ أفلاطون كذلك أحد أهمِّ علماء الرياضيات الإغريق. متأثرًا بفيثاغورث، أسَّس أفلاطون أكاديميته في أثينا عام 387 قبل الميلاد، حيث أكد على أنَّ الرياضيات هي وسيلةٌ لفهم الواقع. كان أفلاطون مقتنعًا بأن الهندسة على الأخص هي المفتاح لفك أسرار الكون. كانت اللافتة المعلقة على مدخل الأكاديمية تقول: “لا تدع أحدًا جاهلًا بالهندسة يدخل الى هنا.”

لعب أفلاطون دورًا هامًا في تشجيع المثقفين الإغريق على دراسة الرياضيات وكذلك الفلسفة. قدمت أكاديمية أفلاطون الرياضيات كفرعٍ من فروع الفلسفة، كما فعل فيثاغورث من قبله، كما تضمنت ال 10 سنوات الأولى من الدراسة الممتدة لمدة 15 عامًا دراسة العلوم والرياضيات بما فيها هندسة المستويات، هندسة المجسمات، الفلك والتناغم. عُرف أفلاطون باسم “صانع الرياضيات”، كما قدمت أكاديميته بعض أهم علماء الرياضيات في العالم القديم، بما فيهم إيودوكسوس (Eudoxus)، الثئيتتس (Theaetetus)، وأرخيتاس (Archytas).

طلب أفلاطون من تلامذته أن يقدموا تعريفاتٍ دقيقة، افتراضاتٍ واضحة، وإثباتاتٍ معتمِدةٍ على المنطق، كما أصرَّ على أن تكون كل الإثباتات باستخدام أداة مستقيمة وفرجارٍ فقط. تضمنت المسائل التي عرضها أفلاطون على تلامذته لحلها ما يعرف بالمسائل الكلاسيكية الثلاث (تربيع دائرة، مضاعفة مكعب، تقسيم زاوية إلى ثلاثة أجزاء متساوية)، عُرفت تلك المسائل باسم أفلاطون بدرجة كبيرة بالرغم من أنه لم يكن أول من وضع تلك المسائل.

عُرف أفلاطون كعالم رياضياتٍ بصورةٍ كبيرةٍ لتعريفه للأشكال ثلاثية الأبعاد المتماثلة ال 5، والتي أعتقد أنها أساس الكون، والتي أصبحت تسمى باسم المجسمات الأفلاطونية وهي: رباعي الأسطح (ويتكون من أربعة مثلثات متساوية الأضلاع، وهو ما أعتبره أفلاطون يمثل النار)، ثُمانيِّ الأسطح (ويتكون من 8 مثلثات ويمثل الهواء)، متعدد الأسطح العشروني (ويتكون من 20 مثلثًا، ويمثل الماء)، المكعب (ويتكون من 6 مربعات، ويمثل الأرض)، و متعدد الأسطح الاثنا عشري (ويتكون من 12 خماسيّ الأضلاع، وهو ما وصفه أفلاطون بغموض “الاله الذي يرتب الأبراج في السماء كلها”).

كانت مجسمات رباعي الأسطح والمكعب ومتعدد الأسطح الاثنا عشري في الأغلب معروفةً عند فيثاغورث، أما ثماني الأسطح ومتعدد الأسطح فقد أكتشفها الثئيتتس وهو معاصرٌ لأفلاطون. ولكن كان أقليدس (Euclid) هو من أثبت أن تلك المجسمات هي متعددات الوجوه المنتظمة الوحيدة وذلك بعد نصف قرنٍ تقريبًا.

ولكنها ظلت معروفةً باسم المجسمات الأفلاطونية، كما كانت مصدر إلهامٍ وتشجيعٍ لعلماء الرياضيات والهندسة لقرون عديدة. فعلى سبيل المثال استخدم عالم الفضاء الألماني يوهانس كيبلر (Johannes Kepler) المجسمات الأفلاطونية المتصلة ليضع تقريبًا للمسافات بين الشمس والكواكب المعروفة بصورةٍ جيدة (ولكنه كان عالمًا حقيقيًا حتى أنه رفض ذلك النموذج الرائع حين ثبت أنه غير دقيقٍ بصورةٍ كافية.)


ترجمة: جورج فام
تدقيق: بدر الفراك
المصدر